رئيس جامعة حلوان يشهد افتتاح فعاليات المهرجان الأول لتحالف جامعات إقليم القاهرة الكبري    سعر الدولار بالبنوك المصرية في بداية تعاملات اليوم الإثنين 12-5-2025    سعر اللحوم الحمراء اليوم الإثنين 12 مايو    نائب يكشف وقائع خطيرة تتعلق ب«البنزين المغشوش» ويطالب بتحرك عاجل من الحكومة    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة قوات الاحتلال    زيلينسكي: مستعد لإجراء مفاوضات مع بوتين في تركيا    15 شهيدا بينهم أطفال إثر قصف الاحتلال مدرسة تؤوى نازحين شمال غزة    موعد مباراة أتالانتا ضد روما في الدوري الإيطالي والقناة الناقلة    إغلاق ميناء العريش البحري لسوء الأحوال الجوية    تقرير المعمل الكيماوي بشأن مواد مخدرة حاولت راقصة شهيرة تهريبها عبر المطار    اليوم.. إعادة محاكمة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية فى بولاق    إصابة طفلة سقطت من الطابق الثاني فى أوسيم    أصالة توجه رسالة دعم ل بوسي شلبي    قصر العيني يحصد اعتمادًا أوروبيًا كأحد أفضل مراكز رعاية مرضى قصور عضلة القلب    «شملت 8 قيادات».. حركة تغييرات موسعة في «صحة الإسكندرية» (الأسماء)    في حوار خاص.. رئيس مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير يتحدث عن التحديات والرهانات والنجاح    مباشر.. القناة الناقلة لمباراة الأهلي والزمالك اليوم في السوبر الإفريقي لكرة اليد    برلماني أوكراني يشير إلى السبب الحقيقي وراء الإنذار الغربي لروسيا    جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة: الهلال والنصر.. مصر وغانا في أمم إفريقيا للشباب    سعر التفاح والموز والفاكهة في الأسواق اليوم الإثنين 12 مايو 2025    موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 وقيمة الحد الأدنى للأجور    أسعار سبائك الذهب 2025 بعد الانخفاض.. «سبيكة 10 جرام ب 54.851 جنيه»    أغنية مش مجرد حب لرامي جمال تقترب من تحقيق مليون مشاهدة (فيديو)    المطورين العقاريين: القطاع العقاري يُمثل من 25 إلى 30% من الناتج القومي    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    تزامنا مع زيارة ترامب.. تركيب الأعلام السعودية والأمريكية بشوارع الرياض    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب جنوب غربي الصين    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    لبنى عبد العزيز لجمهورها: الحياة جميلة عيش اليوم بيومه وماتفكرش فى بكرة    يارا السكري ترد على شائعة زواجها من أحمد العوضي (فيديو)    النصر يتطلع للعودة إلى الانتصارات بنقاط الأخدود    حكم اخراج المال بدلا من شراء الأضاحي.. الإفتاء تجيب    حريق هائل يلتهم مزارع المانجو بالإسماعيلية والدفع بسيارات إطفاء للسيطرة عليه    أمن الإسماعيلية: تكثيف الجهود لكشف لغز اختفاء فتاتين    أمريكا تعلق واردات الماشية الحية من المكسيك بسبب الدودة الحلزونية    حقيقة وفاة الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق    مدير الشباب والرياضة بالقليوبية يهنئ الفائزين بانتخابات برلمان طلائع مصر 2025    حبس وغرامة تصل ل 100 ألف جنيه.. من لهم الحق في الفتوى الشرعية بالقانون الجديد؟    