مؤسسة الرئاسة انفصلت جسدياً وفكرياً عن الشارع المصرى، ليس عن الثوار والتحرير والمعارضة والإعلام فقط، ولكن عن المواطن البسيط أيضاً، وأصبحوا يرددون «معلومات» يتمنونها لم تمت للحقيقة بصلة، ما يدل على أن مؤسسة الرئاسة أصبحت «مغيبة»، وأبرز دليل على ذلك هى تلك المقولة التى ترددها الرئاسة وأنصارها بأن القضاة سيشرفون على الانتخابات، وأن كلام المستشار أحمد الزند «فرقعة إعلامية».. نفس السيناريو الذى حدث فى الجمعية العمومية الأخيرة التى قررت تعليق العمل بالمحاكم، فخرج وزير العدل وبعده مجلس القضاء الأعلى ثم الرئاسة وأنصارها، بما فيها حركة «شرابى» من أجل «مرسى»، ليعلنوا استمرار القضاة فى عملهم، بالإضافة إلى «شوية بهارات» بأن الجمعية العمومية مزورة وحضرها محامون وسياسيون وكثيرون من غير القضاة، بل إن «الرئاسة» أشادت ببيان الأعلى للقضاء، باستمرار العمل فى المحاكم.. ثم ثبت بما لا يدع مجالاً للشك تعليق كل المحاكم للعمل، بما فيها محكمة النقض، التى يرأسها رئيس المجلس القضاء الأعلى، بل ومحكمة استئناف القاهرة وطنطا، اللتان يرأسهما عضوا المجلس الأعلى للقضاء.. نفس الموقف يتكرر الآن فيخرج «الزند» ليعلن الامتناع عن الإشراف على الاستفتاء فيخرج بعده «شرابى» والمجلس الأعلى للقضاء والأخوان «مكى» وأنصار الرئاسة ليعلنوا مرة أخرى أن القضاة سيشرفون على الانتخابات وأن كلام الزند «فرقعة إعلامية»، وستثبت الأيام المقبلة كذب الرئاسة وأنصارها وأنهم يرددون ما يتمنون وليس الحقيقة. الرئاسة تتلاعب ب«القضاة» فإذا احتاجتهم أشادت بهم وإذا فعلوا ما يغضبها أطلقت عليهم جحافل السب والتشكيك من أنصارها.. ونسى الإخوان أنهم كانوا يتوددون للقضاة قبل الثورة وكانوا يحجون إلى نادى القضاة تأييداً ومناصرة فى أى قضايا، وعلى رأسهم الرئيس الحالى د.محمد مرسى، ولم يتحدث أى منهم وقتها «كما يرددون الآن» عن أن نادى القضاة ليس له علاقة ب«السياسة» وأن دوره يقتصر على الرحلات والأنشطة الاجتماعية فقط.. وكان الإخوان «يتحصنون» بالقضاء فى مواجهة النظام السابق، وكان هتافهم الشهير «فى مصر قضاة لا يخشون إلا الله» يزلزل الأرض عند لجان الفرز فى الانتخابات.. وحتى بعد الثورة لم يقترب الإخوان من مهاجمة القضاء إلا بعد أن استولوا على البرلمان واحتد الأمر مع وصولهم للرئاسة، ما يدل على أن الجماعة تغير مبادئها مع مصالحها.. وسيسجل التاريخ أن الرئيس مرسى أُهين القضاء فى عهده، سواء بإعادة البرلمان المنحل أو بإصدار إعلان دستورى يعطل القضاء أو بمهاجمة أنصاره للمحكمة الدستورية العليا. عندما تسير بجوار السفارة الأمريكيةبالقاهرة تجد جحافل الأمن المركزى تحمى سفارة «أوباما»، وعندما تتجول بجوار الاتحادية تشاهد نفس الموقف لحماية «مرسى»، أما المحكمة الدستورية العليا فإن الأمن عجز عن حمايتها ليس بسبب نقص القدرات ولكن بسبب وحيد هو «أن الرئيس عايز كده».. وسلم لى على استقلال القضاء الذى يتغنى به د.مرسى!!