لم يشارك «التيار السلفى المدخلى» -كما تعرّفه الأوساط السلفية- فى الانتخابات، ويعتبر حركات الاحتجاج السياسية والاجتماعية السبب فى تفرق الأمة بين أحزاب وجماعات ما دفعها إلى التراجع، ويدعو إلى السمع والطاعة للحاكم ويعتبر المعارضة «خروجا عليه»، ومن أشهر رموزه محمد سعيد رسلان ومحمد إبراهيم وأسامة القوصى ومحمود لطفى عامر، الذين هاجموا «دولة الإخوان» التى تلوح فى الأفق، واستعاذوا من حكمهم؛ لأن «جمهورية مصر العربية ستتحول إلى جمهورية مصر الإخوانية»، حسب قول الشيخ رسلان. «الوطن» استطلعت آراء بعض رموز هذا التيار لتتعرف منهم على حقيقة مواقفهم من الانتخابات الرئاسية. الشيخ أسامة القوصى، الداعية السلفى، وصف التفرقة بين المرشحين الرئاسيين على أساس إسلامى ب«العنصرية»، وأوضح أنه تصنيف عنصرى يشبه «عنصرية الصهاينة»، حسب وصفه، ولا فرق بين أحمد شفيق ومحمد مرسى، فهما مصريان مسلمان. وأضاف: «مرسى وشفيق مختلفان فى مسائل سياسية وليست دينية، ولم أرَ الأخير يوما يدعى أنه ضد الشريعة»، وشدد على أنه لن ينتخب «مرسى» إلا إذا قبل الإخوان أن يكون حمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح نائبين له، حسب قوله. وأرجع القوصى انخفاض شعبية الإسلاميين للأداء السيئ فى البرلمان، وقال: «نائب يتحدث فى ختان الإناث وآخر عن إلغاء اللغة الإنجليزية وحبوب الترامادول إضافة إلى كذبة البلكيمى وجنسية والدة أبوإسماعيل. وغلب على مجلس الشعب أناس غاية فى التخلف وعندما رأى الناس هذا الكلام على الهواء مباشرة فى جلسات فقدوا الثقة فيهم». وأوضح أن الإخوان تحدثوا فى البداية عن شرعية الميدان وعندما وصلوا لمجلس الشعب تحدثوا عن شرعية البرلمان، فلما اختلفوا مع العسكرى فى قسمة «السرقة» -حسب وصفه- قالوا نعود للميدان فوجدوا أنهم خسروا كل شىء. وأضاف أن أعظم مزايا المرحلة الانتقالية أنها كشفت الأمور للجميع وأسقطت الأقنعة وأظهرت تجار الدين وأصبحت الأمور واضحة للناس مما أسهم فى انخفاض نسبة الإسلاميين فى صندوق الانتخابات. الشيخ محمود لطفى عامر، رئيس جمعية أنصار السنة المحمدية فى البحيرة، أكد أنه لم يصوت ومن يرتضيه الناس فهو الحاكم، ورفض التفرقة بين شفيق ومرسى، قائلا: «الاثنان مسلمان والاختيار بينهما يجرى على أساس المصلحة التى يرتضيها أولى النهى وأولى العلم. ولم أسمع شفيق مرة يقول لا أريد تطبيق الشريعة وإمامة المفضول مع وجود الفاضل جائزة». وأوضح أن المشهد السياسى لم يكن «شرعيا» قبل الثورة أو بعدها، قائلا: «إذا أتى الصندوق بفلان ودخل الجيش فى طوعه أصبح للحاكم الذى اختاره الشعب شوكة تمكنه من إدارة البلاد؛ فلا يجوز الخروج أو الاعتراض عليه، سواء كان مرسى أو شفيق». من ناحيته، حذر الشيخ محمد سعيد رسلان، الفقيه والداعية السلفى، من حكم الإخوان لمصر، وفى محاضرة له نشرها موقعه الشخصى على الإنترنت قال: «أعاذنا الله من كل سوء لأن جمهورية مصر العربية ستتحول إلى جمهورية مصر الإخوانية». وأوضح أن الإخوان لو تمكنوا من السلطة سيستحوذون على المؤسسات السيادية (المخابرات والأمن القومى وقيادات الجيش وأكاديمية الشرطة والنيابة والقضاء) لكى يتخرج جيل يتولى تلك المناصب الحساسة، حسب قوله. وتابع: «سيعمل الإخوان على تفريغ جميع أسرار الدولة فى ذاكرة الجماعة؛ لضمان أطول مدة فى الحكم»، وسيستحدث الإخوان قوانين من أجل الاستحواذ على مشيخة الأزهر ومجمع البحوث والإفتاء ومن خالف أو عارض فالسجون موجودة باسم الدين، حسب تعبيره. وسيعمل الإخوان -من وجهة نظر رسلان- على تغيير المناهج التعليمية فى التاريخ ليعاد كتابته من منظور الجماعة، وقال: «ستجرى السيطرة على الدعوة الإسلامية بالسيطرة على المنابر والدعوة والإدارات والمديريات ووزارة الأوقاف، وتصبح الدعوة هى دعوة للإخوان فكرا وجماعة لا للإسلام حقيقة ورسالة». وأكد على أن الإخوان سيعملون على أن يعاد تشكيل البنية التحتية السياسية على أساس الولاء والانتماء للجماعة لا على أساس الكفاءة والإخلاص فى العمل وتقوى الله فى أدائه، ويكون الخفراء ومشايخ البلد والعمد ورؤساء مراكز الشباب ورؤساء الجمعيات الزراعية والمجالس المحلية القروية وكذلك يكون رؤساء مجالس المدن والإدارات الصحية والتعليمية والزراعية والهندسية وغيرها ومديرو المستشفيات والمديريات والمحافظون وغيرهم من الجهاز الإدارى والتنفيذى للجماعة وحدها والتخلص من القائمين بهذه الأعمال بحجة التطهير، وأن هؤلاء كلهم من النظام البائد. وأشار إلى أن وصول الإخوان لمجلس الشعب فى 2005 كان باتفاق مع أمن الدولة وما فوقه من المؤسسات، حسب رسلان. وأضاف: «السيطرة على الإعلام والتعليم من الناحية العملية والنظرية ومن المنظورين العلمى والتطبيقى وستكون الدعوة جلية ومبطنة من الجماعة وفكرها، ومراحل كفاحها ومنجزاتها فى دحر اليهود حتى يستقر فى وجدان الجيل القادم أن ما يسمعه حقيقة لا ريب فيها ويتربى على ذلك طوائف من الأطفال والشباب حتى لا يعرفوا غيره ولا يعتقدوا سواه».