نفس الجماهير التى بدأت فى 25 يناير هى التى عادت الجمعة 23 نوفمبر 2012 لتعيد ثورتها لأهدافها الأولى؛ وهم: (1) الشباب المرتبط معا فى جماعات على الإنترنت، ويطالب بالحرية وبالخلاص من ضغط السلطات حتى سلطة الوالدين وبحماية الكرامة من المهانة وبالديمقراطية السياسية كما يراها فى الدول الغربية، هؤلاء هم الذين يتصدون للعنف، وهم الذين أنهوا شرعية المجلس العسكرى بعد معارك محمد محمود وكان أعلن قبلها استمراره حتى يوليو 2013. (2) المهنيون (أطباء ومحامون وغيرهم)، وكل المتابعين للشأن السياسى أيا كانت أعمالهم، والذين خرجوا لإيقاف سلب السلطة والثروة ولتحقيق الديمقراطية الحديثة، ويؤمن هؤلاء بالليبرالية الاقتصادية والسياسية. (3) المؤدلجون سياسيا، وأهمهم اليساريون، ويمثلون الهيكل العظمى الذى نشأ عليه لحم الثورة منذ (كفاية)، ويربطون الديمقراطية بالعدالة الاجتماعية. هؤلاء هم الأوائل فى 25 يناير 2011، الذين خرجوا أساسا لتحقيق الديمقراطية، وحضرت التيارات الدين-سياسية والفقراء وأصحاب المطالب الاقتصادية فيما بعد. والمقصود أن هذه الثورة قامت لسبب رئيسى هو الحرية والديمقراطية قبل أى سبب آخر، ولذا عاد الأولون ضد إعلان الرئيس الديكتاتورى، ومعهم الشعب الذى يفاجئنا بموجة ثورية تؤكد رفض الاستبداد والانفراد بالسلطة بعدما منح أصواته للتيار الدينى وبيّن أنه ليس على استعداد للتفريط فى الديمقراطية، فخرج على الرئيس الذى نقض وعوده وناقضها وحصن نفسه من قبل ومن بعد كإله، بسبب أنه لم ولن يقدر على الإنجاز بعدما أثبت فقرا فى الفكر والفعل وأنه يسعى للاستمرار بالاستبداد، وخالف ما أوكله الشعب فيه، فسيطر على الإعلام والصحف ووجههما لمصلحته، واستخدم الشرطة لقتل معارضيه، وقدم بعضهم للمحاكمة بتهمة قلب نظام الحكم، وحاصر من خلال أتباعه المحكمة الدستورية لمنع إصدار حكم يتعلق به، وهدد القضاة لإنفاذ قضائه وأحكامه وشريعته هو، وأهانه باستخدام اتهامات لم يؤكدها لتبرير إصدار إعلانه الاستبدادى، مثل أن قضاة سربوا أحكاما، وكان أولى به أن يقدمهم لمحاكمة، ولما لم يفعل صار على القضاة أنفسهم معرفة قانونية معلوماته واتهاماته إبراء لذمتهم، وخالف القوانين (باختيار النائب العام وحده)، ولقد حنث مرات بقسم احترام الدستور والقانون بإصداره الإعلان، ففقد جزءا من قبوله وشرعيته لدى الشعب، ولذا يلزم التحقيق وإظهار الحقيقة فى ذلك بعدما تأكد أنه العدو الكامن للثورة، كما كتبت فى يونيو الماضى. ولما وجد استحالة تمرير الإعلان الملعون عجل بإجراء الاستفتاء لئلا تخلو أياديه من عناصر الاستبداد بدستوره، واستخدم أتباعه بالعنف ضد معارضيه، ما سيزيد العنف فى وقت تيقن فيه الذين قاموا بالثورة النافد صبرها أنها سرقت منهم، وأن خطها الذى رسمه الإخوان و«العسكرى» (المسئول عما يحدث الآن باختياره الانتخابات أولا) لم يكن مستقيما ويحفظ الاستبداد، وإذا ظل د. مرسى على موقفه فستنضم فئات ومجموعات مصالح وأعمال وتتعطل الحياة وسيسقط مرسى تلقائيا أو يتدخل الجيش فى ظل تزكية مؤيديه للحرب الأهلية. أما تعمده اختلاق واقع بوضع اليد بالتعجيل بالاستفتاء، فلن يقبله الأولون الأحرار بينما يظل هو وأتباعه فى حماية الإعلان والدستور الباطل. العنف لن يجديه وقد يسقطه نفسه، وإنكار الحريات لن يأتى أو يمر بسلام، ولذا لا بديل عن سحب الإعلان وقانون حماية الثورة، وإلغاء الاستفتاء، لعودة السلام، لأن وجودهما يعنى الحبس والقتل مجاناً وبلا عقاب. يفاجئنا الشعب أنه يتابع عن كثب وتجاوز مبكرا بشعاراته النخبة وبحضور طبقاته للميادين، أثبت أنه صاحب قرار فى اختيار الوجبة قبل أن تقدم إليه مسمومة فى إعلان ودستور.