86 عضوا بمجلس الشيوخ يستخرجون كارنيه العضوية، تعرف علي أبرز أولوياتهم    محمد السيسي رئيسًا تنفيذيًا للشئون الإدارية والهندسية بالبنك الزراعي المصري    الرئيس البرازيلي: سلطة الأمم المتحدة أصبحت على المحك    أول تعليق من لامين يامال بعد خسارة الكرة الذهبية لصالح ديمبلي    الأمن يكشف ملابسات فيديو تعاطي مواد مخدرة بالجيزة، وضبط المتهمين    محافظ القاهرة يفتتح معهد التمريض بمستشفى روض الفرج    علي الحجار نجم احتفالية 6 أكتوبر على مسرح البالون    مرسى مطروح تحذر من الإعلانات المضللة لبيع العقارات المخالفة دون ترخيص    معهد تيودور بلهارس للأبحاث ينظم ورشة عمل جراحات المناظير المتقدمة    انقطاع المياه عن مدينة الرياض بكفر الشيخ و8 قرى تابعة غدًا لمدة 11 ساعة    «التضامن»: تنظيم قوافل طبية للكشف المبكر عن الإعاقات السمعية للأطفال    بالدى يعود لتدريبات برشلونة قبل مواجهة باريس سان جيرمان الأوروبية    دول غربية تعرض المساعدة في علاج مرضى من غزة في الضفة الغربية    فوزي يبحث مع وزير الرياضة مبادرات تستهدف توعية وتأهيل النشء والشباب    من المطالبة برحيله لتجديد عقده.. بوليتانو مستمر مع نابولي حتى 2028    شوبير: لجنة الحكام فاجئت الأهلي بردها على شكواه    بالأسماء، 44 أستاذا بجامعة أسيوط ضمن قائمة ستانفورد الأمريكية لأفضل 2% من علماء العالم    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف غموض العثور على جثة بترعة القاصد بطنطا    رفع 400 حالة إشغال متنوع بمنطقة السوق السياحى بأسوان    أجواء خريفية معتدلة صباح غد وشبورة واضطراب بالملاحة والعظمى بالقاهرة 32    بالمستند.. «التعليم» تصدر تعليمات بشأن دراسة مادة اللغة الأجنبية الثانية    اليوم العالمي للغة الإشارة، الجندي: التاريخ الإسلامي مليء بنماذج من العلماء ذوي الهِمَم    أنغام تعود إلى المسرح بحفل ضخم في «ألبرت هول» بلندن    التفاصيل الكاملة لألبوم مصطفى قمر الجديد «قمر 25» وموعد طرحه    وزير قطاع الأعمال في زيارة مفاجئة لشركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير    وزيرة التنمية المحلية توجه بدعم السياحة البيئية بالمنطقة    بروتوكول تعاون بين القومي للسكان وجامعة كفر الشيخ لخفض معدلات القيصرية    هيطلعوا من الأوائل.. 5 أبراج متفوقين في الدراسة    النحاس يحاضر لاعبي الأهلي قبل مواجهة حرس الحدود    المرأة العربية تطلق ورشة حول الدليل التدريبي لمنهجية إعداد التقارير للقضاء على التمييز    قرارات جديدة من الإسكان بشأن التنازل عن الشقق والأراضي.. اعرف الأوراق المطلوبة    حدفوه بطوبة من الخارج.. إصابة تلميذ في الرأس داخل مدرسة ابتدائية بقنا    دعاء استقبال شهر ربيع الآخر 1447.. ردده الآن    نسرين عكاشة: موافقتي على جزء سادس من مسلسل "ليالي الحلمية" غلطة وندمانة عليها    اليوم في التاسعة مساءً تبدأ احتفالات اليوم الوطني السعودي 95    الرئيس الإيراني: ليس من حق إسرائيل وحدها أن تكون آمنة بل يجب الحفاظ على أمن كل من يعيش في هذا العالم    أعضاء «الشيوخ» الجدد يتوافدون على المجلس