التصويت فى الانتخابات هو ترجمة لتفضيلات المواطن السياسة إلى وثيقة انتخابية (البطاقة الانتخابية) تعكس هذه التفضيلات. والافتراض الأساسى فى فكرة التصويت أن المواطنين متساوون فى حقوقهم السياسية، ومن ثم فى أهليتهم للمشاركة فى العملية الانتخابية بدون التمييز بينهم بسبب خصائص لا ذنب لهم فيها مثل الجنس أو العمر أو العرق؛ والأصل أن القانون، نصاً وروحاً، لا يتبنى هذا التمييز. وبالعودة إلى نمط تصويت المصريين فى الاستفتاء ثم فى الانتخابات التشريعية والرئاسية، يمكن التفرقة النظرية بين ستة أنماط أساسية تتمايز، ولكنها تتفاعل بدرجات متفاوتة عند المواطنين. فهناك، أولاً، التصويت الأيديولوجى أو المرجعى، وهو التصويت لإطار مرجعى محدد مثل التصويت لشخص أو حزب يمثل الثورة أو تياراً سياسياً بذاته. وفى انتخابات الإعادة سيكون هذا النوع من التصويت فى صالح الدكتور محمد مرسى، حيث إن انتماءه للتيار الإسلامى يجعله قادراً على حشد أصوات إسلاميين آخرين ينتمون لنفس الأيديولوجية، حتى إن كانوا من تنظيم سياسى مختلف (مثل السلفيين). وهناك ثانياً التصويت التنظيمى، هو ما يقتضى أن يصوت الشخص لصالح الحزب أو الجماعة التى ينتمى إليها إن قررت قيادات هذا التنظيم أن تدعم شخصاً بعينه. ومرة أخرى يميل هذا النوع من التصويت فى صالح الدكتور محمد مرسى بحكم انتمائه لتنظيم سياسى قوى فيه مساحة كبيرة من الالتزام الحزبى وانضباط تنظيمى لا يوجد فى أى حزب أو جماعة سياسية أخرى فى مصر. وهناك ثالثاً التصويت العقابى أو الاحتجاجى بما يعنيه ذلك من التصويت «ضد» شخص أو تيار احتجاجاً أو عقاباً له على سوء أدائه السياسى أو الشخصى خلال فترة سابقة. وهذا النوع من التصويت سيفيد الفريق أحمد شفيق بحكم أن قطاعاً من المصريين يريد أن يعاقب التيار المحافظ دينياً على أدائه فى مجلس الشعب، وفى تشكيل الجمعية التأسيسية وأن يعاقب الثورة ومن يمثلونها. وهناك رابعاً التصويت الاستراتيجى، أى التصويت القائم على حسابات تجعل الناخب يعطى صوته لمرشح أو حزب لا يعبر عن تفضيله التلقائى أو المباشر، وإنما على أساس رغبته فى إعطاء صوته للشخص الذى لديه قابلية أعلى للفوز. وهذا النوع من التصويت لم يعد قائماً فى انتخابات الإعادة لأنه يتطلب وجود ثلاثة مرشحين على الأقل. وهناك خامساً التصويت الإغوائى عبر التوجيه المادى أو المعنوى، وهو تصويت الشخص الذى لا توجد لديه توجهات واضحة أو معلومات كافية عن المرشحين أو الأحزاب. ويكون التوجيه سواء من خلال التلقين قبل التصويت مباشرة أو من خلال شراء الأصوات مقابل سلع أو خدمات أو ما يعرف بالرشوة الانتخابية (المادية)، أو التصويت الإغوائى عبر ربط التصويت لصالح شخص أو حزب وقضايا الجنة والنار. والحقيقة أن هذا النوع من التصويت يبدو فى مصلحة التيار الإسلامى تحديداً الذى اعتادت بعض رموزه إضفاء صبغة دينية على القرارات السياسية بما فيها القرارات التصويتية. بيد أن قطاعاً من المسيحيين سيميلون إلى التصويت فى اتجاه الفريق شفيق بسبب نصائح أو توجيهات مشابهة من بعض القيادات الروحية المسيحية التى لا تخفى قلقها من صعود التيار الإسلامى. سادساً، التصويت الأسرى والقبلى وهو نمط من أنماط التصويت التقليدى الذى تعرفه المجتمعات المحافظة والتقليدية، حيث يميل الأشخاص لاعتبار أن التصويت هو شكل من أشكال المؤازرة الجماعية لشخص أو حزب بذاته. وهنا سيكون التنافس على أشده بين مؤيدى المرشحين الاثنين، حيث لبقايا الحزب الوطنى امتدادات كبيرة فى الريف، وهو ما يكاد ينطبق تمام الانطباق على الإخوان. هذه التنويعة من أنماط التصويت توفر لكل مرشح فرصاً وتضع عليه قيوداً، ولكنها فى النهاية الطريقة التى سيحتكم إليها المصريون فى تحديد من يحكمهم.