مستقبل وطن ينظم مؤتمرات حاشدة لتشجيع المواطنين على المشاركة في انتخابات النواب| فيديو    البابا تواضروس: أدعوكم أن تتعرفوا على بلادنا مصر بتاريخها العريق وحضارتها الممتدة    أسعار الذهب تواصل الانهيار.. وانخفاض كبير في قيمة الجرام    بيسكوف: العقوبات الأمريكية ستكون بلا جدوى كسابقاتها    فراس العجارمة: الخلافات الفلسطينية ليست جديدة لكنها اليوم أمام مفترق تاريخي حاسم    تامر حسني يشعل حفل جامعة بدر ويعلق: "أجمل حفلات حياتي" (صور)    استقرار أسعار الدواجن رغم زيادة البنزين.. وتوقعات بارتفاع طفيف خلال الشتاء    وزير الشؤون النيابية: البرلمانات العربية والآسيوية تتحمل مسؤولية مراجعة منظوماتها التشريعية    مجلس حكماء المسلمين يدين بشدة مصادقة الكنيست الإسرائيلي لفرض السيادة على الضفة الغربية    يلا شووووت.. الليلة نانت يواجه باريس إف سي في مواجهة صعبة بالدوري الفرنسي    آس: رافينيا خارج الكلاسيكو ومدة غيابه تمتد لشهر    محمد وهبي - مُعلم خجول أصبح بطلا للعالم.. ورحلة خاصة ل فهم اللعبة واكتشاف المواهب    بالفيديو.. هدف بن شرقي ينافس على الأفضل في الجولة ال11 للدوري    مصرع 4 عناصر جنائية شديدة الخطورة عقب تبادل إطلاق النيران مع الشرطة    مصرع ربة منزل على يد زوجها بشبرا الخيمة إثر خلافات أسرية    الرقابة المالية تستعد لتطبيق المشتقات بالبورصة المصرية في 2026    لأول مرة.. مهرجان الموسيقى العربية يعزز نجاحه المحلي وينطلق دوليًا بثلاث حفلات بالإمارات    تعرف على الفئات المعفاة من رسوم دخول المتحف المصري الكبير وأسعار التذاكر    الجدل يتجدد في أمريكا حول إلغاء التوقيت الصيفي واعتماد توقيت دائم    انطلاق القافلة الدعوية المشتركة بين الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء المصرية إلى شمال سيناء    محافظ أسيوط يشدد على إزالة الإشغالات والتعديات لتحقيق الانضباط    جمارك مطار أسيوط تضبط تهريب كمية من مستحضرات التجميل    أمن القاهرة يوجه ضربات حاسمة لعصابات السرقة    قناة كان الإسرائيلية: الشرطة تستعد لاحتمال تسليم حماس جثتي أسرى إسرائيليين    قطر: نجاح اتفاق إنهاء الحرب في قطاع غزة مسئولية جماعية    تداول 13 ألف طن و604 شاحنات بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    وزارة الصحة تعلن محاور المؤتمر العالمي للسكان والتنمية البشرية    نائب وزير الصحة يوجه بإحالة مدير مستشفى حلوان العام إلى الشئون القانونية    «التأمين الشامل» يواصل تسجيل وتحديث بيانات المواطنين في أسوان لضمان وصول الخدمات لكافة الأسر    جذوره تعود لآل البيت.. من هو إبراهيم الدسوقي بعد تعليق الدراسة أسبوعًا بسبب مولده؟    من العدم إلى الخلود.. الداعية مصطفى حسني من جامعة القاهرة: الإنسان يمر ب4 مراحل (تفاصيل)    عالم أزهري: أكثر اسمين من أسماء الله الحسنى تكرارًا في القرآن هما الرحمن والرحيم    إصابة شاب في تصادم سيارة بسور استراحة محافظ مطروح    إعدام 187 كيلو مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك خلال حملات تموينية في أسوان    بينها «مؤتمر الذكاء الاصطناعي واجتماع فولبرايت».. الحصاد الأسبوعي للتعليم العالي (تفاصيل)    الجيش الإسرائيلي يوصى المستوى السياسي بعدم عودة السكان الفلسطينيين إلى المنطقة العازلة    أوسكار رويز يطير للإمارات 4 نوفمبر لحضور مباريات السوبر المصرى    بعثات أثرية فرنسية وإيطالية تواصل أعمالها فى مناطق آثار الفيوم    أبراج تشارك حياتها الخاصة مع متابعيها على السوشيال ميديا.. أبرزهم برج الحمل    الوزير: افتتاح مصنع جديد في صناعة الضفائر الكهربائية