«سمير الحصرى» 17 عاماً، خرج كعادته للبحث عن رزقه مستقلاً التوك توك» الخاص به، ووقف فى موقف مخصص للسيارات والتوك توك بقرية القطاوية التابعة لمركز أبوحماد، لكنه وقع فريسة سهلة لعاطل عقد النية على قتله وتمكن من استدراجه إلى الزراعات بطريق أبوحماد - ههيا وذبحه واستولى على التوك توك، معترفاً فى التحقيقات بأنه أقدم على ارتكاب الواقعة انتقاماً من الضحية بسبب وقوع مشاجرة بينهما منذ 7 أشهر بسبب الخلاف على أسبقية المرور. أمام منزل «المجنى عليه» المشيد من طابق واحد من الطوب الأبيض خيم الحزن والصمت والظلام وتوافد الأهالى والجيران لمواساة عائلته وتقديم واجب العزاء وانخرط الجميع فى البكاء مطالبين بالقصاص. جلست «سعيدة إبراهيم» ربة منزل، والدة المجنى عليه، تلتف حولها سيدات القرية متشحات بالسواد يحاولن تهدئتها بعد أن أصيبت بحالة من الانهيار التام، ومع سماع أذان المغرب حاولت الأم الثكلى النهوض لأداء الصلاه ولكن قدميها لم تقويا على الحركة، لتسارع السيدات بمساندتها وما إن فرغت من أداء الصلاة ساندتها السيدات وعادت لتلقى العزاء مرة أخرى وبصعوبة بالغة وصوت مختنق رددت عبارات «حسبى الله ونعم الوكيل، ربنا ينتقم منه، ذنبه إيه ابنى الغلبان عشان يقتله ويذبحه؟» وتابعت «أنا عاوزه حق ابنى، عاوزة القصاص، مش عاوزه دمه يروح هدر». عاطل يستدرج سائق «توك توك» إلى الزراعات فى البحيرة.. ويذبحه يلتقط محمد مصطفى محمد الحصرى «والد المجنى عليه» طرف الحديث قائلاً «منه لله كسر ضهرى وسندى، ابنى طول حياته كان بيطيعنى ولما أقوله على حاجة فيها مصلحته كان يسمع الكلام ومش يتأخر عن تنفيذها واللى يطيع أبوه يبقى راجل كويس وصالح وأنا ابنى عاش راجل ومات راجل وهو بيسعى على مصدر رزقه ورزق أخواته»، ويتوقف الرجل الخمسينى عن الحديث ويطلق العنان لدموع عجزت عيناه الضيقتان عن احتجازها. وقال الأب «فيه ناس بتقول إن المتهم كان عاوز يسرق التوك توك وبعد ما فشل قتل ابنى، والمتهم بيقول إنه كان فيه خلافات سابقة فبيت النية عشان يقتله»، واحنا مش متأكدين من حاجة غير إن فعلاً المتهم قتل ابنى من غير أى ذنب»، ويتابع بصوت حزين «إحنا كنا قاعدين فى البيت وفوجئنا بأحد الأهالى يقولنا إن ابنى فيه واحد ضربه بسلاح أبيض على طريق أبوحماد - ههيا، جريت أنا واخواتى وعدد من الأهالى على مكان الحادثة فوجدت ابنى غارقاً فى دمائه وسياره إسعاف واقفة والأهالى متجمعة حواليه والدم مغرق التوك توك وابنى كان اتوفى وكان متلج»، وتابع: «عرفنا من الأهالى إن المتهم بعد ما ضربه طلع يجرى بس نسى تليفونه ورجع تانى لمكان الحادثة عشان ياخده فالأهالى مسكوه واتحفظوا عليه لحد ما الشرطة وصلت وقبضت عليه»، وأردف «الإسعاف نقلت ابنى لمستشفى ههيا المركزى واتحفظوا عليه فى مشرحة المستشفى حتى حضر الطبيب الشرعى وعاين الجثة وصرحت النيابة بالدفن وأخدناه ورجعنا على البلد»، وأجهش الأب فى البكاء مردداً «أنا