رفض الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر نظرية الإمامة في المذهب الشيعي، قائلا: "عمليا الإمامة غير موجودة من 1200 سنة، وعليه فلا يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يصح أن يترك المسلمين هكذا، ولابد أن يعين إمامًا، فالنبي لو كان فعل هذا، لكنا أمامَ سنة هجرها التاريخ وسيكون الجميع في حرج، إذن ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام إنما كان ليفسح مكانا للرأي العام في سياسة الناس، وما حدث في اجتماع الصحابة في السقيفة كان تجسيدًا لديمقراطية لم يعرفها الناس إلَّا بعد قرون عِدة، وليس أدل على ذلك من خطاب أبي بكر رضي الله عنه الذي أعلى من سلطة الأمة حينما قال: "إن أحسنتم فأعينوني وإن أسأت فقوموني"، أي لا بد وأن يكون للإمام إطار إن خرج عليه تحاسبه الأمة. وأكد أن أبو بكر أعلن مبدأ المساواة الذي لم يعرفه الناس إلا في ظلال الإسلام، ورسخ لسلطان الأمة في اختيارها للحاكم، والذي كان قبل أكثر من 1400 سنة، بقوله: "الضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ الحق له، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه". وأضاف شيخ الأزهر في حديثه الأسبوعي للفضائية المصرية: "تبين أن مسألة اختيار الحاكم والمسلمين للحاكم أو الخليفة أو الإمام، خاضعة للتطور الزمني بكل المقاييس، حتى في البلاد المتشيعة فإن اختيار الرئيس عندهم بالانتخاب، مع أنه لم يحدث أن قال الرسول صلى الله عليه وسلم انتخبوا الرئيس ولا قال الرئيس أنا سأعينه الآن وكل رئيس يعين ما بعده كما في نظرية الإمامة". وأوضح شيخ الأزهر، أن ما قيل عن عدم مبايعة علي بن أبي طالب لأبي بكر الصديق رضي الله عنهما كلام غير صحيح، فهناك إجماع بين أهل السنة على أن سيدنا عليّا بايع أبا بكر، لكن الخلاف في وقت بيعته، ففي روايات قليلة جدا تقول إنه بايعه في اليوم الأول، ولكن هذه الرواية لا تمثل الأكثرين الذين يقولون: إنه بايعه بعد ذلك بيومين أو ثلاثة، وبعضهم يقول بعد 6 أشهر بعد أن توفيت السيدة فاطمة، لحزنها الشديد على أبيها فانشغل بها، ثم خرج بعد وفاتها وبايع أبا بكر بعد ستة أشهر، وهذا هو الثابت عندنا، بدليل أن سيدنا أبا بكر عين سيدنا عليا على الجيش الذي كان يحمي المدينة من المرتدين الذين بدأوا يهاجمون المدينة فكان سيدنا عليٌّ على ركن من أركان المدينة يحمي المدينة، وهو إقرارا منه بخلافة أبي بكر الصديق، ثم إن امرأة أبي بكر كانت صديقة للسيدة فاطمة وأوصت بأن تغسلها مع علي، فلا يعقل بعد ذلك أن يقال: إن سيدنا عليا لم يبايع أبا بكر الصديق. وأضاف: "نلاحظ أن كتب الشيعة تكاد تتفق على الخطوط العامة العريضة في اجتماع السقيفة مع كتب أهل السنة من حيث إن الأنصار بقيادة سعد بن عبادة سارعوا إلى الاجتماع ثم مجيء أبي بكر وعمر وعبيدة بن الجراح ومبايعة أبي بكر، كما أن كتب الشيعة لم تذكر آية رواية تفيد أن الإمام عليّا بعث أحد رجاله إلى اجتماع السقيفة ليذكر بوصية رسول الله بتنصيبه إمامًا، أو يذكر بغدير خم كحجة على هذا التنصيب، رغم أن حادثة غدير خم كانت قريبة العهد بأسماع الصحابة من الأنصار والمهاجرين على السواء. وتابع الطيب، لو أن المسلمين في غدير خم فهموا أو جال بأذهانهم أن قول النبي: "من كنت مولاه فعليّ مولاه" أنه تنصيص وتنصيب لإمامة عليَّ من بعدها، هل كانوا سيسارعون إلى اجتماع السقيفة؟ ولماذا لم نسمع – حتى من كتب الشيعة- أن صحابيًا واحدًا قال لهم: توقفوا فإن النبي نص على إمامة عليِّ، ألا يبرهن ذلك على أن الجميع كان يتعامل مع قضية الخلافة أو الإمامة على أنها أمر متروك لاختيار المسلمين؟. وتابع، "رواية العلَّامة باقر المجلسي في موسوعته الضخمة بحار الأنوار، تذكر أن أمير المؤمنين عليًّا لمَّا سمع باجتماع السقيفة، وبعد أن فرغ من دفن رسول الله حضر إلى الاجتماع وخطب خطبة موجزة لا تتعدى سطرين، قال فيها بعد أن حمد الله وأثنى عليه: «إن كانت الإمامة في قريش فأنا أحق بها من أي أحد في قريش، وإن لم تكن في قريش فالأنصار على دعواهم» ثم اعتزل الناس ودخل بيته، وهذه الرواية لا تتضمن دعوى النص على إمامته كرم الله وجهه، أو أن النبي – صلى الله عليه وسلم- نصَّبه إماما للمسلمين من بعده، وإنما تتضمن تذكيرًا بأنه لقربه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقرابته ومكانته وعلو منزلته هو أولى من أي أحد يتولاها في قريش، ولو أنه كان يعتقد أنه منصوص على إمامته لما قال وإلَّا فالأنصار على دعواهم".