بين الماضى والحاضر، بين الخفى والظاهر، بين الممنوع والمباح، بين المعلن والمسكوت عنه، نعيش أيامنا العربية وأحلامنا العربية وطموحاتنا وانكساراتنا، انهزاماتنا وانتصاراتنا، تقاربنا وتباعدنا، تماهينا وتنائينا، لكن الأيام تمضى سريعاً والوقت والأحداث تهجم علينا لتحشرنا بين أنيابها، فإما أفلتنا أنفسنا وأرواحنا من مخالب تلك القبضة الدامية أو وقعنا فى براثنها وواديها السحيق، الآن وفى هذه اللحظة ووطننا العربى تعاد صياغته ليتفكك ولنخسر ما اكتسبناه بعد جهود مضنية على مر السنوات الماضية، وجب الانتباه والالتزام والاتفاق والوئام، فالموقف لا يحتمل الاستهانة أو التكاسل أو العبث. بداية وليحلو الكلام، نبدأ بالسلام، كيف الحال يا عرب، (إزيك، كيفك، شلونك، لاباس؟!، شن حالك؟!) كيف أصبح أبناء العروبة وبراعمها الصغار؟! النشء الجديد؟! الذين ربما لا يستمتعون بهكذا أحاديث وعن كذا مواضيع، حيث يكبرون وسط عولمة خاطفة وغفلة من الكبار الذين يساعدون فى ترسيخ مفاهيم خطيرة عن عدم جدوى التكتل العربى أو يقومون ببث روح سلبية من التعصب العرقى الأحمق أو التودد والالتصاق بالغرب، منجرفين صوب الأنا والفردية المطلقة، وفى هذا السياق أسجل ملاحظات ومشاهدات ترسخ فى أذهان النشء الصغير كوارث من شأنها أن تهدم أى معنى باقٍ للعروبة والوحدة وإلى الأبد. المشاهدة الأولى: هى استشراء تعليقات وعبارات عنصرية مقيتة داخل الإقليم العربى ذاته، تعززها انتهاكات نفسية خطيرة كبرامج سخيفة خبيثة مشكوك فى تمويلها وأهدافها (فى صورة مسابقات غنائية وتمثيلية يتنافس بها أبناء الوطن العربى).. صوّت لأبناء بلدك!!! وماذا عن الآخرين؟! إنه ترسيخ الفرقة والبُعد والبغض والكيد للأخ العربى. وثانى المشاهد المزعجة حد الغضب: لوحات المطارات، فى الدول العربية الشقيقة (هذا طابور بعض دول الجوار) وباقى الدول العربية يصطف أبناؤها مع الأجانب!!! إنه خدش لكرامة إخوة العروبة!!! كيف تستقبلنى فى بيتك بهذا الشكل؟!؟ أى أثر تتركه بنفسى حينها؟! هذا غير شرطة المطارات ببلادنا العربية وتعاملها مع بعض الجاليات العربية بتحفز دون الجنسيات الأخرى؟! أى عنصرية تلك! أنت بهذا تصنع جبالاً من البُعد والبغض بين أبناء العرب! بينما شرطة أخرى تسهل وتهلل وترحب زيادة عن اللائق فتزيد الراغب بالتجاوز تجاوزاً وغروراً! أى خلل فى المعايير هذا! والمشهد المقيت الثالث، تهكم وسخرية إعلاميين من مجريات وفعاليات سياسية فى بلدان عربية مجاورة!!! أى جهل وعبث وعدم مسئولية تلك؟! هذه قضايا أمنية بغاية الحساسية وغير قابلة للتعامل باستخفاف وكوميديا حمقاء، هذا انتهاك صارخ للمحظورات! تُرى ماذا يحدث لو كان الرد من صنف العمل؟! كيف الحال حينها؟! مؤكد أنه لا براءة بالموضوع، إنه اختراق غير مقبول، وجب الوقوف على ملابساته ومنع تكراره مع أى دولة أخرى، وإلا كان التراشق بين البلدان العربية فى أقبح صورة وكلنا لديه معايب ومثالب! والمشهد الظالم الرابع: انتهاكات تقع على شعوب عربية داخل بلدان عربية لأن أحدهم يعمل ببلد الآخر!!! منذ متى كان يحدث هذا! ما الذى تغير؟! أيصبح الإنسان مباحاً لأنه يعمل ببلد الآخر؟! إلى ماذا يهدف هذا! لا لشىء سوى عدم الأمان والكراهية، أهذا هو المطلوب؟! هى تصرفات فردية تؤدى إلى أزمات جماعية. المشهد المخجل والمشين الخامس: أن يأتيك ضيف عربى أو غيره فتتحايل عليه وتحتال وتتفنن فى كيفية استغلاله، عار على هكذا تصرف، أين عزة النفس والكرامة وأدب الضيافة، الحاجة ليست مبرراً، أين أدب الاستقبال وحفظ ماء الوجه؟! المشهد المضحك السادس: أن تفرق بينك وبين جارك العربى لأنك أصيل العروبة أما هو فلا! المشهد المبكى الثامن: أن تتكبر على شعوب عربية لأنك سبقتهم بالحضارة والانفتاح على العالم متنصلاً من عروبيتك إن لزم الأمر. المشهد البشع التاسع: أن تستقوى بالأغراب ضد الجيران الأحباب. المشهد المهين العاشر: أن تهون ويلات جارك طالما أن الأذى بعيد عنك، أو لأن مذهبه غير مذهبك أو لأنك لا تحب من يحكمه أو سياساته. ويبقى المشهد المؤذى والأكثر إيلاماً، هو أن يتناحر ويتحارب العرب موجهين أسلحتهم إلى بعضهم بعضاً!!!! إلى أين تمضون بِنَا.!؟! فى الوقت الذى تتكتل فيه البلدان والشعوب لتكوين جماعات وقوة موحدة، نتفكك نحن ونتبعثر لنضعف فيزداد الطمع بِنَا!! بالله عليكم كيف تفكرون؟!؟ الوقت لا يتسع للشعارات والمقالات بل للأفعال والانفعال، أيتها الشعوب العربية، من داخل البيوت العربية، رسخوا بأبنائكم قيم الوحدة والمحبة والإخاء، عرّفوهم عن عادات دول الجوار، وثقافاتها، اشرحوا لأبنائكم ماذا يعنى الوطن العربى وما هى التحديات التى تقابله، قوموا أنتم بالبيوت العربية بالدور الذى تقاعست عنه الأنظمة العربية.. (يتبع الأسبوع المقبل).