كنت مفكر هو اللى هيدفنى مش أنا اللى هدفنه بإيدى والناس تعزينى فيه بدل ما يهنونى فى نجاحه وفرحه». وأضاف «المتهم اعترف بجريمته وقام بتمثيل الواقعة وقابلته أثناء التحقيقات فى النيابه وقلت له «مش حرام عليك تقتله» رد قالى «هى جت كده، أيوه أنا دبحته». يحاول الأب جاهداً تمالك أعصابه والتغلب على دموعه التى بللت وجهه ليستأنف حديثه قائلاً «أنا عملت عملية قلب مفتوح من حوالى 5 سنوات وطوال تلك السنوات وأنا تعبان ويا دوب لسه واقف على رجلى من سنة، وسمير كان طول عمره راجل وبيتحمل المسئولية واشتغل على توك توك عشان يساعدنى فى تحمل نفقات المعيشة ومصاريف أشقائه»، مشيراً إلى أن لديه 4 أبناء غير «سمير» وهم «وليد، 18 عاماً، وأحمد، 21 عاماً، حمزة 5 سنوات، ومنة 4 سنوات»، وردد «عوضى عليك يا رب، أنا راجل عاجز مفيش بإيدى حيلة، ولا معايا فلوس، وأملى فى الله يرجع حق ابنى ودمه اللى سال على مصدر رزقه ورزق إخواته الغلابة»، ووجه رساله للرئيس عبدالفتاح السيسى ووزير الداخلية قائلاً «اعتبروه ابنكم، ورجعوا حقه، لو ابنكو حصله كده هتعملوا إيه، إحنا مش عاوزين غير القصاص»، وقال سمير مصطفى «عم المجنى عليه» إن المجنى عليه كان من خيرة شباب القرية، مؤكداً ضرورة أن يكون هناك قصاص عادل حتى يكون العقاب رادعاً لأى مجرم تسول له نفسه أنه يزهق روح إنسان برىء وإلا الناس هتخاف تمشى فى الشوارع. اللواء خالد عبدالرحمن يحيى، مدير أمن الشرقية، تلقى إخطاراً من الرائد حسن الدهشان، رئيس مباحث مركز شرطة ههيا، يفيد بتلقى بلاغ من أهالى قرية العلاقمة التابعة لمركز ههيا، بالتحفظ على شاب ذبح سائق توك توك. وانتقلت قوة من ضباط مباحث المركز، برئاسة الرائد حسين دهشان، رئيس مباحث المركز والنقيب أيمن الزهيرى معاون المباحث، لإجراء الفحوصات اللازمة، وتبين أن «محمد. ح» عاطل (19 عاماً)، استدرج «سمير محمد الحصرى» 17 عاماً، طالب بالصف الثانى التجارى، ويعمل سائق توك توك، وأثناء سيرهما بالزراعات على طريق أبوحماد - ههيا سدد له طعنة نافذة فى الرقبة ما أدى لوفاته فى الحال. وتبين من التحريات أن المتهم لاذ بالفرار بعد ارتكاب الواقعة إلا أنه تذكر أنه نسى «تابلت» خاصاً به فى مكان الواقعة وعندما عاد لأخذه أمسك به الأهالى. تم إلقاء القبض على المتهم، وبحوزته أداة الجريمة، سلاح أبيض «خنجر» وتحرر محضر بالواقعة، وأخطرت النيابة لتولى التحقيق واعترف أمام النيابة بارتكاب الواقعة معللاً بحدوث مشاجرة سابقة بينه وبين المجنى عليه منذ 7 أشهر، بسبب الخلاف على أولوية المرور حتى استدرجه وقام بقتله وقام بتمثيل الواقعة وقررت النيابة حبسه 15 يوماً على ذمة التحقيق. من جانبه، قال الدكتور عصام فرحات، مدير الرعاية العاجلة والحرجة بمديرية الصحة فى الشرقية، إن المتوفى نقل لمستشفى الأحرار، وتم التحفظ على جثته بمشرحة المستشفى وانتداب الطب الشرعى وتم تسليم الجثمان لأهله عقب تصريح النيابة بالدفن.