برلمانية تزور مطرانية 6 أكتوبر وأوسيم لتقديم التهنئة بعيد القيامة| صور    «العمل»: جولات تفقدية لمواقع العمل ولجنة للحماية المدنية لتطبيق اشتراطات السلامة والصحة بالإسماعيلية    العمل الحر    وزير الإسكان: 98 قراراً وزارياً لاعتماد التصميم العمراني لعدد من المشروعات بالمدن الجديدة    رئيس الصين يصل إلى فرنسا في جولته الأوروبية الأولى منذ 2019    باحث يكشف أبرز ملفات النقاش على طاولة مباحثات ماكرون والرئيس الصيني    جيش روسيا يعلن السيطرة على «أوشيريتين» الأوكرانية    الخارجية الفلسطينية تطالب بتفعيل نظام الحماية الدولية للشعب الفلسطيني    ليفربول يتقدم على توتنهام بهدفين في الشوط الأول    محافظ الغربية: استمرار الحملات المكبرة على الأسواق خلال شم النسيم    نقل مصابين اثنين من ضحايا حريق سوهاج إلى المستشفى الجامعي ببني سويف    قرارات حاسمة ضد مدير مدرسة ومعلم بعد تسريب امتحان الصف الرابع ببني سويف    ليست نكتة.. رئيس الهيئة المصرية للكتاب يعلق على حديث يوسف زيدان (فيديو)    احتفل به المصريون منذ 2700 قبل الميلاد.. الحدائق والمتنزهات تستقبل احتفالات أعياد شم النسيم    كل سنه وانتم طيبين.. عمرو سعد يهنئ متابعيه بمناسبة شم النسيم    تامر عاشور يضع اللمسات الأخيرة على أحدث أغانيه، ويفضل "السينجل" لهذا السبب    بالفيديو.. أمينة الفتوى: الحب الصادق بين الزوجين عطاء بلا مقابل    أمينة الفتوى: لا مانع شرعي فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    بالفيديو.. 10 أعراض للتسمم من الفسيخ الرنجة في شم النسيم    أكل الجزر أفضل من شربه    تكثيف أمني لكشف ملابسات العثور على جثة شاب في ظروف غامضة بقنا    يوسف زيدان يرد على اتهامه بالتقليل من قيمة عميد الأدب العربي    انطلاق مباراة ليفربول وتوتنهام.. محمد صلاح يقود الريدز    "صحة المنوفية" تتابع انتظام العمل وانتشار الفرق الطبية لتأمين الكنائس    الآن.. طريقة الاستعلام عن معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    فى لفتة إنسانية.. الداخلية تستجيب لالتماس سيدة مسنة باستخراج بطاقة الرقم القومى الخاصة بها وتسليمها لها بمنزلها    انتشال أشلاء شهداء من تحت أنقاض منزل دمّره الاحتلال في دير الغصون بطولكرم    الأهلي يبحث عن فوز غائب ضد الهلال في الدوري السعودي    وزير الرياضة يتفقد مبنى مجلس مدينة شرم الشيخ الجديد    الحكومة الإسرائيلية تقرر وقف عمل شبكة قنوات الجزيرة    تقرير: ميناء أكتوبر يسهل حركة الواردات والصادرات بين الموانئ البرية والبحرية في مصر    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة بمحافظة الإسماعيلية خلال العام المالي الجاري    رئيس مدينة مرسى مطروح يعلن جاهزية المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين لاستقبال طلبات التصالح    وزارة العمل تنظم ندوة لنشر تقافة الصحة المهنية بين العاملين ب"إسكان المنيا الجديدة"    5 مستشفيات حكومية للشراكة مع القطاع الخاص.. لماذا الجدل؟    