كيف لنا أن نستقبل المزيد من سيل الرسائل والأخبار التى يرسلها أصحاب القراءات الخاطئة للأديان وتعاليمها، لا يدركون من أمر واقع البلاد والعباد ومحددات أمننا القومى والإنسانى ما يجعلهم ينتهون عن استمرارهم فى التنكيد على الناس بعد ترويعهم بعذابات جهنم وبئس المصير، لقد كان الناس فى بلادى على فهم للإيمان بالعقائد ومعرفة بالعبادات والممارسات اليومية لطقوس الصلاة والزكاة والحج وغيرها فى سلام وحب، قبل أن يعود هؤلاء من بلاد النفط بمروحة وجهاز تسجيل ومسبحة وجلباب قصير، وبوصولهم روجوا وأكدوا أن أهاليهم فى الوطن ما كانوا يعبدون أو يسبحون ولا هم فى الأساس على دراية بصحيح الدين!! إنهم أصحاب بشارة الفتح الجديد لأم الدنيا ولا رحمة ولا مغفرة لمن أتى قبل قدومهم، ولا سماح ولا قبول لمن يخالف ما يعتقدون أنه الصواب المطلق فى أمور الدنيا والدين بعد قدومهم أو خروجهم من المعتقلات!! بالأمس طالعنا فى جريدتنا «الوطن» تهديد السلفيين باستخدام القوة وتقديم التضحيات من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية، وقال أبوأسلم المصرى، القيادى ب«السلفية الجهادية» عبر مدونته الشخصية على الإنترنت: «نحن نعلنها، أيتها الحكومة المصرية الكافرة لكم دينكم ولنا دين، دينكم الديمقراطية، وديننا الإسلام، لا نعبد ما تعبدون، نعبد الله وتعبدون الدستور والقانون الوضعى والآلهة الورقية، بدت بيننا وبينكم البغضاء حتى تؤمنوا بالله وحده، وتنساقوا لشرعه، وإلا سقناكم وأخضعناكم إليها أذلة تحت ظلال السيوف». بعد تصريح الشيخ مرجان سالم الجوهرى، القيادى بالدعوة السلفية الجهادية، بأنهم حطموا تماثيل بوذا بأفغانستان، وسيحطمون الأهرامات وأبوالهول فى مصر باعتبارها «أصناماً»، ينشر موقع البداية الإلكترونى صورة نشرتها صفحة «كاهن الوهابية فى مصر» على موقع «فيس بوك»، من أول صفحة من جريدة الكون الصادرة عن مجلة الكفاح العربى اللبنانية، عدد 3 ديسمبر 1925، الذى خرج بمانشيت «آل سعود يدمرون أضرحة الصحابة»، وعنوان فرعى «عبدالعزيز يعتذر ويتهم رجاله». فيما نشرت صفحة «شبكة ناصر الإخبارية» على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» قائمة ببيوت وأضرحة الصحابة التى هدمها آل سعود بعد وصولهم للحكم. وأخيراً، نتابع الخبر التالى: هدد 3 سلفيين ممن يعتبرون أنفسهم «داعين للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر» الإعلامى وجدى الحكيم بحرق مكتبه، ما لم يغير اسم المكتب «الحكيم» ويرجع إلى الله، حسب روايته. وقال «الحكيم» ل«الوطن» إنه استقبل السلفيين الثلاثة فى مكتبه، دون معرفته بهويتهم، وفوجئ بحديثهم معه بلهجة حادة لا تخلو من التهديد، اعتراضاً على اسم مكتبه «الحكيم»، معتبرين أن ذلك يعد «تعرضاً للذات الإلهية»، قائلين: «ينبغى عليك يا أخ وجدى أن تغير اسم مكتبك لأنك بذلك تتعدى على الذات الإلهية، وهذا نوع من الكفر»، ويضيف الإعلامى الكبير أن السلفيين الثلاثة اعترضوا على احتواء مكتبه على صور ومكتبته الفنية على كتب لذكرياته مع عبدالحليم حافظ وأم كلثوم، وقالوا له: «أليس هذا عبدالحليم الذى كفر بالله قائلاً: قدر أحمق الخطى؟ وأليست هذه أم كلثوم التى غنت: هل رأى الحب سكارى؟ فكيف تحتوى مكتبتك على مواد لمن كفروا بالله؟».. وأحيل أصحاب كل تلك الرسالات للتنكيل بالإبداع والمبدعين لجميل الفنون لمقال بديع للباحث الإسلامى الدكتور محمد عمارة بجريدة الأهرام بعنوان «الإسلام والفنون الجميلة» يؤكد فيه أن الفنون هى المهارات التى يبدعها الإنسان، ويتوسل بها إلى التجديد والترقيق والتنمية للملكات والطاقات الإنسانية، لتصبح الحياة أكثر جمالاً، عندما تنفتح قنوات الاتصال بين النفس الإنسانية وبين آيات الجمال التى خلقها الله وبثها فى هذا الوجود.. والله وهو الذى خلق الإنسان فى أحسن تقويم، وسخر له الزينة والجمال فى هذا الوجود. ولن يستطيع الإنسان أن يشكر الله على نعمة الزينة والجمال التى سخرها له إلا إذا استمتع بهذه النعمة ووظفها لتحقيق المقاصد التى خلقه الله لتحقيقها: عمران هذه الأرض، لتزداد جمالاً بالعمران الجميل، ولهذه الحقيقة، حقيقة ارتباط جمال الفنون برسالتها الأخلاقية، قال الفيلسوف ابن سينا: «!» «جمال كل شىء وبهاؤه هو أن يكون على ما يجب له». ووجدنا ذات المعنى عند الأديب والناقد الروسى «بلنسكى» [1811-1848م] الذى قال: «إن الجمال شقيق الأخلاق» إذن، فمعيار الموقف الشرعى من «الفنون» التى هى مهارات هو علاقتها بالجمال، أى بمنظومة القيم والأخلاق. وبهذا تتميز عن مهارات الشرور والأشرار. ذلك لأن هذه الفنون المهارات لا تخرج عن كونها إبداعاً إنسانياً يحاكى على نحو نسبى الإبداعات الجمالية والجميلة التى بثها الله سبحانه وتعالى فى هذا الوجود، والتى زين بها الأرض والسماء وما فيهما وما بينهما، فحجة الإسلام أبوحامد الغزالى، قد ملك طريق العقل مع الشرع لنفى الحرج عن فنون السماع، وتساءل: «لا أحد يحرم الأصوات المنكرة، فهل تحرم الأصوات الجميلة لأنها جميلة؟! ولا أحد يحرم الأصوات الجميلة إذا جاءت من الطيور والأشجار، فهل تحرم إذا جاءت من الإنسان؟! ولا أحد يحرم النغمات المختلفة. فهل إذا ائتلفت فى الموسيقى تصبح حراماً؟!». ثم خلص الغزالى إلى أن قال: «من لم يهزه العود وأوتاره، والروض وأزهاره فهو فاسد المزاج، ليس له علاج»! فى مداخلة للبرلمانى العظيم المهندس حمدى الطحان صاحب أهم وأخطر تقرير تقصى حقائق حول كارثة «العبارة» التى راح ضحيتها أكثر من ألف مواطن مصرى، للحديث عن كوارث السكك الحديدية، قال يائساً متسائلاً «هل نُقدم العزاء فى الأمل»؟!!.. نعم أشاطره السؤال!!!