بين نوفمبر الماضي والجاري، تكررت الدعوة لتشكيل حكومة أو جبهة إنقاذ وطني، في ظل استمرار الأزمات الاقتصادية والأمنية إلى جانب تزايد حالة الاستقطاب السياسي بين مختلف الأحزاب والقوى السياسية التي تحكمت فى تشكيل الحكومات خلال العام الماضي، ليصبح مشهد ظهور لافتة "الإنقاذ الوطني" في ميدان التحرير اليوم، أمرا طبيعيا ومتوقعا، خصوصا مع تزايد حدة الاستقطاب بين القوى السياسية بما أضر بمصالح المواطن والوطن. في نوفمبر 2011 : كانت أولى الأزمات التي دفعت الشارع المصري للمطالبة بإقالة حكومة رئيس الوزراء المصري الأسبق عصام شرف، بعد فشل وزراء حكومته في تلبية مطالبهم، إلى جانب فشلهم في إدارة أزمة مقتل جنود مصريين على الحدود الإسرائيلية، وما تبعها من واقعة اقتحام متظاهرين مصريين للسفارة الإسرائيلية، فضلا عن أحداث ماسبيرو. وفي ظل هذه الأزمات وغيرها، بات تشكيل حكومة إنقاذ وطني تعبر عن روح الثورة لا عن حالة استقطاب سياسي، أمرا ضروريا في اعتقاد الكثيرين وقتها، خاصة مع قيام 68 شخصية عامة وسياسية و11 من شباب الثورة بإرسال خطاب إلى المشير محمد حسين طنطاوي، القائد الأعلى للقوات المسلحة وقتها، يتضمن 6 مطالب رئيسية للخروج من الأزمة الراهنة، على رأسها تشكيل حكومة إنقاذ وطني تتمتع بكافة الصلاحيات وتتولى وضع الدستور. وطرح ناشطون ينتمون لتيارات سياسية مختلفة مقترحا جديدا يتضمن تشكيل جبهة إنقاذ وطني أو مجلس رئاسي تضم أربعة مرشحين للرئاسة هم محمد البرادعي وحمدين صباحى وعبد المنعم أبوالفتوح وحازم أبوإسماعيل يمثلون تيارات مختلفة داخل القوى الوطنية المصرية وذلك لضمان حدوث أي انقسامات بين القوى الوطنية مجددا، فضلا عن وضع رؤية سياسية موحدة فى اتخاذ قرار إدارة شؤون البلاد في تلك المرحلة، ووصل الجدل إلى الدعوة ل"مليونية حكومة الإنقاذ الوطني". في عهد حكومة الجنزوري الثانية: وبعد أحداث "مجزرة بورسعيد"، طالب عدد من الحركات الثورية بإقالة حكومة الجنزوري ورحيل المجلس العسكري وتسليم السلطة إلى حكومة إنقاذ وطني. كما دعا اتحاد الشباب الاشتراكي للإضراب العام، لحين تنفيذ كل أهداف الثورة، وتكليف مجلس الشعب بتشكيل حكومة جديدة، دون أدنى تدخل من جانب المجلس العسكري، وفتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية فورا. بعد صدور الإعلان الدستوري المكمل: وكرد فعل مباشر على إصدار المجلس العسكري قرار الضبطية القضائية، وتشكيله مجلسا للدفاع الوطني، وصولا إلى حل مجلس الشعب، وإصدار الإعلان الدستوري مكمّل، تشككت العديد من الرموز والشخصيات الوطنية والشبابية في نوايا المجلس العسكري، وتعمده تأخير نتائج الانتخابات الرئاسية، ومن ثم التشكيك في جدّية تسليم السلطة في مصر، مما دفع العديد من رموز القوى السياسية للاجتماع والتأكيد على الالتزام بالشراكة الوطنية والمشروع الوطني الجامع الذي يعبّر عن أهداف الثورة وعن كل أطياف ومكونات المجتمع المصري ويمثل فيها المرأة والأقباط والشباب، على أن يتم تشكيل حكومة إنقاذ وطني تضم ممثلين عن مختلف التيارات الوطنية على أن يكون رئيس هذه الحكومة شخصية وطنية مستقلة. في نوفمبر الجاري: وبعد أيام من إصدار الدكتور محمد مرسي، الإعلان الدستوري الأخير، أعلنت القوى المدنية رفضها قرارات الرئيس، وعدوانه على السلطة القضائية، ونظموا مليونية بعنوان "للثورة شعب يحميها"، ومع إصرار الرئيس على عدم إلغاء الإعلان، عادت لافتة "جبهة الإنقاذ الوطني" للظهور مجددا في ميدان التحرير، وهي الجبهة التي أعلنت قوى مدنية تشكيلها لتكون كيانا جامعا لكل القوى الرافضة للإعلان الدستوري، وإنشاء قيادة وطنية جماعية لها، تتفرع عنها لجنة تنسيقية لإدارة العمل اليومي من رموز مصر، على أن تكون مهمة تلك القيادة، إدارة المرحلة سياسياً وشعبياً وجماهيرياً. وضمت قائمة الأحزاب التي شاركت في تشكيل تلك الجبهة، أحزاب وحركات الدستور، مصر القوية، التيار الشعبي، المصري الديمقراطي الاجتماعي، التحالف الشعبي الاشتراكي، والتحالف الديمقراطي الثوري الذي يضم 10 أحزاب وحركات ثورية وتحالف الأحزاب الناصرية ومصر الحرية، والوفد والمصريين الأحرار، والنقابة العامة للفلاحين واتحاد الفلاحين المستقل، والجبهة الوطنية للنساء، إلى جانب كل من عمرو حمزاوي ووحيد عبد المجيد وعبد الجليل مصطفى وسامح عاشور وسكينة فؤاد وسمير مرقس، ونبيل زكي ومنير فخري عبد النور، وفؤاد بدراوي وعبد الغفار شكر وجور إسحاق وكريمة الحفناوي وشادي الغزالي حرب، ومحمد سامي وحسين عبد الغني وأحمد البرعي ومحمد أبو الغار وأحمد سعيد.