موعد استطلاع هلال ذي القعدة و إجازة عيد الأضحى 2024    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    التنمية المحلية: استرداد 707 آلاف متر مربع ضمن موجة إزالة التعديات بالمحافظات    وزير الرياضة يشكل لجنة للتفتيش المالي والإداري على نادي الطيران    شريف عبدالمنعم عن سعادته بفوز الأهلي أمام الجونة: حسم المباريات وجمع النقاط الأهم    «شباب المصريين بالخارج» مهنئًا الأقباط: سنظل نسيجًا واحدًا صامدًا في وجه أعداء الوطن    بالتزامن مع ذكرى وفاته.. محطات في حياة الطبلاوي    جناح مصر بمعرض أبو ظبي يناقش مصير الصحافة في ظل تحديات العالم الرقمي    استشهاد ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين في غارة إسرائيلية على بلدة ميس الجبل جنوب لبنان    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 3 مج.ازر في غزة راح ضحيتها 29 شهيدا    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    بين القبيلة والدولة الوطنية    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    طوارئ بمستشفيات بنها الجامعية في عيد القيامة وشم النسيم    في إجازة شم النسيم.. مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة بالغربية    تكريم المتميزين من فريق التمريض بصحة قنا    افتتاح مركز الإبداع الفني بمتحف نجيب محفوظ.. يونيو المقبل    مختار مختار يطالب بإراحة نجوم الأهلي قبل مواجهة الترجي    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    محافظ القليوبية يشهد قداس عيد القيامة المجيد بكنيسة السيدة العذراء ببنها    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقوق السيد المؤلف
نشر في الوطن يوم 13 - 12 - 2012

أتأمل مدهوشا تلك القنوات الفضائية، ومحطات الإذاعات المرسلة التى تنمو كالفطر فى سماء وطننا العربى السعيد، فتروعنى الكثرة، وتدهشنى زحمة الكلام، وأعيش لحظات من خيال علمى وكأن الأصوات قد اختلطت ببعضها فى حالة من الثرثرة الدائمة التى تغيب وعى الناس، وتثبت الأحوال على ما هى عليه من الثبات وعدم التغيير.
أفكار، وأفكار أخرى مضادة.. حوارات زاعقة لا تفضى إلى شىء.. ومذيع يبدو مثل حكام مباريات المصارعة الحرة، وأنت تهتف لنفسك: «لا حول ولا قوة إلا بالله!».. قضايا مختلقة تليق بالكلمات التى أوجدتها.. وبشر أمام الكاميرات يجلسون كل يوم، يبدون مثل تماثيل الشمع فى المتاحف، يفتون، ولا يصدقون ما يقولون.
يكثر الكلام، وتكثر المطالبة بالحرية والديمقراطية، والخروج من أسر الماضى، واستشراف مستقبل الأمة.. والبعض يتوجه للسلام، والآخر يطالب بالحرب والنضال حتى نعيد للأمة شرفها المهدر، ويشتد الصراخ، ويمضى الليل والنهار وكل شىء على حاله لا يتغير، فى مكانه ثابت ثبات الزمن، تختلط فيه البدايات بالنهايات ونعيش الحاضر بصياغات الماضى، فيما تتراجع الحرية، وحقوق الإنسان، ورؤية المستقبل بالرغم من كثرة المطالبة بها.
هى ثقافة بلا معرفة.. ثقافة فقدت مصداقيتها.. حولها الإعلام إلى ثقافة الكلام، وأفرغها واقع يعيد إنتاج نفسه كل يوم، فى هذا الواقع يعيش المواطن ثقافة بلا معرفة.. ويعيش الكاتب أكذوبة حرية التعبير.
ويمر كل يوم ونحن نشاهد السادة الضيوف وهم يتكلمون فى الشأن الليبرالى، والأحوال الاقتصادية، سعداء بالفصاحة وحلاوة اللسان ونسمعهم وهم يقولون: «تبدأ حريتى حين تنتهى حرية الآخرين».. وتدهشنا الثقة التى تنطق مثل هذه العبارات.
تأكد المسئولون عن هذه الأجهزة أن المسألة ما دامت كلاما فى كلام إذن علينا أن نجلس أمام الكاميرات ونتحدث حتى الصباح، وما دام لا شىء يتغير وأنت فاهم وأنا فاهم فلا أحد من خارج «الميديا» يتمتع بأية حقوق، ووقع فى الشرَك وحده السيد المؤلف.
