بعد أن تساءلت الإعلامية لميس الحديدي عن مرحلة القلق الشديد الذي وصل إليه هيكل بعد أن قرأ مسودة الدستور، أجاب هيكل بأنه ليس هو وحده من شعر بالقلق، بل إن مصر كلها لم تنم. وأكد هيكل أنه رغم اتصاله بالقطب البارز في النظام، إلا أنه رد قائلا: «أستاذ هيكل، أنا متأسف لأنى نمت 4 الصبح»، مشيرا إلى أن الرجل قال له إنه سيمر عليه قبل أن يذهب إلى مكتبه وهو ما حدث بالفعل، وحينما زاره، قال له هيكل إنه يشعر بالقلق للمرة الأولى. وتابع هيكل: "هنا أقصد أننا طوال الفترة الانتقالية كنا نشعر بمزيج من الأمل فى المستقبل والتخوف من أننا غير قادرين على الإمساك بمفاتيح حل، وده طبيعى، شعرت بقلق الرجل وعرضت عليه قلقى وطلبت منه أن يخرج من عندى ويذهب إلى الرئيس مرسى مباشرة ولو حتى دون موعد، الرجل أنا أعرفه وسبق لى أن رأيته ووجدت فيه ما يمكن الحوار معه وهو معقول جداً، وينقل له ما أقوله". ولفت هيكل إلى أن البلد دخلت في نفق مظلم، والدستور ليس قانونا، وإنما هو عقد طوعى لجماعات مختلفة تريد أن تحيا حياة واحدة مشتركة على أرض واحدة، فى القوانين هناك أقلية وأغلبية وهناك حاضر وغائب، لكن وضع الدستور يقتضى وجود كل القوى الطبيعية فى المجتمع، وقلت له إذا غابت الكنيسة وهى غائبة، وإذا غاب عدد كبير من المثقفين وقد غابوا، والمفكرون وقد غابوا، إذا اقتصر عمل الدستور على فئة واحدة فى المجتمع مع احترامى لقيمتها، إذن أنا من حقى أن أقول إن هذا خطر، قال لى إن ما حدث من دواعى السرعة، قلت له إن دواعى السرعة مطلوبة فى كل شىء إلا وضع الدستور، لأن الدستور هو بناء مستقبل، مثل بناء البيت، إذا أردت أن تبنى بيتاً بسرعة ولا تملك أسمنتاً ولا حديداً ولا حجراً، ورغم ذلك أريد البناء سريعاً لأن أولادى فى العراء فهذا معناه أن تأتى بأولادك فى بيت دون أساس كافٍ ودون أى شىء لكى أضع الأولاد فى هذا البيت لكى ينهار عليهم أول ما يدخلوا يسكنوه، قلت له إن ما يقلقنى أن هذا الدستور سوف يؤخذ فى اجتماع خاص يسلم فيه إلى الرئيس. وقلت له أنا متصور إن الرئيس إذا أراد أن يعرض هذا المشروع على الناس مثلاً يتسلمه فى الميدان إذا أراد أو أمام المحكمة الدستورية التى حلف أمامها اليمين، أو اجتماع عام إذا أراد، أنا سامع هتافات فى المظاهرات أمس أن الشعب يريد إسقاط النظام وأنا ضد هذا الكلام لأننى أعتقد أنه عبث ولا يؤدى إلى أى شىء، هذا النظام موجود وله شرعية معينة وهى شرعية واضحة وينبغى أن يستوفى مدته، وقلت له إن شرعية النظم تسقط بالجرائم ولا تسقط بالأخطاء، الأخطاء تستوجب المسئولية، إنما لما حد يقول يسقط النظام هذا كلام لا يليق فى هذا التوقيت، أنا فاهم الدواعى الجامحة إليه لكنه ليس منطقياً، مش معقول، احنا قلنا فى الفترة اللى فاتت «ارحل» كم مرة، قلنا ارحل لمبارك ورحل، وقلنا ارحل للمجلس العسكرى ورحل، وقلنا ارحل ل3 وزارات جاءت، وفى الواقع هم أكثر من ذلك، شفيق شكل وزارتين فى ظروف الثورة وعصام شرف شكل وزارتين والجنزورى شكل وزارتين ثم هشام قنديل، ارحل تطارد كل الناس، فى ظرف سنتين كم «ارحل» قيلت وكم «يسقط»، لا بد مثل البشر العاقلين والشعوب المستنيرة أن يكون لديك خطوة واثنتين وثلاثة وأربعة، وقلت إن الحيوان تكفيه خطوة واحدة.