تغيرات كبيرة تشهدها خريطة الاستثمار البترولى فى مصر بدخول شركات جديدة إلى السوق وخروج أخرى وتجميد العمل ببعض المشروعات، وهو ما اعتبره الخبراء خروجاً جماعياً للاستثمارات البترولية فى ظل الأوضاع المضطربة حالياً، مع توقعات بعودتها مرة أخرى للسوق بعد اختيار الرئيس الجديد، مطالبين وزارة البترول بالتوسع فى الاتفاقيات الجديدة خلال الفترة المقبلة، وتغيير نظام الاتفاقيات المشتركة استجابة لمطالب المستثمرين. وقررت شركة «هادى بشماوى» التونسية تجميد نشاطها فى مصر وإيقاف العمل بمحطة غاز منخفض القطارة فى الصحراء الغربية بتكلفة 35 مليون دولار لحين استقرار الوضع السياسى فى مصر، كما قررت شركة «الباسو» الأمريكية بيع حقولها من النفط والغاز التى تمتلكها فى مصر، كما قررت شركة «بتروجنوب أفريقيا» ترك حصتها البترولية فى مصر بمنطقة امتيازها بخليج السويس، كما قررت شركة «توتال» الفرنسية العاملة فى مجال النفط الانسحاب من مشروع اتفقت عليه مع الشركة القابضة المصرية للبتروكيماويات لإنتاج «البروبلين» و«البولى بروبلين» بقيمة 6 مليارات دولار بمنطقة السويس بسبب الاضطرابات. وفى المقابل قررت شركة «سى دراجون إنرجى» استئناف عملها بمصر من خلال استثمارات جديدة فى منطقة الامتياز بالبحر الأحمر، حيث استحوذت الشركة على 10% من حصتها البترولية من الشركة المصرية المشتركة مع «فيجاس» اليونانية (بترو أمير) فى منطقة امتيازها بالبحر الأحمر. وأكد الدكتور حمدى البنبى وزير البترول الأسبق أن قطاع البترول سيواجه تحديات كبيرة العام المقبل مع احتمال هروب عدد من المستثمرين الأجانب من مصر نتيجة فشلهم فى حفر آبار استكشافية جديدة بمناطق الامتياز البترولية، مطالباً وزارة البترول بالسعى لزيادة الاتفاقيات العام المقبل مع الشركات الأجنبية العاملة فى مجال البحث والاستكشاف عن البترول والغاز الطبيعى. وأضاف أن هناك فرقاً واضحاً بين بيع شركة بترولية لاستثماراتها فى مصر وبيع جزء من حصتها البترولية، مشيراً إلى أن بيع جزء من الاستثمارات يخدم قطاع البترول فى مصر بدخول شركات جديدة للسوق وضخ استثماراتها فى قطاع البترول، وهو ما نجحت وزارة البترول فى تحقيقه خلال العام الجارى، حيث نجحت فى جذب 6٫15 مليار دولار للبحث والاستكشاف عن النفط فى مصر. وأوضح أنه متفائل بشأن معدلات الإنتاج العام المقبل برغم خروج بعض الشركات من السوق، حيث من المتوقع زيادة معدلات الإنتاج من الزيت الخام والغاز الطبيعى الموسم الحالى بمناطق الامتياز فى البحر المتوسط، والصحراء الشرقية، والصحراء الغربية، وخليج السويس، والدلتا، وسيناء، خاصة مع إعلان الوزارة طرح العديد من المزايدات بمناطق الامتياز لضخ استثمارات جديدة بالقطاع. وأضاف أن معدلات الإنتاج خلال الفترة الماضية مرضية رغم تغيرات خريطة الاستثمارات البترولية، حيث بلغت معدلات الإنتاج فى الصحراء الشرقية أبريل الماضى إلى 2٫2 مليون برميل زيت خام، وفى الغربية 1٫8 مليون برميل زيت خام، و527 ألف برميل غاز مسال، وارتفع الإنتاج فى منطقة خليج السويس بنحو 469 ألف برميل زيت خام، و176 برميل غاز مسال، ومنطقة الدلتا تم زيادة إنتاجها ب5٫89 ألف برميل زيت خام و2٫89 ألف برميل غاز مسال وزادت كميات الزيت الخام فى سيناء بحجم 1٫2 مليون برميل زيت خام، ووصل الغاز المسال 84 ألف برميل. وأكد وزير البترول الأسبق أن الاتفاقيات الجديدة ستتيح للدولة زيادة مواردها البترولية، وإتاحة فرص عمل جديدة للكوادر الفنية من خلال التوسع فى المناقصات لضمان زيادة الاستثمارات، بجانب الدور الكبير الذى تلعبه شركات المقاولات للخدمات البترولية فى نجاح تلك الاتفاقيات. وحذر مصدر مسئول بقطاع البترول من هروب جماعى للاستثمارات البترولية نتيجة رفض وزارة البترول تغيير نظام الاتفاقيات المتبع، مشيراً إلى أن عدداً من الشركاء الأجانب يرغبون فى تغيير نظام اقتسام الإنتاج لما يتعارض مع مصالحهم الشخصية. وأوضح أنه فى بداية أحداث الثورة لم تتأثر الشركات البترولية، ولكن مع مرور الوقت بدأ المستثمرون سحب استثماراتهم من قطاع البترول كما فعلت شركة «بترو جنوب أفريقيا» التى قررت الانسحاب من السوق بعد فشلها فى حفر 4 آبار جديدة بمنطقة امتيازها بخليج السويس نتيجة عدم الاستقرار فى مصر حالياً وارتفاع تكاليف الحفر. وأشار إلى أن بيع شركات أخرى لحصصها البترولية مثل شركة «هيس» الإنجليزية التى قامت ببيع مشروعها فى البحر المتوسط بعد فشلها فى حفر 3 آبار بترولية العام الماضى، وتكبدت خسائر 80 مليون دولار، وشدد على ضرورة إيجاد بدائل سريعة لتعويض تلك الاستثمارات، خاصة أن قطاع البترول يعتبر أحد أعمدة الاقتصاد القومى.