قال مصدر حكومى إن وزارة المالية أرسلت خطابات، خلال الأسبوع الماضى، إلى مؤسسات مالية دولية، على رأسها البنك الدولى والصندوق الأفريقى للتنمية، للتأكيد على الاتفاق المسبق حول محاربة الفساد الحكومى، وفقاً لخطة الإصلاح الإدارى التى تنتهى بعام 2030. «المحاسبات» يشكل لجنة لدراسة بنود تقرير «تقصى حقائق الفساد» والرد عليها وأشار المصدر، ل«الوطن»، إلى أن تلك المراسلات والخطابات تأتى بعد ورود استفسارات «ودية» من البنك الدولى حول صحة تصريحات المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، بوصول مؤشر الفساد الحكومى فى عام 2015 إلى 600 مليار جنيه، وكشف المصدر عن أن «التطمينات الحكومية» تضمنت التأكيد على عدم صحة تلك التصريحات، وأن الأرقام المُعلنة من قبَل رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات غير دقيقة بعد صدور تقرير لجنة تقصى حقائق مشكلة من قبَل قيادات أجهزة رقابية رفيعة المستوى فى مصر، أكدت عدم صحة تلك الأرقام. يأتى ذلك، فى الوقت الذى قال فيه أحمد كوجاك، الخبير فى البنك الدولى، ل«الوطن»، إنه لم تحدث أى استفسارات رسمية من البنك الدولى حول تصريحات «جنينة»، مؤكداً أن البنك لديه آليات خاصة به للتأكد من جدية محاربة الدول للفساد، أبرزها آلية «مدة التقاضى»، وهى التى تكشف سعى الدولة للقضاء على الفساد من عدمه. فى المقابل، كشف مصدر بالجهاز المركزى للمحاسبات عن أنه تقرر تشكيل لجنة من أعضاء الجهاز للرد على تقرير لجنة تقصى الحقائق الذى صدر مؤخراً ويتهم المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز، بالتضليل وتضخيم حجم وقيمة الفساد وتكوين وتجميع بعض الأرقام أكثر من مرة وتحت مسميات عدة فى أكثر من موضع. وأضاف المصدر، ل«الوطن»، أن «الجهاز» سيرد على كل بند فى تقرير لجنة تقصى الحقائق تفصيلياً، مع تدعيمه بالمستندات والوثائق الدالة على ذلك، والإجراءات التى تمت حول ملاحظات الجهاز على المخالفات المالية والإدارية بكل جهة ورد ذكرها فى التقرير. وأوضح المصدر أن «المحاسبات» هو الجهة الوحيدة التى تعمل وفقاً لفحص مستندى للوقائع، بخلاف الأجهزة الرقابية الأخرى التى تعتمد على التحريات كمصدر لمعلوماتها، موضحاً أن هذا يعنى أن أى مخالفة يتم تضمينها فى تقارير الجهاز لا بد أن تحتوى على مستند رسمى يؤكد المخالفة. وقال إن «جنينة» التزم الصمت ويرفض الحديث حول التقرير إلى حين هدوء الأوضاع، وحتى لا يتم إثارة الشارع وإحداث حالة من التوتر بين المواطنين، لافتاً إلى أن رئيس الجهاز استقبل تقرير لجنة تقصى الحقائق بهدوء شديد، رافضاً الحديث أو التعليق على ما تضمنه التقرير، إلا بعد انتهاء احتفالات مصر بذكرى ثورة 25 يناير، حتى لا يقال إن هشام جنينة استغل ذلك لخدمة دعوات التظاهر فى ذكرى الثورة، وقال للمقربين منه «إن القانون لا يصنع استقلالية الشخص، فالقوانين السماوية تحض على الحفاظ على المال العام ولم توقف الفساد لمن يريد أن ينحرف». وأكدت مصادر أن الجهاز أرسل كل التقارير التى يصدرها عن الوزارات والهيئات الحكومية إلى رئاسة الجمهورية ومجلس النواب وفقاً للقانون الذى يقضى بذلك، حيث ينظم عمل الجهاز القانون رقم 31 لسنة 75 الذى يقضى بأن يكون مستقلاً كل الاستقلال عن السلطة التنفيذية، وأن يلحق بمجلس النواب ليكون عوناً له فى تعقب حالات الانحراف فى أجهزة الدولة والقطاع العام حفاظاً على الأموال العامة وحماية لها. وقال أسامة المراغى، المتحدث باسم الجهاز المركزى للمحاسبات، إن تقرير لجنة تقصى الحقائق لم يغفل محاسبة المقصرين، وإحالة جميع الوقائع التى تضمنها التقرير، والتى تمثل فساداً، إلى اللجنة التنسيقية لمكافحة الفساد، واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها، لافتاً إلى أن الجهاز قدم للجنة دراسة تناولت تقييم العديد من المنظومات لتبرز مواطن الخلل فى بعض القطاعات. وأضاف «المراغى» أن الجهاز يعكف حالياً على دراسة تقرير لجنة تقصى الحقائق وإعداد الرد المناسب لكل واقعة على حدة، مع تقديم كل المستندات التى تؤيد صحة تلك الوقائع، مشيراً إلى أن القانون أناط بالجهاز مراقبة حسابات مختلف أجهزة الدولة وناحيتى الإيرادات والمصروفات، ومراجعة القروض والتسهيلات الائتمانية التى عقدتها الدولة، ومراجعة الحساب الختامى للميزانية، وفى مجال متابعة الأجهزة التنفيذية لمسئولياتها يقوم الجهاز بمراجعة حسابات تكاليف الأعمال على ما كان مقدراً لها، ومراجعة نتائج الأعمال والعائد منها مقارنة بما كان مستهدفاً تحقيقه. وأوضح المتحدث باسم «المحاسبات» أن الجهاز يقدم تقريراً سنوياً عما تكشف للجهاز أثناء متابعته لتنفيذ الخطة العامة والموازنة العامة للدولة من قصور أو نقص أو انحراف فى تحقيق أهدافها خلال هذه المدة، وكذلك عن نتائج الفحص الذى يجريه الجهاز لموازنات وأنشطة المصالح والهيئات العامة ووحدات الحكم المحلى والوحدات الاقتصادية للقطاع العام خلال المدة ذاتها.