المئات تتوافد تهتف بحياة الرئيس، على درج سلالم محطة مترو الجامعة يهبطون بحماس حاملين رايات تندد بمن أسموهم «فلول»، اللحى الكثة والجلاليب التى تحد نصف الساق تواجه أعين طلاب الجامعة المترقبة بتركيز وجوه القادمين داخلين فى حوارات جانبية حول رؤيتهم للمظاهرة التى تصدح: «بنحبك يا مرسى.. حق الشهدا مرحش بلاش»، فيما يقف محمود ربيع أمام باب الميكروباص الذى يعمل عليه سائقاً منادياً بضحكة مجلجة: «يلا البرادعى.. اللى رايح للبرادعى يا جدعان»، يناغشه أصدقاء الموقف: «يا جدع هناكل علقة موت إنت مش شايف الشيوخ أد إيه؟». محمود يعمل يومياً بين باب المترو وباب جامعة القاهرة الرئيسى، تتقاطع المظاهرة التى حملت اسم «الشرعية والشريعة» مع خط سيره، ما أدى إلى مضاعفة الحمولة، وزيادة الرزق، غير أنه قبل أيام كان يحمل ركابه حتى ميدان التحرير حيث «البرادعى ورجالته»، حسب وصفه، معتبراً أن همه الأول ينصب حول لقمة العيش «مش فارقة معايا البرادعى ولا مرسى، التحرير ولا عند تمثال النهضة.. المهم نلاقى شغل».. الشاب الذى قارب عمره على الثلاثين لا يطلب ممن يحكمون البلاد سوى وضع مستقر يمكنه من إكمال نصف دينه، عقب صلاة الفجر يبدأ يوم الشاب الذى يسكن فى حى كرداسة، ولا يعود منزله إلا فى الثامنة مساءً، لذا لا يعلم محمود من أمر السياسة غير ما يدور حوله من حوارات يجريها ركاب الميكروباص: «الناس بتقعد تتكلم جنبى كأنى فاتحها ندوة»، تتعالى الهتافات أثناء سير محمود معلنة «بعد ما شيلنا النائب العام عايزين نطهر الإعلام.. الشهيد يؤيد قرارات الرئيس». قرارات الرئيس الأخيرة لا تمثل للشاب الذى يعمل سائقاً منذ 14 عاماً سوى «حالة لغط» أحس نبضها بحكم معايشته لمشاجرات الركاب: «اللى أعرفه إن فيه ناس بتقول الريس عايز يبقى بيحكم لوحده، وناس بتقول ده عايز ينضف البلد»، محمود يقف فى صف داعمى مرسى لا إرادياً؛ بحكم إيمانه بأن مصر لا بد أن تحكم بالعصا، حسب قوله، مشيراً إلى أن الفوضى حلت بالبلاد تزامناً مع ما يسميه هوجة الحرية.