المهندس أحمد عز رئيسا للاتحاد العربى للحديد والصلب    تكليف «عمرو مصطفى» للقيام بأعمال رئيس مدينة صان الحجر القبلية بالشرقية    خاص| سلطان الشن يكشف عن موعد طرح أغنية حودة بندق "البعد اذاني"    عمرو سلامة عن مسلسل «برستيج»: «أكتر تجربة حسيت فيها بالتحدي والمتعة»    عاجل- قرار ناري من ترامب: تخفيض أسعار الأدوية حتى 80% يبدأ اليوم الإثنين    «انخفاض مفاجئ».. بيان عاجل بشأن حالة الطقس: كتلة هوائية قادمة من شرق أوروبا    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    وزيرا خارجية الأردن والإمارات يؤكدان استمرار التشاور والتنسيق إزاء تطورات الأوضاع بالمنطقة    تبدأ في هذا الموعد.. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي بمحافظة أسوان 2025 (رسميًا)    منافسة رونالدو وبنزيما.. جدول ترتيب هدافي الدوري السعودي "روشن"    نجم الزمالك السابق: تعيين الرمادي لا يسئ لمدربي الأبيض    ندوة "العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في فتاوى دار الإفتاء المصرية" بالمركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي    مشاجرة عائلية بسوهاج تسفر عن إصابتين وضبط سلاح أبيض    مع عودة الصيف.. مشروبات صيفية ل حرق دهون البطن    خبر في الجول - جاهزية محمد صبحي لمواجهة بيراميدز    حسام المندوه: لبيب بحاجة للراحة بنصيحة الأطباء.. والضغط النفسي كبير على المجلس    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الوطن يوم 16 - 02 - 2016

التجديد فى الفكر الإسلامى لازمة من لوازم شريعتنا السمحة لا يمكن أن ينفك عنها، ولا يمكن للشريعة أن تساير حاجات الناس وتواكب متطلباتهم من دونه، فالأحكام المحسومة التى لا تقبل التغيير ولا التبديل فى الشريعة الإسلامية قليلة جداً؛ حيث تكاد تنحصر فى أركان الإسلام وبعض المحرمات المحدودة، وفى المقابل نجد أن ما لا يُحصى من فروع الشريعة الإسلامية مرن يقبل التطويع ليناسب زمان الناس وأحوالهم. ونظرة عجلى إلى تاريخ التجديد والمجددين فى الفكر الإسلامى تظهر لنا اتفاق العلماء على أن مجدد القرن الأول هو الخليفة عمر بن عبدالعزيز، ويتفقون كذلك على أنه يأتى على رأس القرن الثانى الإمام الشافعى، ثم يختلفون بعدهما، هل كان على رأس كل قرن مجدد واحد أو أكثر من مجدد، وإن كان ثمة اتفاق على أن التجديد فى الفكر الإسلامى لم ينقطع فى عصر من عصور الإسلام قديماً وحديثاً حتى انتهى إلى الشيخ شلتوت، ومصطفى الزرقا، وعلى الطنطاوى، والدكتور أحمد الشرباصى، مروراً بالشيخ محمد عبده، وغيره من العلماء الأفذاذ.
وفى الحقيقة فإن الناظر المدقق فى تاريخ الإسلام والمستوعب لأحكام شريعته يدرك أن الإسلام دين متجدد حتى فى وصوله للناس؛ فأركان الإسلام وفرائضه الأساسية لم تنزل على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، دفعة واحدة؛ حيث بدأ الإسلام بركن واحد، وهو توحيد الله، عز وجل، والإيمان برسوله، وقد تمثل ذلك فى الشهادتين، ويكاد ينحصر أكثر من نصف مدة الرسالة فى إقرار هذا الركن، وترسيخه فى نفوس المسلمين، ثم يفرض الركن بعد الركن ويتخلل ذلك بيان المحرمات والسلوكيات والأخلاقيات حتى اكتمل الدين قبيل وفاة النبى، صلى الله عليه وسلم، وبناء الإسلام ركناً بعد ركن وفرض أحكامه حكماً بعد حكم هو نوع من التجديد؛ حيث ينحصر الإسلام فى فترة ما فى ركن معين، ثم يضاف ركن ثان، فثالث، حتى اكتمل الدين بفرائضه وسننه، وهكذا تعد كل مرحلة من المراحل صورة جديدة للإسلام لا تغنى عنها سابقتها.
