عبد الحليم علام يكشف عن موعد الانطلاقة الجديدة لمعهد المحاماة    د. يسري جبر: حديث السقاية يكشف عن تكريم المرأة ومكانتها في البيت والمجتمع    وزير العمل عن دمج وتوظيف ذوي الهمم: قضية تحتاج تكاتف المؤسسات    رئيس المنطقة الاقتصادية بقناة السويس يزور منطقة "تيانجين" بالصين لبحث فرص التعاون    غدا.. ضعف المياه بحى شرق وغرب سوهاج لأعمال الاحلال والتجديد    بيان مشترك.. سوريا وفرنسا وأمريكا تطلق خارطة طريق لاستقرار سوريا    رئيس وزراء الاحتلال: ندرس حاليًا بدائل لإطلاق سراح الأسرى    فيريرا يلقي محاضرة فنية على لاعبي الزمالك قبل ودية دجلة    الداخلية تضبط المتهم بتكبيل شخص ب«جنزير» والتعدي عليه بالشرقية    مي عز الدين توجه رسالة ل أنغام بعد سفرها ل ألمانيا لإجراء فحوصات طبية    ب"فستان قصير"..أحدث ظهور ل نرمين الفقي بمنزلها والجمهور يغازلها (صور)    هل يقبل عمل قاطع الرحم؟ د. يسري جبر يجيب    التأمين الصحي الشامل يتعاقد مع المستشفى الجوي التخصصي    طريقة عمل الكيكة، هشة وطرية ومذاقها لا يقاوم    اشربها لصحة أفضل.. 9 مشروبات بروبيوتيك تدعم جهازك الهضمي وتعزز مناعتك    وزير الاستثمار يلتقي مسؤولي 4 شركات يابانية لاستعراض خططها الاستثمارية بالسوق المصري    «حماة الوطن» يحشد الآلاف في سوهاج لدعم مرشحيه بانتخابات الشيوخ 2025    قصور الثقافة تختتم ملتقى فنون البادية التاسع بشمال سيناء    برنامج تأهيلي مكثف لنجم الهلال السعودي    إقبال واسع على سوق اليوم الواحد ومبادرة "أسماك البلد" بالإسماعيلية (صور)    محافظ الجيزة يوجه بضبط «الاسكوتر الكهربائي للأطفال» من الشوارع    النيابة تكشف مخطط منصة VSA للاستيلاء على أموال 57 مواطنًا    زيلينسكي: دفاعاتنا تصد الهجوم الروسي خلال الصيف    فيلمان تسجيليان عن الخيامية والأوانى التراثية بأوبرا دمنهور    مصرع شخصين وإصابة آخرين إثر حادث تصادم في الطريق الزراعي بالشرقية    عامل يقتل زوجته ويدفنها خلف المنزل تحت طبقة أسمنتية بالبحيرة    استشهاد شخص في استهداف طائرة مسيرة إسرائيلية لسيارة في جنوب لبنان    بيراميدز يتجه إلى إسطنبول لمواجهة قاسم باشا    رحيل هالك هوجان| جسد أسطوري أنهكته الجراح وسكتة قلبية أنهت المسيرة    نائب وزير الخارجية الإيراني: أجرينا نقاشا جادا وصريحا ومفصلا مع "الترويكا الأوروبية"    باستقبال حافل من الأهالي: علماء الأوقاف يفتتحون مسجدين بالفيوم    "كوردا" يشاهد أعمال المسح الطوبوغرافي لمشروع الطريق الرابط بين مصر وليبيا وتشاد    «100 يوم صحة» تقدّم 14.5 مليون خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    شقيقة مسلم: عاوزة العلاقات بينا ترجع تاني.. ومستعدة أبوس دماغة ونتصالح    ضبط 596 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة خلال 24 ساعة    هل رفض شيخ الأزهر عرضا ماليا ضخما من السعودية؟.. بيان يكشف التفاصيل    وزارة الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدى الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    أسعار اللحوم الحمراء اليوم في مصر