لاستخراج بطاقات العضوية    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    عادات قد تفسد ليلتك.. لماذا تستيقظ بين ال2 و3 فجرًا؟.. (العلم يفسر)    وزيرة التضامن تتابع سير العمل في مستشفى عبلة الكحلاوي ل«ألزهايمر وكبار السن» استعدادًا لافتتاحه قريبًا    وزيرة الخارجية البريطانية تشن هجوما جديدا على نتنياهو بسبب أطفال غزة    ميدو يهاجم رابطة الأندية بسبب مباراة الزمالك والجونة    "جاب الطالبات من الشارع".. محافظ بورسعيد يُحيل مديرة مدرسة إلى النيابة العامة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 23-9-2025 في محافظة الأقصر    نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل يترأس الاجتماع الحادي والثلاثين للمجموعة الوزارية للتنمية الصناعية    وكيل صحة سوهاج ل "أهل مصر": تشغيل مسائي للعيادات بالمستشفيات العامة والمركزية    أسعار الخضروات بأسواق المنيا اليوم الثلاثاء23 سبتمبر 2025    الرئيس السيسي يستقبل اليوم رئيس رواندا بقصر الاتحادية    ما حكم صلاة مريض الزهايمر.. «الإفتاء» توضح    وزير الخارجية: قلقون لما يتعرض له التراث الفلسطينى من تدمير إسرائيلى    حكم لبس الحظاظة في الإسلام.. دار الإفتاء توضح    حكم فسخ الخطوبة بسبب ترك الصلاة.. دار الإفتاء توضح    نجم المصري السابق: الكوكي أقل من النادي.. والساعي إضافة قوية للفريق    بعد البيانو.. سميح ساويرس يكشف عن حلمه الجديد: أستعد لإخراج أول أفلامي.. وهذه نصيحي للشباب    الداخلية تكشف ملابسات صورة جرافيتي على مبنى محافظة الدقهلية    لاعب غزل المحلة يغادر المستشفى بعد الاطمئنان على حالته الصحية    رئيس الوزراء: القصف الإسرائيلي للدوحة سابقة خطيرة.. وندعو إلى اعتراف غير مشروط بدولة فلسطين    منتخب الشباب يفوز على نيو كاليدونيا بثلاثية استعدادا للمونديال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



والد الطفلة سارة باكياً: "كان نفسي تطلع أحسن مني.. وازاي وزير ري يبقى رئيس وزرا"
وقال والد الطفلة:"احنا غلطانين اننا بنعلم ولادنا، لو الجهل هيخليهم يعيشوا يبقى أفضلنا"
نشر في الوطن يوم 18 - 11 - 2012

يجلس محمود رفعت على "الدكة" التي تستقر أمام منزله، يتكأ ساعة العصاري، يشرب الشاي الصعيدي الذي يعدل له رأسه بعد ساعات من العمل، تهبط سارة من الأتوبيس، تركض ناحية والدها، يقبّلها في جبينها، يسألها عما فعلت في المدرسة، تخرج له ورقة الامتحان، التي تحتاج إلى إمضائه للتأكيد على معرفته بما آلت إليه الأمور، في المعهد الأزهري، الذي يأخذ قرابة ألف جنيه، من أجل زيادة الاعتناء بها وبرفيقاتها، يشاهد كلمة كتبتها مدرسة اللغة الإنجليزية على الورقة: "نرجو الاعتناء بالحروف الcapital"، لا يستوعب معنى الكلمة، يقول لبنته "قصدها ايه يعني المدرسة"، ترد عليه سارة: "قصدها الحروف في أول الكلام الإنجليزي يابا"، يضعها على حجره، يمسد شعرها، يخبرها أنه أدخلها معهد أزهري خاص "عشان عاوزك تطلعي أحسن مني يا سارة"، تنظر إليه الابنة في دلال تقبله، وتجري ناحية والدتها، تخبرها بدرجاتها في الامتحان.
