التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس، بمقر إقامته فى سنغافورة بعدد من أبرز كبار رجال الأعمال والصناعة، والمهتمين بالتعرّف على الفرص الواعدة للعمل والاستثمار فى مصر. مصر عازمة بجدية على تعزيز علاقاتها بالدول الآسيوية.. وتجهيز البنية الأساسية للمشروعات خلال عام ونصف وقال «السيسى» فى كلمته: «إنه لمن دواعى سرورى أن أكون بينكم، كأول رئيس مصرى يزور سنغافورة منذ استقلالها. وأؤكد لشعبكم الصديق عزم مصر الجاد على تعزيز علاقاتها بالدول الآسيوية الصديقة، والارتقاء بمستوى تعاوننا معها إلى آفاق أرحب ومستوى أكثر تميزاً». وأضاف الرئيس: «زيارتى إلى سنغافورة تعكس استعداداً جاداً لفتح آفاق تعاون متميزة، ولإقامة شراكة حقيقية تستهدف تحقيق التنمية والمنفعة المشتركة فى البلدين، وبالتوازى مع البعد السياسى لخارطة المستقبل وإرساء المؤسسات الديمقراطية فى مصر، كان من المهم الاستجابة إلى مطالب شعب مصر، بإجراء تغيير فى منهج الإدارة الاقتصادية للدولة، بهدف زيادة معدلات النمو وتحقيق تنمية شاملة عادلة ومتوازنة، ولما كان التحدى هائلاً، فقد أطلق طاقات عظيمة لدى أبناء الشعب لمواجهته، وهو ما قمنا به من خلال صياغة خارطة طريق اقتصادية، تهدف إلى مساعدة الاقتصاد الوطنى على التعافى، جراء الأزمات التى واجهته خلال السنوات الماضية، ومن خلال تطبيق إصلاحات هيكلية لمعالجة المشكلات المزمنة، ومن أبرز هذه الإصلاحات، ترشيد دعم الطاقة بقيمة 6 مليارات دولار، وتبنى سياسة مالية تهدف إلى زيادة الاستثمارات الحكومية، والإعلان عن عدد من المشروعات التنموية العملاقة، بالتوازى مع إتاحة فرص استثمارية للشركات الصغيرة والمتوسطة، بهدف تقليل معدلات البطالة، ولعل نجاحنا فى إنجاز مشروع قناة السويس الجديدة، التى نعتبرها هدية مصر إلى العالم، دليل واضح على ما تعتزم مصر القيام به من نهضة اقتصادية شاملة خلال الفترة المقبلة». وتابع: «تواصل الحكومة المصرية جهودها لتنفيذ استراتيجية التنمية المستدامة بعيدة المدى حتى عام 2030، التى تهدف إلى تحقيق التنمية فى مصر من خلال إطلاق مشروعات تنموية كبرى تكون قاطرة للتنمية، وتسهم فى إنعاش الاقتصاد المصرى، وتتضمن مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، ومشروعات الشبكة القومية للطرق، واستصلاح وتنمية مليون ونصف المليون فدان، وتطوير البنية التحتية، وجميعها مشروعات نتطلع أن يشارك فيها أصدقاؤنا، الذين تربطنا بهم علاقات شراكة مثل سنغافورة، بما يعود بالنفع المشترك علينا جميعاً، ونأمل فى أن يسهم القطاع الخاص السنغافورى فى نقل خبراته فيها إلى السوق المصرية الواعدة». وشدد على أن مصر تولى اهتماماً كبيراً بتحسين مناخ الاستثمار، ليصبح جاذباً لمزيد من الاستثمارات الأجنبية، ومن أبرز الخطوات التى اتخذتها الحكومة، استجابة إلى متطلبات المستثمرين، قانون الاستثمار الجديد، وهو قانون يراعى تطورات أسواق المال، واحتياجات المستثمرين، وتطوير آلية لفض المنازعات التى تنشأ بين الحكومة والمستثمرين، وطرح العديد من السبل للتوصل إلى