الجمعة    واشنطن تدعو إلى وقف فوري للاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا    بعض الليالي تترك أثرا.. إليسا تعلق على حفلها في موسم جدة 2025    بطابع شكسبير.. جميلة عوض بطلة فيلم والدها | خاص    إزالة 196 حالة تعدٍ على أراضي أملاك الدولة بأسوان خلال 20 يومًا - صور    انخفاض أسعار الحديد وارتفاع الأسمنت اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    عالم أزهري يدعو الشباب لاغتنام خمس فرص في الحياة    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى نظيره السنغالي    أسعار النفط تصعد وسط تفاؤل بانحسار التوتر التجاري وخفض صادرات البنزين الروسية    مواعيد مباريات الجمعة 25 يوليو - الأهلي ضد البنزرتي.. والسوبر الأردني    الليلة.. الستاند أب كوميديان محمد حلمي وشلة الإسكندرانية في ضيافة منى الشاذلي    صفقة الزمالك.. الرجاء المغربي يضم بلال ولد الشيخ    نجم الزمالك السابق يوجه رسالة خاصة ل عبد الله السعيد    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    رغم أزمة حفل راغب علامة، أحمد فتوح يستفز جمهور الزمالك بصورة جديدة مثيرة للجدل    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 8 مساجد في 7 محافظات    الآلاف يحيون الليلة الختامية لمولد أبي العباس المرسي بالإسكندرية.. فيديو    سعاد صالح: القوامة ليست تشريفًا أو سيطرة وإذلال ويمكن أن تنتقل للمرأة    تفاصيل صفقة الصواريخ التي أعلنت أمريكا عن بيعها المحتمل لمصر    دعاء يوم الجمعة.. كلمات مستجابة تفتح لك أبواب الرحمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«دادة» دعت على نفسها بالموت فمنحها الله الحياة
«سعاد»: مش فاكرة إيه اللى حصل للأتوبيس ومش عارفة وصلت المستشفى إزاى

تسير سعاد فى المنزل ضيق المساحة متبرمة، لا تتوقف عن الشكوى من الحياة، ولا تألو جهداً فى الندب على حالها المائل، تطلب منها ابنتها ميرفت طلباً فترفضه فى عصبية شديدة، تحاول الأم خيرات أن تهدئ من روع ابنتها، تقنعها أن الحياة يلزمها قدر كافٍ من الهدوء، للقدرة على مواصلة العيش، تسخر منها سعاد، تذكرها بزوجها الذى طلقها، ولم يعبأ بأنه يترك لها أبناء ثلاثة: سمر وميرفت ومصطفى، أبناء فى عمر الزهور، يحتاجون للمزيد من الرى، والاعتناء، لعل المحصول يكون يانعاً أكثر مما هى عليه. تصمت الأم، لا تجد سبيلاً مع الابنة، وشكواها الدائمة من الحياة، تعذرها فى إحساسها، حيث عانت الأمرّين فى حياتها، لم يوفقها الله فى زواجها، بل كانت ثمرته كالقيد الذى يدمى المعصم، إذ لا تتوقف طلبات الأبناء، من مدارس، لعلاج، لتعليم، دورة لم تجد سعاد سوى العمل «دادة» حلاً للصرف على أمها القعيدة خيرات، وأبنائها الثلاثة، الذين ترغب فى إعدادهم بالشكل الذى يكفل لهم ألا يعانوا مثلها. كلما يشتد الضغط عليها، وتكثر الطلبات الأسرية، ترفع أكف يديها متضرعة إلى الله، تشكو إليه ضيق هذين اليدين، وضعفها وقلة حيلتها وهوانها على الناس، تطلب منه أن يقبض روحها، تدعو على نفسها، تحلم بأن تفارق الحياة بما تحمل لها من مرارات، تجترها كل ليلة.
