يتطور العلم وتتقدم الحياة وتصل التكنولوجيا الحديثة إلى كل البيوت المصرية، ولا يزال الصعيد متمسكاً بعاداته وتقاليده، لا يخلو بيت فى الصعيد من «طاسة الخضة» ذلك الموروث الشعبى القديم، يتوارثها الأبناء عن أجدادهم ويورثونها لأبنائهم وأحفادهم، لا علاج لمرضى التسمم والصرع ولسعات الحيوانات والحشرات إلا ب«طاسة الخضة»، اعتقاد منذ مئات السنين لم ولن يتغير. إناء من النحاس الأحمر محفور عليه تعاويذ، ونقوش لصور طيور وآيات من القرآن الكريم «آية الكرسى والمعوذتين وسورة الإخلاص»، ويوجد حول الإناء دلايات تحمل أربعين قطعة معدنية رقيقة من الصفيح، هى طاسة الخضة التى لا يعرفها كثيرون من سكان القاهرة، يُوضع بطاسة الخضة ماء أو لبن وبضع ثمرات من التمر، وتعرض للندى ثم يشرب المريض محتواها لاعتقاده بأنها تشفى العليل من أمراض بدنية ونفسية وتطرد الأرواح الشريرة وتحمى من الحسد. يعتقدون أنها تعالج الأمراض المستعصية وتطرد الأرواح الشريرة «ما زالت بعض البيوت فى الصعيد تحتفظ بطاسة الخضة للبركة ولتقديمها لمن يطلبها، ولا يقتصر الأمر على المسلمين فقط بل إن المسيحيين أيضاً يؤمنون بها ويحرصون على شرائها»، حسب الباحث عبدالمنعم عبدالعظيم، مدير مركز الصعيد للتراث، موضحاً أن سكان القاهرة أيضاً يبتاعونها من خان الخليلى وقدامى النحاسين. ويكشف «عبدالعظيم» أن أشهر طاسة خضة موجودة فى المتحف الإسلامى وهى طاسة السلطان عزالدين أيبك التركمانى، وفى مقبرة توت عنخ آمون وجد إناء من المرمر يشبه طاسة الخضة محفورة عليه رموز هيروغليفية تتضمن أدعية للملك، وتعويذة لحفظه. علوانى العبادى، مزارع، لديه أشهر طاسة خضة فى الأقصر، ورثها عن جد جده وعمرها يقترب من 120 عاماً: «أخبرنى جدى أن جده اشتراها من الحجاز، الناس كلها تاخدها للتبارك بها، واستعانت بها سيدة مسيحية لعلاج صرع ابنتها بعد أن فشل الأطباء فى تشخيص وعلاج حالتها». لا يأخذ «علوانى» مقابلاً لاستغلال «طاسته» لأنه يعتبرها مثل الوقف.