للمركبات قريبا    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.. وحكم الاستماع إليها من الهاتف    سر ساعة الإجابة يوم الجمعة وفضل الدعاء في هذا الوقت المبارك    أفضل الأدعية والأذكار المستحبة في يوم الجمعة وفضائل هذا اليوم المبارك    وزيرة التنمية المحلية: إزالة أدوار مخالفة في حي الزيتون بالقاهرة واتخاذ إجراءات قانونية حازمة تجاه المخالفين    أشعل سيجارة أثناء تفريغ البنزين.. حريق ورشة بالعجوزة يودي بحياة سيدة وابنتها ويصيب الزوج بحروق    رئيس فنزويلا يتحدى ترامب: أنا الشعب    مجلة فوربس: رئيس الرعاية الصحية ضمن أبرز 10 قادة حكوميين بالشرق الأوسط لعام 2025    وزير الدفاع ورئيس الأركان يلتقيان رئيس أركان القوات البرية الباكستانية    هل تم دعوة محمد سلام لمهرجان الجونة؟.. نجيب ساويرس يحسم الجدل    خطة مانشستر يونايتد لضم نجم نوتنجهام فورست    الأزهر يجيب.. ما حكم صلاة المرأة بالبنطلون ؟    فرق سلامة المرضى تواصل جولاتها الميدانية داخل الوحدات الصحية ببني سويف    آخر فرصة للتقديم لوظائف بشركة في السويس برواتب تصل ل 17 ألف جنيه    هنادي مهنا: «أوسكار عودة الماموث» يصعب تصنيفه وصورناه خلال 3 سنوات بنفس الملابس    فردوس عبدالحميد: كنت خجولة طول عمري والقدر قادني لدخول عالم التمثيل    «مبحبش أشوف الكبير يستدرج للحتة دي».. شريف إكرامي يفاجئ مسؤولي الأهلي برسائل خاصة    المشهراوي: لا بد من إطلاق إعمار غزة سريعًا لتثبيت صمود الشعب    التجربة المغربية الأولى.. زياش إلى الوداد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الوطن يوم 16 - 02 - 2016

التجديد فى الفكر الإسلامى لازمة من لوازم شريعتنا السمحة لا يمكن أن ينفك عنها، ولا يمكن للشريعة أن تساير حاجات الناس وتواكب متطلباتهم من دونه، فالأحكام المحسومة التى لا تقبل التغيير ولا التبديل فى الشريعة الإسلامية قليلة جداً؛ حيث تكاد تنحصر فى أركان الإسلام وبعض المحرمات المحدودة، وفى المقابل نجد أن ما لا يُحصى من فروع الشريعة الإسلامية مرن يقبل التطويع ليناسب زمان الناس وأحوالهم. ونظرة عجلى إلى تاريخ التجديد والمجددين فى الفكر الإسلامى تظهر لنا اتفاق العلماء على أن مجدد القرن الأول هو الخليفة عمر بن عبدالعزيز، ويتفقون كذلك على أنه يأتى على رأس القرن الثانى الإمام الشافعى، ثم يختلفون بعدهما، هل كان على رأس كل قرن مجدد واحد أو أكثر من مجدد، وإن كان ثمة اتفاق على أن التجديد فى الفكر الإسلامى لم ينقطع فى عصر من عصور الإسلام قديماً وحديثاً حتى انتهى إلى الشيخ شلتوت، ومصطفى الزرقا، وعلى الطنطاوى، والدكتور أحمد الشرباصى، مروراً بالشيخ محمد عبده، وغيره من العلماء الأفذاذ.
وفى الحقيقة فإن الناظر المدقق فى تاريخ الإسلام والمستوعب لأحكام شريعته يدرك أن الإسلام دين متجدد حتى فى وصوله للناس؛ فأركان الإسلام وفرائضه الأساسية لم تنزل على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، دفعة واحدة؛ حيث بدأ الإسلام بركن واحد، وهو توحيد الله، عز وجل، والإيمان برسوله، وقد تمثل ذلك فى الشهادتين، ويكاد ينحصر أكثر من نصف مدة الرسالة فى إقرار هذا الركن، وترسيخه فى نفوس المسلمين، ثم يفرض الركن بعد الركن ويتخلل ذلك بيان المحرمات والسلوكيات والأخلاقيات حتى اكتمل الدين قبيل وفاة النبى، صلى الله عليه وسلم، وبناء الإسلام ركناً بعد ركن وفرض أحكامه حكماً بعد حكم هو نوع من التجديد؛ حيث ينحصر الإسلام فى فترة ما فى ركن معين، ثم يضاف ركن ثان، فثالث، حتى اكتمل الدين بفرائضه وسننه، وهكذا تعد كل مرحلة من المراحل صورة جديدة للإسلام لا تغنى عنها سابقتها.