هكذا تمضى حياة سعاد من أزمة إلى أخرى، تعمل فى معهد نور الأزهر المنكوب ك«دادة» منذ عامين تقريباً، تحكى والدتها يوم السبت الدامى قائلةً إنها حملت مجموعة من الطلبة من قرى الشيخ والى والحواتكة والمندرة، يوم ككل الأيام، وفعل تقدم عليه سعاد فى كل صباح، لكن لم تلبث دقائق قليلة أن مضت، حتى سمعت ميرفت ابنة سعاد بعواء سيارات الإسعاف ينطلق مفزعاً، وحركات غير اعتيادية من الأهالى فى القرية، انقبض قلبها، أخذت تجهش بالبكاء دون حتى أن تتأكد من علاقة أمها بالإسعاف، سمعت كلاماً يلقى فى طريقها أن أتوبيس المعهد تحطم فى حادثة على المزلقان، أخبرت جدتها خيرات، التى لم تمنعها حركتها الثقيلة من الركوض ناحية الحادث، ما إن يتكرر لفظ الحادث مجدداً أمام سعاد، حتى تصدر آهات مكتومة وحارقة من صدرها، تحاول التنفيث عما يجول بخاطرها، لكن الأجهزة وحالتها تقف دون ذلك. تقول خيرات إنها حين وصلت إلى موقع الحادثة لم تجد من القول إلا الدعاء والحسبنة على عامل مزلقان السكة الحديد، الذى تسبب فى الأزمة، على حد وصفها، ما إن شاهدت كتل اللحم متناثرة فى الطريق، لا يتبين من يمتلك تلك الرأس، أو إلى من تعود هذه الذراع، حتى خرت أرضاً، أهالت على رأسها التراب، تريد أن تدفن نفسها حية بجوار هؤلاء البراعم، هى العجوز التى امتد بها العمر، لتنظر كيف يتم اغتيال أحلام الطفولة، وتنزوى براءة الصغار، أخذت تلعن اليوم الذى عملت فيه سعاد فى المعهد، جارّةً عليها من الويلات ما لا ينسى، المعاناة لم تفارقها حتى ساعة فعلها للخير، تذهب لحمل الأطفال بنفسها، وتساعدهم فى ركوب الحافلة، تلك الحافلة التى كانت وسيلة مواصلاتهم الفورية للموت. فجأة، تلوح بارقة أمل، يخبرها البعض بأن ابنتها لم تمت، يصيبها مس من فرح، وتقفز من جهة لأخرى باحثة عن وجه ابنتها، معها أحفادها، الذين لم يتوقفوا عن النحيب على والدتهم، تشاهدها أخيراًً، فى حالة يرثى لها، لا تستطيع الحديث، لكن ثمة نبض فى قلبها يشى بأنها على قيد الحياة.
تنتقل سعاد إلى المستشفى، هناك ترقد، تدخل فى نوبة جديدة من المرارة، يصيبها الوهن، ويتسلل إليها شبح العجز، إذ إن كسراً قد طال القدم والذراع والضلوع، تقول والدتها خيرات باكية «أنا مخلفتش غيرها وحيدة من غير حتى أخ، مش عاوزة غير أنها ترجع تمشى على رجلها تانى». تحكى عن كونها الوحيدة التى تصرف على المنزل، ترعاها أحسن رعاية، وترغب فى تعليم أبنائها أفضل تعليم. تتكلم سعاد أخيراًً، كلمات قليلة، يغلب عليها آهات الألم، تقول «أنا مش فاكرة إيه اللى حصل، أنا كنت فى الأتوبيس، وفجأة مدرتش بروحى ومعرفش مين اللى جابنى هنا».
«الله ينتقم من اللى ماسك السكك الحديد كلها» هكذا تتحدث خيرات، تلقى باللوم على السكك الحديدية، وتبعد الذنب أو شبهته عن سائق الأتوبيس، تصفه بالغلبان الطيب، الذى لم يخطئ. تتحدث ميرفت، ابنة سعاد، عيناها لا تتحول عن الأم الراقدة على سريرها، للمرة الأولى تراها عاجزة عن الحركة، تلك السيدة التى ملأت القرية جيئة وذهاباً، تعولهم، دون سابق إنذار لا يتحرك لسانها إلا بحساب، أحست أن الظهر الذى تتعكز عليه فى الدنيا قد انكسر، بعد أن انكسر من قبل حين حدث الانفصال بين أبيها وأمها، تستغرب من دعوات الأم على نفسها قبل الحادث، من فرط ما قاست من خيبات «معقولة يعنى ربنا سمع كلامها، وكان حيريّحها وتموت؟.. بس أنا عارفة إن أمى حترتاح لمّا تبقى بتمشى وإحنا فى ضهرها».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.