هو الوحيد الذى ليس له مكأفاة عن كلامه، لأن المخرج والمعد وطاقم العمل ومقدم البرنامج والمنتج المنفذ قد وزعوا الميزانية وسقط من حسابهم الضيف صاحب الكلام واللسان الذَّرِب السيد المؤلف.
وزعت الميزانية بالعدل من الوزير حتى الغفير، واستبعد بحمد الله الضيف المؤلف مطرودا بعيدا عن النعمة.. إنه المنسى بقصد.. يقف الآن أمام معد البرنامج ومقدمه يفرك كفيه بالعاً ريقه، رامشاً بعينه من تحت نظارته متنحنحاً هامساً بالسؤال:
■ هو مفيش مكافأة؟!
وقبل أن يلفظها يقطع عليه مقدم البرنامج تفكيره صائحا فيه:
- إحنا متشكرين جدا يا أستاذ.. نشوفك المرة الجاية.
ثم يمد له يده مودعاً!
يمضى السيد المؤلف خارجا من البلاتوه، حيث الهواء البارد، ثم المبنى حيث شوارع المدينة الحارة فى الصيف، لاعناً نفسه ومقدم البرنامج والتليفزيون والدولة التى يعيش فيها، ثم يبكت نفسه قائلاً:
- إخص عليك تليفزيون..
ثم يستدرك:
■ أنا عارف أنا إيه اللى جابنى هنا بس؟
أتذكر أننى بذات نفسى وشخصيا تعرضت لهذه المهانة، فلقد ضيفنى أحد المحترمين من مقدمى البرامج العرب الذى أخذت بيده الأيام وأصبح وزيرا للثقافة فى وطنه المناضل ضد الاستعمار، وكان أيامها يقدم برنامجاً ثقافيا عن أحوال الثقافة والإبداع والحداثة وغايات النقد والكلام عن إصدارات الكتب الجديدة.
تكلمت نصف ساعة من الكلام الموزون، الثقيل بالمصطلحات والجمل ذات المعنى، مثل الإبستمولوجى وعن منهج الكتابة وعن قواعد البلاغة فى نصوص كتابة جيل الستينيات، وحين انتهيت سألنى إن كنت قرأت رواية إدوار الخراط الأخيرة، وحين أجبته أننى قرأتها، طلب رأيى، وحين أعجبه استأذننى فى أن يصور هذا الكلام فأذنت له، وفى اعتبارى أن الحسّابة بتحسب.. وهكذا سألنى عن رواية إدوار وإبراهيم عبدالمجيد وميرال الطحاوى ورواية البساطى، وأنا أصور نفسى سعيدا جدا بالأمر وأن كل هذا الكلام سوف يترجم إلى أوراق مالية خضراء إن شاء الله بإذن علام الغيوب.
انتهى التصوير وأنا أنتظر مكرمة الرجل، إلا أنه لم ينبس بحرف وعمل أذناً من طين وأذناً من عجين.. تشجع شخصى المتوتر وسألته: الله، هو مفيش مكافأة؟!
انقلبت سحنته إلى سحنة متسول يشحذ على قارعة الطريق، وأخبرنى بعد أن أقسم بالله تعالى أن البرنامج إنتاج خاص يهتم بالثقافة الجادة المطلوب دعمها وسط برامج «هشك بشك»، و«أنكم أنتم المثقفون القادرون على تأدية هذا الدور»! همست لنفسى: «يعنى طارت المكافأة»، وتذكرت كمية الكلام الذى قلته فكررت على نفسى: «لله يا زمرى»، وتوجهت ناحيته وقلت من غير انفعال: «بالله العظيم يا شيخ لو أننى (فقى) أعمى يقرأ على المقابر سورة قل هو الله أحد لأعطوه كعكة»، ومضيت خارجا من البلاتوه البارد إلى حر القاهرة المريع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.