يمر يوم الجمعة، ويأتي يوم السبت، يتذكر الأب محمود باكياً، كيف لم يقابل ابنته كالمعتاد في الصباح قبل أن يحملها الأتوبيس لمعهد نور الأزهر، الذي أشاع في داخله ظلمة أبديةٍ، يلاطف أخيها الصغير رفعت، محاولاً أن يتصبر به على مصابه الجلل، يندهش من إمكانية أن تكون سعة الحافلة لا تزيد عن 40 فرد، ورغم ذلك كان بداخله 70 طفلاً، ممن أسماهم بالزهور التي لم يحن أوان شم رائحتهم بعد "بس حنقول ايه، هي عزبة وبتتقسم".
يقطع أحد أبناء عمومة "محمود" حديثه الذين يجلسون حوله لمواساته، صارخا، "لازم يبصوا للصعيد شوية، مش بيعملوا أي حاجة خالص لينا، وكأننا في دولة تانية"، الحزن والوجوم الذي يسيطر على جيران محمود، لا يقل عن حزن والد "ساره"، التي تركت فراغا لا يمكن أن يملؤه أي شخص، كما أن الحادث الذي أودى بحياة سارة لا يمكن اختصاره في إهمال عامل المزلقان فقط، "منقولش الإهمال من عامل المزلقان، الإهمال من أكبر مسؤول وهو الوزير، لازم يتحاسب"، إقالة وزير النقل لن تشفي غليل أسر الضحايا، وهو التصرف المعتاد الذي تتخذه الحكومة، "يقيلوا الوزير ولا لأ، ده ميهمنيش، لازم أشوفه قدام عينيه في القفص".
انتقادات حادة يوجهها محمود للحكومة الجديدة، التي يرى أنها حتى الآن لم يظهر منها أي ضوء، حتى ولو كان خافتا، "حادثة الفيوم كانت الأسبوع اللي فاتت، ومات فيها ناس، إيه الجديد اللي اتغير".
كلما ترك "رفعت" ولده الصغير يديه التي يمسكها بقوة، خشية أن يحدث له مكروه، كما حدث لأخته، التي ما لبثت أن تحولت لأشلاء "احنا غلطانين اننا بنعلم ولادنا، لو الجهل هيخليهم يعيشوا يبقى أفضلنا"، يحاول محمود، بعد عدة كل جملة قصيرة، أن يتمالك أعصابه، إلا أنه لا يستطع وينخرط في البكاء، ويردد كلمات غير مفهومة.
يترك أحد أقارب "ساره" مكانه في العزاء، بجوار والدها لينهمر في البكاء كلما تذكر أشلاء الأطفال التي اختلطت بقضبان الموت "واحدة عرفت ابنها من رجليه المتسخة بالطين"، التي رفض أن يغتسلها خوفا من عدم اللحاق بأتوبيس المدرسة، حيث كان لا يعلم أنه أتوبيس "الموت"، الذي سيوصله لقبره.
الكارثة التي أفجعت عشرات الأسر، بالرغم من قوتها وتأثيرها، إلا أنها لن تعطي أي آمال في تطور الغد، "زي كل الحوادث اللي حصلت قبل كده، حريق الصعيد والعياط، هل في حاجة تغيرت؟.. يا ريت ترد الحكومة علينا".
يهاجم المسؤولين في البلد، يتساءل عن كيفية احتلال وزير ري لمنصب رئيس الوزراء، ووجود دكتور كمحافظ لأسيوط، وقبوع بعض من حاملي الدبلوم في مناصب قيادية بالمراكز والقرى، يقول إن المحاسبة لابد وأن تبدأ من الكبار وليس من الصغار "في مصر إضرب الكبير، الصغير لازم يخاف، لكن لو الكبير سلم، الصغير حيعمل ما بدا له"، لا يريد أن يتذكر كيف كانت حالة ابنته حين حملها لتدفن، لا يرغب في استعادة مشهد لن يمحى من ذاكرة أب، فقد أعز ما يملك، يهاجم المتشدقين بأن الآلاف من الجنيهات سوف تمنح لأهالي الضحايا، يبكي ويضحك، "هو لو أعطوني مليون جنيه، هترجع لي سارة تضحك تاني؟".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.