برقم الجلوس.. نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بكفر الشيخ    مدبولي يوجه بطرح رؤية تطوير "الثانوية العامة" للحوار المجتمعي    توجيه جديد لوزير التعليم العالي بشأن الجامعات التكنولوجية    ب35 مليون جنيه.. آمنة يعلن التسليم النهائي للمدفن الصحي بشبرامنت اليوم    «غرفةعمليات التموين»: تحرير 2280 محضرا لمخلفات المخابز بالقاهرة    محافظ أسوان: حل مشكلة انقطاع مياه الشرب بنجع الشريف إبراهيم بدراو    حركة فتح: نثمن الجهود المصرية لضمان حقوق الشعب الفلسطيني    كوريا الشمالية ترسل 600 بالون إضافي محملين بالقمامة عبر الحدود    الزمالك: جوميز مستمر مع الفريق| والفوز بالكونفدرالية لحظة فارقة    محمد طارق: شيكابالا أسطورة| وصاحب تاريخ كبير من العطاء في الزمالك    الوكرة يكشف ليلا كورة.. حقيقة طلب التعاقد مع أليو ديانج    موعد والقناة الناقلة لمباراة الزمالك وسبورتنج بنهائي كأس اليد    صور| بسبب الحرارة.. الحماية المدنية بالغربية تسيطر على حريق بكفر الزيات    تأجيل محاكمة محاسب اختلس 1.7 مليون جنيه من جهة عمله في البساتين    إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة في الشرقية    سعد الصغير يؤجل طرح «بابا الشغلانة» بسبب وفاة والدة الليثي    الكلمة هنا والمعنى هناك: تأملات موريس بلانشو    بردية أثرية تحدد بدقة «مسار العائلة المقدسة»    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    مظاهر الرفق بالحيوان عند ذبحه في الشرع.. مراعاة الحالة النفسية الأبرز    حج 2024| «الأزهر للفتوى» يوضح حكم الحج عن الغير والميت    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال مايو الماضي    تحرير 139 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    غرفة الرعاية الصحية باتحاد الصناعات: نتعاون مع القطاع الخاص لصياغة قانون المنشآت الجديدة    عيد الأضحى.. موعد أطول إجازة متصلة للموظفين في شهر يونيو 2024    أعلى نسبة مشاهدة.. حبس سيدة بثت فيديوهات خادشة عبر فيسبوك بالإسكندرية    رئيس بعثة الحج الرسمية: بدء تفويج حجاج القرعة من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة    في زيارة أخوية.. أمير قطر يصل الإمارات    الخارجية الفلسطينية ترحب بدعوى تشيلي ضد إسرائيل أمام محكمة العدل    "الحوار الوطني" يطالب بالإفراج عن المحبوسين احتياطيا نتيجة انخراطهم بدعم فلسطين    قيادات «المتحدة» ونجوم الفن ورجال الدولة في احتفالية العرض الخاص من سلسلة «أم الدنيا 2»    نسرين طافش تكشف حقيقة طلبها "أسد" ببث مباشر على "تيك توك"    حفر 30 بئرًا جوفية وتنفيذ سدَّين لحصاد الأمطار.. تفاصيل لقاء وزير الري سفيرَ تنزانيا بالقاهرة    تنفيذ 5 دورات بمركز تدريب الشرقية خلال مايو الماضي    نواب بالجلسة العامة يؤيدون التحول للدعم النقدى ليصل لمستحقه    بدء تطبيق عقوبة مخالفة أنظمة وتعليمات الحج في السعودية    وزارة العمل: توفير 3537 فرصة عمل جديدة في 48 شركة خاصة    رئيس الوزراء يُتابع إجراءات سد العجز في أعداد المُعلمين على مستوى الجمهورية    طريقة عمل الفطير المشلتت الفلاحي، الوصفة الأصلية    قرار جديد من محكمة النقض بشأن قضية «شهيدة الشرف»    السكرتير المساعد لبني سويف يناقش إجراءات تعزيز منظومة الصرف بمنطقة كوم أبوراضي الصناعية    مجلس الزمالك يسابق الزمن لتجهيز مستحقات الفريق.. ومفاجأة بخصوص