رفض عدد من علماء الأزهر اتهامات التكفير التى شنها المتظاهرون فى مليونية الشرعية والشريعة، أمس الأول، أمام جامعة القاهرة، ووصفوها بأنها «تستر بالدين لن يفيد المجتمع»، لتحقيق مصالح سياسية. وكانت مليونية أمس الأول، التى نظمها تيار الإسلام السياسى، شهدت موجات متوالية من فتاوى تكفير الليبراليين والعلمانيين الذين يعارضون الرئيس محمد مرسى، وقال فوزى السعيد، الداعية السلفى الشهير، من على المنصة الرئيسية: «شهداء التيار الإسلامى فى الجنة وقتلى التيار الليبرالى فى النار»، وهاجم المتظاهرون الدكتور محمد البرادعى، رئيس حزب الدستور، ووصفوه ب«الكافر والملحد»، ووصفوا الإعلاميين ب«الخونة والكفار»، بينما وصفوا الإسلاميين ب«المدافعين عن الله ودينه وشريعته». وكان محمود عامر الداعية السلفى، رئيس جمعية أنصار السنة بدمنهور، طالب شيخ الأزهر وهيئة كبار العلماء باستتابة الدكتور البرادعى وإحالته إلى القضاء بتهمة «الردة»، قائلا ل«الوطن»: «يجب توضيح مقصد البرادعى من تصريحاته الأخيرة عن إقامة معابد بوذية فى البلاد، لأن البوذية وثنية، والدفاع عن البوذيين وإشراكهم فى الشأن المصرى، على الرغم من عدم وجودهم، دليل على شىء فى عقيدته لا بد من الإفصاح عنه. قال الدكتور نصر فريد واصل، مفتى الديار المصرية الأسبق، إن الحديث النبوى صريح فى هذه المسألة، قائلاً: «من كفّر مسلماً فقد عاد إليه كُفره». وأكد واصل أنه لا يجوز مطلقاً تكفير البعض، معتبراً أنها إحدى الجرائم التى ينبغى المعاقبة عليها قانونياً، قائلاً: «ما يحدث يؤكد ضعف فهم ودراسة ومعرفة أصول الدين، وعدم التفرقة بين حق الله وحق العباد والآداب الأخلاقية». ووصف واصل ما يحدث بالفوضى والحرية التى ليس لها حدود، قائلاً: «كل منهم يتصور أنه يعرف كل شىء»، وطالب واصل بضرورة الرجوع لعلماء الأزهر المتخصصين، مضيفاً: «القاعدة الشرعية تقول إنه لو كان لدى الإنسان أدلة تكفّره بنسبة 99%، و1% أدلة إيمانه، فيجب علينا تحميله إلى الإسلام والإيمان». واستنكر الدكتور عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، اتهامات التكفير لبعض الفصائل السياسية، مشيراً إلى أن الخلاف الموضوعى يجب ألا يتعدى مراحل الخلاف الطبيعية. واتهم الدكتور أمير بسام، عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، أجهزة الإعلام بإلصاق التهم بالتيار الإسلامى، فى محاولة لزرع الفتنة فى المجتمع، مؤكداً على أن التيار الإسلامى لم يكفّر أحداً، مشيراً إلى أنه لا يمكن أن نتهم فصيلاً سياسياً بما يقوله أحد أفراده عن حسن أو سوء نية، لافتاً إلى أن أحد مشايخ التيار السلفى كتب على مواقع التواصل الاجتماعى، أمس: «إن من يقول نعم للدستور لن يدخل الجنة ومن يقول لا لن يدخل النار»، مستبقاً أى اتهامات بالتكفير. وأضاف بسام: «لا يمكن توجيه الاتهامات للتيارات الإسلامية بالتكفير، ونترك من حشد المواطنين للتصويت بلا فى الاستفتاء، على الإعلان الدستورى أو رفض مواد الشريعة الإسلامية لحشد أنصاره للتصويت». ورفض نصر عبدالسلام، رئيس حزب البناء والتنمية القيادى بالجماعة الإسلامية، تكفير البرادعى لتصريحاته الأخيرة، مؤكداً أنه لا يجب تكفير أحد إلا بشروط حددها العلماء. وقال عبدالسلام ل«الوطن»: «رغم مخالفتنا للبرادعى واتهامنا له فى أمور كثيرة منها تقارير عن العراق ومصر أثناء فترة عمله كرئيس سابق لهيئة الطاقة الذرية التى عرّضت مصر للخطر، ورغم التقارير المكتوبة بذلك فإننا لا نكفّره. وتابع: «التكفير له شروط هى العلم المنافى للجهل بحيث يكون الشخص قد أتى أمر كفر وهو يعلم تماماً أنه كفر، كإنكار المعلوم من الدين بالضرورة وألا يكون مكرهاً فيما فعله، وألا يكون متأولاً فى تكفيره» موضحاً أن الجهات المنوط بها الحكم على شخص بالتكفير هو الأزهر الشريف وخاصة مجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء. من جانبه، قال الدكتور نبيل عبدالفتاح، أستاذ العلوم السياسية، إن هذا الاتجاه التكفيرى ليس بجديد، قائلاً: «هذه سمات بعض تيارات الإسلام السياسى وبعض التيارات السلفية، لاستخدام سلاح التكفير لغير المسلمين أو المسلمين أنفسهم».