سيدى القارئ.. لاحظت -حتماً- أننى لم أكتب هنا منذ صدور الإعلان الدستورى «الرئاسى» رغم سخونة الأحداث وفداحة التداعيات.. والسبب أننى أجنح دائماً إلى انتظار «الإصلاح» أكثر من توقع «الانفجار»، وأننى أميل إلى تقديم حُسن النية على سوء المقصد، وأننى أراهن على رجاحة العقل وتغليب المصلحة الوطنية على «العناد» ووضع مصر فوق فوهة بركان! غير أن الوقت يمر والبلد ينهار.. تراجع العقل وتقدمت «الحناجر».. غابت «المصلحة الوطنية» وسادت المصالح الضيقة.. ومصر تدفع وستدفع الثمن باهظاً.. فماذا أقول الآن؟! فى البدء.. أقسم بالله العظيم يميناً مغلظة لا كفارة لها، أن ما سأطرحه هنا منزَّه عن الغرض والهوى، ولا ينحاز لأحد أو ضد أحد، ولا ينشد إلا مصلحة «وطن» تربيتُ فيه وعشقته ولن أتركه يوماً، حتى لو تمزق جسدى على الأرصفة.. أقسم بالله العظيم الذى لا إله لى غيره، ولا رقيب علىَّ سواه، ولا أبتغى رضا ورحمة مخلوق إلاه، أن كلماتى هى نصيحة لمن يريد أن يسمع، وأن مداد قلمى يسيل على الورق، حتى لا تسيل دماء الأبرياء فى الشوارع، مثلما سالت الدماء الطاهرة للشهيدين «جابر وإسلام»! السيد رئيس الجمهورية.. تعرف أن بينى وبينك وداً ومحبة لا تنقطع.. فأنا لى مصلحة مباشرة مثل كل مصرى فى نجاحك لبناء مصر الحديثة والقوية.. مصلحتى هى أبنائى وأبناء كل مواطن، فمن منا يريد أن يعيش فى وطن تملأ جسده الجراح.. فلماذا لا تسمع نصيحة مخلصة، ولماذا لا ترى إلا من «منظار» المحيطين بك.. دعنى أسألك: هل تحمل نية مخلصة لوطنك وأهله؟! هل تريد أن تكون رئيساً لكل المصريين؟! هل تحلم بأن نلتف حولك جميعاً ونرفعك فوق وحول الأعناق؟!.. إذا كانت الإجابة «نعم».. وهى بالتأكيد كذلك.. فلماذا تتناقض قراراتك وخطواتك مع هذه النوايا؟!.. كيف تقبل أن تنشطر مصر بسكين «الرئاسة».. لماذا تخطب فى مؤيديك، بينما واجبك أن تأخذ مصر كلها فى «حضنك».. هل يرضيك أن يموت «جابر وإسلام» ويُصاب العشرات فى معركة «الإعلان الدستورى»؟! السيد رئيس الجمهورية افرض مثلاً.. مثلاً.. أن إعلانك الدستورى صحيح ويهدف إلى المصلحة الوطنية.. ورغم ذلك أشعل مصر وقسمها وشطرها، ووضعها على شفا حفرة من «الحرب الأهلية».. أليس فى ذلك ما يثنيك عنه حقناً للدماء.. أليس فى تراجعك شجاعة الفارس وفطنة الحكيم وترفُّع الكبير.. أليس فى ذلك تطبيق للقاعدة الإسلامية العظيمة «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح».. درء الدم.. درء الانقسام.. درء الضنك الذى يعيشه الفقراء ومصر كلها، فى ظل الجمود والفوضى الحالية! السيد رئيس الجمهورية.. دعنى أقُل لك إن مصر ليست بحاجة إلى خطيب.. فالخطباء أكثر من الشعب.. مصر ليست بحاجة إلى إمام.. فالأئمة يملأون المنابر.. مصر ليست بحاجة إلى «مرشد».. فالله عز وجل «أرشدنا» إلى الطريق المستقيم فى كتابه الحكيم، ورسوله (صلى الله عليه وسلم) «أرشدنا» بسنَّته التى تجرى فى عروقنا مجرى الدم.. مصر يا دكتور مرسى بحاجة إلى رئيس يقودها إلى حياة كريمة.. رئيس يأخذها إلى مكانها الطبيعى بين الأمم.. رئيس يقدم لنا رؤية للمستقبل، فنبلغ قمم الجبال ونحلق فى عنان السماء.. رئيس متسامح، زاهد، عادل، حكيم، صاحب عقلية واعية بتحديات العصر.. رئيس يقودنا إلى النهضة الحقيقية، وليس إلى طريق العناد والمواجهات الدامية! أقول قولى هذا للرئيس.. وغداً لى قول آخر للقوى السياسية والمعارضين!