جوميز (خاص)    رسمياً.. منحة 500 جنيه بمناسبة عيد الأضحى لهذه الفئات (التفاصيل والموعد)    وزيرة التخطيط ل"النواب": الأزمات المتتالية خلقت وضعًا معقدًا.. ولابد من «توازنات»    سيناتور أمريكي: نتنياهو «مجرم حرب» لا يجب دعوته للكونجرس    «الداخلية»: ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي ب9 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    أحمد حلمي يطالب بصناعة عمل فني يفضح الاحتلال الإسرائيلي: علينا تحمل مسئولية تقديم الحقيقة للعالم    طبيب قلب يقدم نصائح للوقاية من المضاعفات الصحية الناتجة عن حرارة الصيف (فيديو)    الاتحاد السكندري يخشى مفاجآت كأس مصر أمام أبو قير للأسمدة    وسائل إعلام لبنانية: شهيدان مدنيان في غارة إسرائيلية على بلدة حولا    محافظ كفر الشيخ يعلن أوائل الشهادة الإعدادية.. والطالبات يكتسحن القائمة (أسماء)    متحدث الزمالك: شيكابالا أسطورة الزملكاوية.. وهناك لاعب يهاجمه في البرامج أكثر مما يلعب    ل برج الجوزاء والعقرب والسرطان.. من أكثرهم تعاسة في الزواج 2024؟    انتقادات أيرلندية وأمريكية لاذعة لنتنياهو.. «يستحق أن يحترق في الجحيم»    دعاء دخول مكة المكرمة.. اللهم أَمِّني من عذابك يوم تبعث عبادك    تداول 15 ألف طن و736 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    «خبرة كبيرة جدًا».. عمرو السولية: الأهلي يحتاج التعاقد مع هذا اللاعب    قصواء الخلالى ترد على تصريحات وزير التموين: "محدش بقى عنده بط ووز يأكله عيش"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الوطن يوم 26 - 11 - 2015

هذه هى الحلقة (7) من دراستنا «غروب الجماعة»، ونتناول فيها موقف الجماعات الإسلامية، ومنها الإخوان، من قضايا الوطن والمواطنة والجنسية، أبادر فأقول إن هناك التباساً لديها فى فهم هذه المصطلحات، الأمر الذى أدى إلى وجود مشكلات خطيرة متعلقة بالولاء والانتماء، فهذه الجماعات تعطى ولاءها وانتماءها فى المقام الأول لأمرين اثنين، العقيدة والمذهب، وبالتالى فأى فرد يدين بها ويعتنق مذهباً معيناً، سواء كان هنا فى مصر أو فى أى مكان من العالم، يكون ولاؤه وانتماؤه لجماعته وليس للدولة التى يعيش على أرضها وفى كنفها، ولنا أن نتخيل كم المشكلات والصراعات والقلاقل التى تنشأ فى دولة يوجد بها عشرات من هذه الجماعات، كل واحدة منها لها انتماؤها وولاؤها خارج حدودها، ولنا أن نتخيل أيضاً كيف يمكن أن تتحول هذه الجماعات إلى براميل بارود أو قنابل موقوتة داخل هذه الدولة أو تلك، على سبيل المثال، حزب الله فى لبنان، والشيعة فى سوريا والعراق وشرق دول الخليج، والحوثيون فى اليمن، هؤلاء يعتبرون ولاءهم وانتماءهم أولاً وأخيراً لإيران، يأتمرون بأوامرها، وينتهجون نهجها، ويسعون لتنفيذ أهدافها، ولو على أشلاء أوطانهم، وقد رأينا كيف أن الأفراد الذين قاموا بالهجمات الإرهابية فى باريس يوم الجمعة 13 نوفمبر، هم فرنسيون يعيشون على أرض فرنسا ويتمتعون بجنسيتها، مع ذلك هم ينتمون إلى «داعش»، لا إلى فرنسا، نفس الشىء بالنسبة للإرهابيين الذين يعيشون على أرض مصر، لذا، نقول إن مواجهة الإرهابيين بالقوة اللازمة على المستوى المحلى والإقليمى والدولى ضرورية وحتمية فى مرحلة ما، لكنها لن توقفهم، وسوف يستمرون فى ممارسة الإرهاب ما وسعهم إلى ذلك سبيلاً، طالما بقى فكرهم على حاله دون تغيير أو علاج، وهذه هى مهمة العلماء والمفكرين والساسة.