وهناك العديد من صور التجديد فى التاريخ الإسلامى، منها المنع من تدوين السنة النبوية ابتداءً، ثم الإذن بتدوينها، والنهى عن زيارة القبور، ثم الدعوة إلى زيارتها للاتعاظ وتذكُّر الآخرة، ووجوب الهجرة من بلاد الكفر ينتهى بفتح مكة، لتكون الهجرة بعد ذلك جهاداً ونية لا هجرة بدنية، كل هذا وغيره من مظاهر التجديد فى شريعة الإسلام، وليس أدل على ذلك من إقرار الرسول، صلى الله عليه وسلم، لآلية الاجتهاد فى استنباط الأحكام، وذلك عند سؤاله لسيدنا معاذ بن جبل حين أرسله إلى اليمن قاضياً: بِمَ تحكم؟ قال: بكتاب الله. قال: فإن لم تجد؟ قال: بسنة رسول الله. قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيى ولا آلو. فقال صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذى وفق رسول رسول الله لما يرضى الله ورسوله. ولا شك أن الاجتهاد من قبل المؤهلين له هو آلية من آليات التجديد، ولِمَ لا وقد نصَّ عليه النبى، صلى الله عليه وسلم، صراحة حين قال: إذا حكم الحاكم، فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد؟! ففى هذا الحديث ليس إقراراً للاجتهاد والتجديد فقط، ولكن فيه أيضاً طمأنة للمجتهدين حتى لا يتهيبوا الاجتهاد واستنباط الأحكام المناسبة لزمان الناس وأحوالهم والمنضبطة بقواعد الشرع.
وقد سار الصحابة، رضوان الله عليهم، على هذا النهج الذى أرساه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فاستطاعوا باجتهادهم حل كثير من المسائل التى لم تظهر فى زمن النبوة، ومن أبرزها مسألة الخلافة التى اجتهد فيها أهل الحل والعقد من الصحابة حتى انتهوا إلى أحقية أبى بكر الصديق بها، ثم بعد وفاته انتهوا إلى أحقية عمر بن الخطاب بها، ثم تولى عثمان بن عفان، ثم على بن أبى طالب، رضى الله عنهم جميعاً. والمدقق فى أمر الخلافة يجد أنها لم تكن على نمط واحد، وإنما كانت أنماطاً متعددة، فهى إن كانت فى كل صورها تعتمد على حاكم واحد للمسلمين، فإنها تختلف فى طرق اختياره؛ فطريقة اختيار الصديق، خالفت طريقة اختيار عمر، وهى بدورها اختلفت عن طريقة انتخاب عثمان بن عفان، وطريقة تولى الخليفة الرابع على بن أبى طالب تختلف عن الطرق الثلاث. ومن المسائل التى اجتهد فيها الصحابة مسألة الردة؛ حيث انتهى الصديق إلى قتال المرتدين مع استقامتهم على بعض أركان الإسلام، ومنها أيضاً وقف عمر بن الخطاب صرف الزكاة للمؤلفة قلوبهم مع أنه منصوص عليه فى القرآن الكريم، وإشراكه الإخوة الأشقاء مع الإخوة لأم فيما يعرف بالمسألة العمرية أو الحجرية، وقد أشرك الصديق قبله الجدتين فى سدس واحد.
وقد استمرت مسيرة التجديد والاجتهاد لاستنباط الأحكام الشرعية فيما لم يرد فيه نقل من الكتاب والسنة، وبلغت هذه المسيرة ذروة سنامها بظهور المذاهب الفقهية؛ حيث لا تكاد تخلو كتب المذهب الواحد من أكثر من رواية فى المسألة الواحدة، فالإمام الشافعى على سبيل المثال يقال إن له مذهبين: قديم وهو ما كان فى العراق، وجديد وهو ما قاله فى مصر؛ حيث تغير رأيه فى كثير من المسائل نظراً لتغير الأعراف والأحوال بين العراق ومصر، ولم يقتصر الأمر عند الإمام أبى حنيفة على تعدد اجتهاده فى المسألة الواحدة، بل سلك مسلكاً أنكره عليه كثير من أقرانه؛ حيث افتراضه مسائل لم تقع واستنباط أحكامها الفقهية، وهو ما عرف فيما بعد ب«الفقه الافتراضى».
وهكذا استمرت مسيرة التجديد فى الفكر الإسلامى ابتداء من عصر النبوة مروراً بزمن الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى العصر الحديث، وستستمر هذه المسيرة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ فهذه سنة الله فى الكون، وهى قاعدة مسلَّمة فى شريعتنا، وحقيقة ثابتة فى تاريخ إسلامنا، ولولا أن شهادتى مجروحة، لذكرت جهود بعض المجددين الأحياء الذين يعيشون بيننا الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.