تسويات عادلة قبل الاحتكام إلى القضاء، وتطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص، الذى يعد أكثر المجالات الواعدة لتطوير الاقتصاد المصرى، لتنفيذ العديد من المشروعات التنموية، التى ستسهم فى توفير المزيد من فرص العمل، وتطوير الكفاءة الإنتاجية، وزيادة الإنتاج، وقد أدت استعادة الاستقرار السياسى، وبدء خطوات الإصلاح الاقتصادى، إلى تشجيع العديد من كبريات الشركات العالمية على تنشيط استثماراتها فى مصر بمختلف المجالات الإنتاجية والخدمية، ووقعت الحكومة «29» اتفاقاً جديداً للتنقيب عن البترول والغاز الطبيعى، بقيمة أساسية تبلغ مليارى دولار، وتم الإعلان مؤخراً عن اكتشاف أكبر حقل للغاز الطبيعى فى البحر المتوسط، وبدأت مؤشرات الأداء الاقتصادى فى التحسُّن بشكل متزايد، وهو ما تعكسه التقارير الصادرة عن أداء الاقتصاد، التى تشير إلى زيادة الاستثمار الأجنبى المباشر إلى نحو 5.7 مليار دولار خلال الفترة من يوليو 2014 إلى مارس 2015 فقط، ووصول معدل النمو إلى «4.1%» فى 2014/ 2015، ومن المتوقع أن يصل إلى «5.2%» فى العام المالى الحالى 2015/ 2016. واختتم كلمته بقوله: «أؤكد تطلعنا لاستقبالكم قريباً فى مصر، ضيوفا أعزاء لنشهد معاً إطلاق مشروعات مشتركة، تُرسى نموذجاً واعداً للتعاون وتبادل الخبرات فيما بين الدول النامية». من جانبه، قال السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، إن رجال الأعمال السنغافوريين أشادوا بمصر ودورها الرائد فى منطقة الشرق الأوسط، باعتبارها ركيزة أساسية للأمن والاستقرار فيها، فضلاً عما تتمتع به من مجتمع شاب ونشط يمكنه توفير العمالة اللازمة للعديد من المشروعات التنموية والاستثمارية التى يتم تدشينها فى المرحلتين الراهنة والمستقبلية. كما أشادوا بالنمو المضطرد الذى تشهده العلاقات بين البلدين فى مختلف المجالات، لا سيما على الصعيد الاقتصادى، حيث مثلت مصر الشريك التجارى الأول لسنغافورة فى الشرق الأوسط خلال عام 2014، وشهد العام ذاته استثمارات سنغافورية فى مصر بقيمة 400 مليون دولار. وأعرب رجال الأعمال السنغافوريون عن تطلعهم لزيادة استثماراتهم فى مصر خلال المرحلة المقبلة بالنظر إلى ما تتيحه من فرص استثمارية واعدة فى إطار المشروعات المطروحة فى خطة التنمية الاستراتيجية حتى عام 2030، منوهين بأن افتتاح قناة السويس الجديدة سيستوعب المزيد من السفن العابرة للقناة، وسيُخفّض وقت الانتظار، مما ييسر ويُثرى حركة الملاحة والتجارة الدولية. وأضاف المتحدث الرسمى أنه رداً على استفسارات رجال الأعمال والصناعة السنغافوريين، أوضح الرئيس أن هناك العديد من المشروعات التى يتم تنفيذها فى مصر حالياً، وفى مقدمتها مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، وما سيشهده من إقامة منطقة صناعية على مساحة 40 مليون متر مربع، وتطوير عدد من الموانئ شمال وجنوب القناة، وكذا مشروع استصلاح وتنمية المليون ونصف المليون فدان، بالإضافة إلى مشروع الشبكة القومية للطرق، ومشروعات البنية التحتية، وإقامة عدة مدن جديدة، من بينها العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة ومدينة الجلالة الجديدة التى ستُقام على ارتفاع يناهز 800 متر فوق سطح البحر الأحمر. وفى هذا الإطار، استعرض أشرف سالمان، وزير الاستثمار، الإجراءات والتشريعات التى تم اتخاذها وإصدارها مؤخراً من أجل تهيئة المناخ الجاذب للاستثمارات المباشرة، فضلاً عن توافر الأيدى العاملة المدرّبة. وأشار الرئيس إلى أن معدلات الإنجاز فى مصر تعد غير مسبوقة، وذلك على غرار الانتهاء من مشروع قناة السويس الجديدة فى عام واحد فقط، موضحاً أنه من المقرر أن يتم الانتهاء من تطوير ميناء شرق بورسعيد فى أكتوبر 2016، ليستقبل السفن والشاحنات العملاقة التى يبلغ عمق غاطسها عشرين متراً. وأضاف الرئيس أن قطاع الطاقة يُعد من القطاعات الواعدة للاستثمار فى مصر، وذلك فى ضوء الطلب المتزايد عليها، سواء لتلبية احتياجات المواطنين أو للوفاء بمتطلبات المشروعات التى تدشّنها وتنفّذها مصر. ونوّه الرئيس بأهمية تنويع مصادر إنتاج الطاقة وعدم اقتصارها على المصادر التقليدية، وإنما يتعين أن تشمل المصادر المتجدّدة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وأكد الرئيس، فى ختام اللقاء، عزم المصريين على مواصلة جهودهم من أجل تحقيق أهدافهم فى بناء دولة حديثة قوامها اقتصاد قوى يُلبى طموحات الشعب المصرى فى الرخاء والتنمية الشاملة. من جانبه، أكد سريفاتسان، أحد كبار المستثمرين فى سنغافورة ورئيس شركة «أولام»، التى تعمل فى مجال تصدير المواد الزراعية خاصة البصل، وتمتلك شركة لتصدير البصل فى مدينة الفيوم، أن اللقاء الذى جمعه وكبار رجال الأعمال مع الرئيس عبدالفتاح السيسى كشف لديهم الكثير حول طبيعة الاستثمار فى مصر فى ظل الإجراءات الجديدة التى اتخذتها الحكومة المصرية مؤخراً لجذب المستثمرين. الرئيس: نولى اهتماماً كبيراً بتحسين مناخ الاستثمار.. ووقعنا 29 اتفاقاً جديداً للتنقيب عن البترول والغاز الطبيعى.. ورجال أعمال: نتطلع لزيادة استثماراتنا فى مصر خلال المرحلة المقبلة وأشار إلى أن اللقاء مع الرئيس السيسى حظى بقبول وتشجيع كبار رجال الأعمال، وأعطاهم فرصة جيدة للتعرُّف على المجالات التى يمكن أن يضخوا فيها استثمارات جديدة داخل مصر. وحول إمكانية ضخ الشركة استثمارات فى منطقة قناة السويس مستقبلياً، قال «سريفاتسان» إن الشركة تبحث ضخ استثمارات جديدة فى المجال الزراعى بالمنطقة الاقتصادية بقناة السويس، إلا أن هذا الأمر يعتمد على الانتهاء من البنية الأساسية واللوجيستيات الخاصة بهذه المنطقة حتى يصبح الأمر واضحاً بالنسبة لشركته، مشيراً إلى أنه يدعم بقوة الاستثمار فى هذه المنطقة. وأوضح «سريفاتسان» أن فرع الشركة فى مصر بمدينة الفيوم يعمل به 3 آلاف مصرى، ويعمل فى مجال تصدير المنتجات الزراعية، خاصة البصل. فى سياق آخر، اهتمت أكبر صحيفة فى سنغافورة «استريت تايمز»، بزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، ونشرت الصحيفة خبراً عن زيارة الرئيس إلى مركز الوئام الدينى، أمس. وقالت، إنها أول زيارة لرئيس مصرى إلى سنغافورة.
