حال البلد لا يختلف كثيرا عن حالى وأنا أكتب هذا المقال.. فى حيرة من أمرى، أواجه أكثر من إشكالية.. فالمقال يسلم الخميس لينشر السبت، ، وأولويات الوطن واحتياجات المرحلة تتغير لا أقول فى كل ساعة ولكن تتغير فى كل لحظة، وما يطفو على سطح ماء الوطن يختلف عن الذى كان قبله بالكلية. إذن من الممكن أن يكون عنوان المقال (الإعلان الدستورى) ويوم السبت يكون الحال قد تغير، أو يكون (مليونية الجمعة أو السبت) وتكون قد أُلغيت أو تم تأجيلها، أو يكون (خطاب الرئيس) والرئيس سيتكلم ليلا، أو... أو... من حيرة إلى حيرة. وهكذا بلدى، أبحث لها عن عنوان ثابت فوق جبين أرضها، نعم أجد، ولكنه يتغير أو قل يتعمد تغييره.. يتم هدم كل حرف فى كل عنوان يرسم فوق ترابك.. ودعك منى أو من كل تيار أو حزب مسئول يوجد فى ساحة الوطن، ماذا عن رجل الشارع العادى؟ وماذا عن الأطفال والعجائز؟ وماذا عن العمال فى ورشهم ومصانعهم والفلاحين فى حقولهم والنااااس فى كل شبر من أرض الوطن؟ هؤلاء من يشعر بهم؟ من يتحدث باسمهم؟ من يعبر عن رغباتهم ومشاعرهم وآلامهم بل وجروحهم النازفة، وأكرر النازفة يا سادة؟ الوطن لا يقتصر على علمانى وإسلامى وغير إسلامى وليبرالى وغير ليبرالى، أين المصريون يا مصريون؟ ولكنى سأكتب ما نحتاج إليه فى نقاط: نحتاج إلى منارات لمواجهة المناطق المظلمة، ما هذا التوتر؟ وما هذه المحاولات لإشعار الناس مع كل أزمة أنها النهاية وكأنهم يستمتعون بترويع الناس وتخويفهم؟ لا بد من ثوابت لا تتحرك ولا تهتز فى خضم المحن، تبعث فى الناس التفاؤل بنورها. وأبرز مثال لهذه المنارات مؤسسات الدولة الرئيسة، ثم آليات للتعامل مع الخلاف تضع السقف المطمئن الدائم لمصلحة الوطن وحفظ دماء وأعراض وأموال أبنائه، فالخلاف لن ينتهى وسيستمر، ولكن الذى لا بد أن ينتهى هو التخوين والتضخيم والاستقطاب والاستقواء بالخارج، لا بد من آليات واضحة صريحة تجيب عن هذا السؤال الدائم كيف نختلف كمصريين؟ ثم خطط واضحة معلنة تترجم معاناة الشارع وآلامه يعرفها الجميع ويفهمها، ويعرف مداها الزمنى والإطار المحدد لها، ومن الذى سينفذها، وكيف، لتكون شاحن أمل مستمر، فيَعذُر ويُعذَر. ثم الشفافية المستمرة الداعية للثقة التى فقدت بين المصريين، نريد «زجاجية» المؤسسات التى يرى داخلها كل شىء بلا مجاملة أو مداراة. نريد محاسبة حقيقية للمخطئ وإبعادا فعالا للفاسد، نريد نماذج للمحاسبة تجعل كل مصرى يفخر بأنه ينتمى لهذا البلد ولا يقل عن بلاد العالم المتقدم. لا نريد أن نُلجئ عمالنا إلى الإضراب أو شبابنا للاعتصام فى الشوارع، نريد شفافية تغنينا عن ذلك، حين نرى حقوقنا تنتزع مِن مَن يحاول المساس بها.. وأخيراً، إيقاف الهجمات الإعلامية الممنهجة البعيدة عن المهنية المنغمسة فى التحيز، نريد إعلاما بلا أجندات، أجندته الرئيسة مصلحة الوطن وخدمة أفراده، لا تشويه فصيل على حساب فصيل. هَرِمْنا، ونتمنى لأهل بلدنا أن يستنشقوا رائحة الاستقرار والهناء والسعادة. ولا أدرى حين نصل إلى السبت ما العنوان الجديد لمصر، عنوانه الخير والأمل والتقدم بإذن الله. اللهم اجعل بلدنا مصر آمنة مطمئنة وسائر بلاد المسلمين، ويا رب يصلح حالك يا بلد! يا بلد كل المصريين. وعلى القارئ أن يقول آمين