انتصرت مباراة القمة الكروية بين الأهلي والزمالك للمنطق والواقع وفارق الإمكانيات وفاز الفريق الأفضل والأحسن نسبيا والأكثر جاهزية فنيا وبدنيا ومعنويا ونفسيا بينما فشل الزمالك في اقتناص الفرصة التي لاحت له في الشوط الأول ليضرب "كرسيا في كلوب الفرح الأحمر" واكتفى بالمشاركة في "الزفة" ضمن المعازيم حتى ضيف الشرف (إبراهيم سعيد) أسعد جماهير ناديه القديم بحركة "خايبة" ليطرده الحكم الفرنسي فتزداد فرحة جماهير الأهلي التي كانت تخشى أن يعكنن سعيد عليها فرحتها. يمكن تقسيم المباراة فنيا إلى شوطين مختلفين تماما : الأول كان مملا عزف خلاله اللاعبون "نشازا" وخلا الأداء هنا وهناك من الانسجام وكأنها تقسيمة بين الفريقين اللدودين .. والثاني كان أفضل نسبيا وشهد ثلاثة أهداف حمراء جميلة بتوقيع " المهارة الفردية " و" المعلمة" التي يتميز بها نجوم الأهلي في مقابل التشتت الذهني لدفاع الزمالك لدرجة أن متعب سجل هدفه بتسديدة من بين أقدام مدافعين وسجل أبو تريكة الهدف الثاني بينما ثلاثة مدافعين يلبسون الفانلة البيضاء يحرسونه أما الهدف الثالث فكان ترجمة واقعية للاستسلام ورفع أصحاب الفانلات البيضاء اتلرايات البيض استسلاما ورضا بالهزيمة بشرط ألا تزيد عن الثلاثية القاسية. لعب الأهلي 5 3 1 1 بهدف السيطرة على منطقة الوسط وإحباط المحاولات البيضاء من المهد لكن اللاعبين لعبوا بهدوء شديد وكأنهم في نزهة وكان واضحا تأثرهم بالشحن المعنوي الزائد والجرعة التدريبية والنفسية المكثفة والخوف من هزيمة تعكر الفرحة بالدرع وتوقف مسيرة الانتصارات خاصة إذا جاءت من الخصم اللدود وتأثر الأد اء الأحمر بذلك كله وبالذات خط الدفاع الذي كان مشتت الذهن في الابداية وغاب الانسجام بين وائل جمعة وعماد النحاس ومن خلفهم عصام الحضري وكادت هذه الحالة الذهنية أن تتسبب في هدف مبكر في مرمى الحضري لولا مساندة القائم مرة ورعونة وتسرع عبد الحليم علي مرة أخرى.
ابراهيم سعيد فشل في تقديم صورة جديدة للجماهير اعتمد جوزيه على تكوين ثلاثيات جانبية : في اليمين الشاطر وبركات وشوقي وفي اليسار أبو مسلم وحسن مصطفى وأبو تريكة وكانت الناحية اليمنى أكثر نشاطا لتحركات بركات الأكثر نشاطا بينما مال أداء أبو تريكة للإرتماء في أحضان الدفاع الأبيض وفشل في تحقيق التفاهم المطلوب مع عماد متعب .. وبرغم أن المدير الفني للأهلي استهدف ملء منطقة الوسط بخمسة لاعبين للقضاء على هجمات الزمالك بالضغط المبكر مطبقا دفاع المنطقة إلا أن اللاعبين فشلوا في الشوط الأول في تنفيذ ذلك بينما نجحوا في ذلك في الشوط الثاني واستغلوا الإمكانيات الفردية للاعبين المهاريين والذين كانوا عنصر التفوق الأساسي للفريق ومحور الأمل التهديفي وبالفعل كانوا عند حسن الظن. حاول جوزيه تعديل طريقة لعب الفريق بعد الاطمئنان على الفوز فعاد للعب بطريقة 3 5 2 التي يجيدها الفريق في معظم المباريات وذلك بعد أن لاحظ أن روح لاعبي الزمالك قد ضعفت وأصبح هدفهم الرئيسي هو عدم تكرار فضيحة "الستة" وأشرك حسام عاشور مكان شوقي وخالد بيبو بدلا من إسلام الشاطر وهو تغيير تكتيكي ونفسي في نفس الوقت قتل البقية الباقية من الروح البيضاء .. حتى بدا الأهلي وقد فاز بأقل مجهود برغم حماس الخصم ورغبته الكبيرة في بداية المباراة وحتى نهاية الشوط الأول. البرازيلي كابرال المدير الفني للزمالك حاول أن يقرأ فكر خصمه جوزيه لكنه فكر بطريقته هو وليس بطريقة البرتغالي الماكر فلعب بطريقة 5 3 2 وضغط من منتصف ملعب الأهلي ونجح بشكل كبير في الشوط الأول وحافظ على شباكه نظيفه وضاعت منه فرص لا تقل عما ضاع من الأهلي إن لم تزد .. ولكن كان واضحا تأثر اللاعبين بالحمل الزائد تدريبيا ونفسيا خاصة في الشوط الثاني الذي نجح فيه الأهلي في أن يفرض كلمته على أحداث المباراة وبالطريقة التي اختارها واستسلم لها لاعبو الريق الأبيض.
هل خدع جوزيه خصمه اللدود كابرال ؟ أم أن أوراق المدرب البرازيلي هي التي خذلته في هذه المباراة؟ الإجابة المنطقية هي : الإثنين معا يضاف إليهما أن أوراق جوزيه أفضل ووصل بعضها إلى مرحلة النضج الفني والخططي ففازوا وهم في نزهة أو على الأقل هكذا بدت الصورة خلال هذه المباراة غريبة الأطوار لم يكن وائل القباني في حالته الفنية المتميزة ومازال أمامه بعض الوقت ليستعيد مستواه ولم يكن موفقا في التنسيق مع زميليه مدحت عبد الهادي ومحمد صديق وبرغم نجاح الأثنين في مراقبة عماد متعب وأبو تريكة في الشوط الأول ولمعظم الهجمات الحمراء إلا أن الدفاع الأبيض في الشوط الثاني كان في حالة توهان وكأن مهمتهم أحيانا حماية مهاجمي الأهلي وليس إيقاف خطورتم ويمكن القول أن ثلاثي الدفاع يتحمل مسئولية هذه الأهداف وكذلك لاعبي الوسط والظيرين وبالذات الهدفين الثاني والثالث اللذين كشفا غياب التفاهم بين لاعبي الزمالك المكلفين بالدفاع. ولا شك أن الزمالك تأثر بغياب بعض لاعبيه مثل جمال حمزة الذي لعب بدلا منه صالح سدير في غير مركزه ليخرج في الشوط الثاني ولم يشعر به أحد ولم يكن بديله وليد صلاح عبد اللطيف بأحسن حالا منه .. كما تأثر الفريق بغياب حازم إمام معنويا قبل أن يكون فنيا وفشل إبراهيم سعيد في أ