وهناك العديد من صور التجديد فى التاريخ الإسلامى، منها المنع من تدوين السنة النبوية ابتداءً، ثم الإذن بتدوينها، والنهى عن زيارة القبور، ثم الدعوة إلى زيارتها للاتعاظ وتذكُّر الآخرة، ووجوب الهجرة من بلاد الكفر ينتهى بفتح مكة، لتكون الهجرة بعد ذلك جهاداً ونية لا هجرة بدنية، كل هذا وغيره من مظاهر التجديد فى شريعة الإسلام، وليس أدل على ذلك من إقرار الرسول، صلى الله عليه وسلم، لآلية الاجتهاد فى استنباط الأحكام، وذلك عند سؤاله لسيدنا معاذ بن جبل حين أرسله إلى اليمن قاضياً: بِمَ تحكم؟ قال: بكتاب الله. قال: فإن لم تجد؟ قال: بسنة رسول الله. قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيى ولا آلو. فقال صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذى وفق رسول رسول الله لما يرضى الله ورسوله. ولا شك أن الاجتهاد من قبل المؤهلين له هو آلية من آليات التجديد، ولِمَ لا وقد نصَّ عليه النبى، صلى الله عليه وسلم، صراحة حين قال: إذا حكم الحاكم، فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد؟! ففى هذا الحديث ليس إقراراً للاجتهاد والتجديد فقط، ولكن فيه أيضاً طمأنة للمجتهدين حتى لا يتهيبوا الاجتهاد واستنباط الأحكام المناسبة لزمان الناس وأحوالهم والمنضبطة بقواعد الشرع.
وقد سار الصحابة، رضوان الله عليهم، على هذا النهج الذى أرساه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فاستطاعوا باجتهادهم حل كثير من المسائل التى لم تظهر فى زمن النبوة، ومن أبرزها مسألة الخلافة التى اجتهد فيها أهل الحل والعقد من الصحابة حتى انتهوا إلى أحقية أبى بكر الصديق بها، ثم بعد وفاته انتهوا إلى أحقية عمر بن الخطاب بها، ثم تولى عثمان بن عفان، ثم على بن أبى طالب، رضى الله عنهم جميعاً. والمدقق فى أمر الخلافة يجد أنها لم تكن على نمط واحد، وإنما كانت أنماطاً متعددة، فهى إن كانت فى كل صورها تعتمد على حاكم واحد للمسلمين، فإنها تختلف فى طرق اختياره؛ فطريقة اختيار الصديق، خالفت طريقة اختيار عمر، وهى بدورها اختلفت عن طريقة انتخاب عثمان بن عفان، وطريقة تولى الخليفة الرابع على بن أبى طالب تختلف عن الطرق الثلاث. ومن المسائل التى اجتهد فيها الصحابة مسألة الردة؛ حيث انتهى الصديق إلى قتال المرتدين مع استقامتهم على بعض أركان الإسلام، ومنها أيضاً وقف عمر بن الخطاب صرف الزكاة للمؤلفة قلوبهم مع أنه منصوص عليه فى القرآن الكريم، وإشراكه الإخوة الأشقاء مع الإخوة لأم فيما يعرف بالمسألة العمرية أو الحجرية، وقد أشرك الصديق قبله الجدتين فى سدس واحد.
وقد استمرت مسيرة التجديد والاجتهاد لاستنباط الأحكام الشرعية فيما لم يرد فيه نقل من الكتاب والسنة، وبلغت هذه المسيرة ذروة سنامها بظهور المذاهب الفقهية؛ حيث لا تكاد تخلو كتب المذهب الواحد من أكثر من رواية فى المسألة الواحدة، فالإمام الشافعى على سبيل المثال يقال إن له مذهبين: قديم وهو ما كان فى العراق، وجديد وهو ما قاله فى مصر؛ حيث تغير رأيه فى كثير من المسائل نظراً لتغير الأعراف والأحوال بين العراق ومصر، ولم يقتصر الأمر عند الإمام أبى حنيفة على تعدد اجتهاده فى المسألة الواحدة، بل سلك مسلكاً أنكره عليه كثير من أقرانه؛ حيث افتراضه مسائل لم تقع واستنباط أحكامها الفقهية، وهو ما عرف فيما بعد ب«الفقه الافتراضى».
وهكذا استمرت مسيرة التجديد فى الفكر الإسلامى ابتداء من عصر النبوة مروراً بزمن الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى العصر الحديث، وستستمر هذه المسيرة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ فهذه سنة الله فى الكون، وهى قاعدة مسلَّمة فى شريعتنا، وحقيقة ثابتة فى تاريخ إسلامنا، ولولا أن شهادتى مجروحة، لذكرت جهود بعض المجددين الأحياء الذين يعيشون بيننا الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.