إن الجنسية رابطة سياسية وقانونية بين الفرد والدولة، فهى رابطة سياسية لأنها تربط الفرد بوحدة سياسية هى الدولة، حيث يكون أساسها سيطرة الدولة وسيادتها فى تحديد ركن من أركانها وهو شعبها، وهى رابطة قانونية، حيث تحكمها قاعدة قانونية وتترتب عليها آثار عديدة من الناحية القانونية أيضاً، ويعرفها الفرنسى «بول لاكارد» بأنها التبعية القانونية والسياسية لشخص إلى السكان المكونين للدولة، ويعرفها «لوسوران» بأنها صفة الشخص المستمدة من الرابطة السياسية والقانونية التى تربطه بدولة هو أحد عناصرها المكونة، وعرفها الفقيه «لريبور بيجونيير» على أنها رابطة قانونية وسياسية تنشئها الدولة بمشيئتها فتجعل الفرد تابعاً لها، أخذ بهذا التعريف عز الدين عبدالله فى كتابه (القانون الدولى الخاص)، والحلوانى فى كتابه (الوجيز فى القانون الدولى الخاص)، وعرفها شمس الدين الوكيل فى كتابه (الموجز فى الجنسية ومركز الأجانب) بأنها تبعية قانونية وسياسية تضع الدولة قواعدها ويكتسب الفرد بموجبها الصفة الوطنية فى هذه الدولة (انظر ما جاء فى موسوعة الثقافة السياسية الاجتماعية الاقتصادية العسكرية، مصطلحات ومفاهيم، عامر مبيض)، ورغم أن الجنسية رابطة مدنية اجتماعية، بين الدولة ومواطنيها الذين يعيشون على أرضها ويلتزمون بدستورها ويتقيدون بقوانينها، لا فرق فى ذلك بين مسلم وغيره، وأن هذه لا تقارن على أى نحو برابطة العقيدة، فهذا مجال، وذاك مجال آخر مختلف تماماً، لكنا وجدنا سيد قطب يقول إن «جنسية المسلم عقيدته»، بل يفرد لها فصلاً فى كتابه الشهير «معالم فى الطريق»، فما الذى يقصده «قطب» بهذه العبارة، وما الذى يقصده «البنا» بأن «الإسلام وطن وجنسية»؟! هل المقصود بها الرابطة السياسية والقانونية بين الفرد والدولة، على اعتبار أن شمولية الإسلام تتضمن نظاماً سياسياً وقانونياً؟! إذا كان ذلك كذلك بالنسبة للمواطن المسلم، فما هو موقف المواطن غير المسلم الذى يعيش فى هذه الدولة؟ ثم إن هناك عشرات الملايين من المسلمين يعيشون فى كل قارات العالم، أوروبا وأمريكا وآسيا وأفريقيا وأستراليا، وقد استوطنها هؤلاء وصاروا جزءاً من شعوبها، يلتزمون بدساتيرها وقوانينها، ومن ثم أصبحوا يحملون جنسياتها، فهذا أمريكى، وذاك بريطانى، وهكذا، فهل من المقبول أن يلتزم مسلم أو جالية مسلمة تعيش فى أمريكا (مثلاً) بتنفيذ دستور بلدها الأصلى والاحتكام إلى قوانينه، بدلاً من الدستور والقوانين الأمريكية، من منطق أن «جنسية المسلم عقيدته»؟ وهل يمكن أن تتركها الدولة الأمريكية لتفعل ذلك؟ صحيح أن «البنا» تكلم عن الوطن والوطنية، خاصة وطنية الحنين والحرية والعزة والمجتمع كلاماً رائعاً، لكن جانبه الصواب تماماً عندما تكلم عن وطنية الفتح والحزبية وحدود وطنيتنا، كما جانبه الصواب عندما قال عن الإسلام إنه «وطن وجنسية»(!)، إن الإسلام كعقيدة وشريعة ليس هو الوطن، مفهوم الوطن يبدأ من القرية والمدينة وينتهى بالوطن القومى الأكبر، أما مقوماته فتتلخص فى عنصرين: الأرض والإنسان.
إن المواطنة تعرف بأنها عبارة عن علاقة متبادلة بين أفراد مجموعة بشرية تقيم على أرض واحدة، وليست بالضرورة منتمية إلى ذاكرة تاريخية موحدة أو دين واحد، هذه المجموعة البشرية ينتظمها دستور وقوانين تحدد واجبات وحقوق أفرادها، إنها شبه جمعية تعاونية ينتمى لها -طواعية واختياراً- أفرادها بشكل تعاقدى، فالذى ينضم إليها اليوم، له نفس حقوق من انضم إليها منذ عقود، وقيم هذه المجموعة فى المفهوم الحديث هو عكس المفهوم التاريخى الذى يقوم على أساس العرق أو الدين أو التاريخ المشترك، فالتنوع نفسه يصبح قيمة كبرى إذا تحقق الانسجام عن طريق التفاعل بين مختلف الخصوصيات، وذلك: 1- بتفعيل المشترك الإنسانى 2- تحييد عنصر الإقصاء والطرد، و3- استبعاد عنصر نقاء النسب الذى يؤدى إلى تقسيم المواطنين إلى درجات كما كان عند الرومان أو العرب فى عصر الجاهلية، المواطنة إذن رابطة اختيارية معقودة فى أفق وطنى يحكمه الدستور، أو ما سماه الفيلسوف الألمانى «هابرماس» بالوطنية الدستورية، أى شعور الفرد بانتمائه إلى جماعة مدنية مؤسسة على المشاركة فى القيم الأساسية، والحقيقة أن المواطنة تتسامى على الفئوية، لكنها لا تلغيها، والمطلوب أن تتواءم وتتعايش معها، ولعل ذلك أهم تحول فى مفهوم المواطنة فى العصر الحديث، ولعله أهم جسر لتكون القيم الدينية لكل مجموعة بشرية محترمة ومقبولة، وأن هذا يلتقى مع المفهوم الإسلامى للتعايش البشرى، بحيث لا يجد المسلم حرجاً بل قد يكون متعاوناً معها (راجع ما كتبه العلامة بن بيه فى كتابه: صناعة الفتوى وفقه الأقليات).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.