الشمس قتلت 13 من أبناء قرية اللديد فى أسبوع.. وسرادق عزاء ل4 أشخاص فى وقت واحد.. و«الترصد الوبائى» يوقع الكشف الطبى على المخالطين للمتوفين.. وإمام المسجد: الموت يحاصرنا.. وقيادات «الصحة» بأسوان تكتفى بالنفى على بعد أكثر من 200 كيلومتر شمال محافظة أسوان، تقع قرية الموت، «اللديد» سابقاً، تتبع مركز إدفو، وعدد سكانها 6870 نسمة، لا يخرج أحد من منزله إلا للضرورة القصوى، الصلاة أو الذهاب إلى المقابر، هما أهم ضرورتين لدى أهالى القرية، بعد تعدد حالات الوفاة بسبب ارتفاع درجات الحرارة وضربات الشمس بين النساء والرجال والكبار والصغار من أهالى القرية على حد سواء، والذين يتم تشييعهم فرادى وجماعات فى جنازات يومية، فى هذا التقرير ترصد «الوطن» أحوال من يجاهدون حرارة الشمس وينتظرون الموت حراً. الأسبوع الماضى شيع أهالى «اللديد» 13 حالة، ما نشر حالة من الخوف والذعر بين المواطنين، وأجل بعض شباب القرية أفراحهم حتى زوال هذه المرحلة، وحصل الموظفون على إجازات مرضية من العمل خوفاً من ضربات الشمس. «الوطن» ذهبت إلى أهالى القرية وقضت يوماً بداخلها، حيث لا حديث فى القرية سوى عن الموت الذى يأتى فجأة، فمن ترتفع درجة حرارة جسده يقول عنه الباقون إنه مات، وما هى إلا ساعات قليلة ويتم تشييعه. «أغيثونا وارحمونا يا قيادات الصحة بمصر وأسوان، فالموت حولنا فى كل مكان وما هى إلا ساعات قليلة ونودع أحد أهالى القرية، والتى أطلقت عليها القرى الأخرى (قرية الموت) بسبب المرض الذى لا ندرى كيف نعالجه»، هكذا قال عاطف الكوك، إمام المسجد العتيق بقرية اللديد، وأضاف: نحن راضون بقضاء الله ولكن لا نرضى بالإهمال واللامبالاة من مسئولى الصحة، فبالرغم من استغاثاتنا ومناشداتنا بضرورة وجود قافلة طبية من الطب الوقائى ومعرفة ما هو السبب الحقيقى وراء تعدد حالات الوفاة بالقرية، لدرجة أننا بدأنا فى تجهيز وحفر مجموعة من المقابر بالجبانة تحسباً لاستقبال حالات أخرى، وكل حالات الوفاة تكون أعراضها واحدة؛ ارتفاع فى درجة حرارة الجسم، وخلال ساعات قليلة يأتينا خبر وفاة الشخص نفتح المسجد ونصلى عليه ونشيعه إلى المقابر. وأضاف «الكوك»: هناك مشكلات عديدة فى القرية، ويُردد الأهالى أن هناك نوعاً من الأمراض غير المعروفة، بسبب وجود ناموس كثير بالقرية ويوجد بكثرة ويتغذى من مصرف يشق القرية وهو ملىء بالحشرات والزواحف السامة، وكذلك هناك روائح كريهة تنتشر مع ارتفاع درجات الحرارة، ونطالب بإرسال قافلة طبية من وزارة الصحة لطمأنة الأهالى ومعرفة أسباب المرض وعلاجه من خلال أمصال. وقال السيد عوض الله عبدالجليل، كاتب أول الوحدة الصحية، والمسئول عن تسجيل حالات الوفاة بالقرية: سجلنا منذ مطلع الأسبوع الماضى وحتى مساء أمس الأول 13 حالة وفاة، جميعها هبوط حاد فى الدورة الدموية نتيجة ارتفاع درجة الحرارة، وذلك بعد توقيع الدكتورة أسماء النجار، طبيبة الوحدة، الكشف الطبى عليهم، وأضاف: تم تسجيل وفاة كل من مصطفى عبداللطيف رشيدى «23 سنة»، والسيد رشيدى خليفة «64 سنة»، وسعيد عبدالشهيد «60 سنة»، وأحمد حسن برسى خليل «61 سنة»، وفاطمة أحمد محمود «52 سنة»، وزكية قناوى حمد «70 سنة»، وويصا سعيد منين «30 سنة»، وياسمين عبدالغالى سليمان «50 سنة»، وسلمان محمود سليمان «60 سنة»، وعيوش محمد همام «70 سنة»، وعواطف عبدالملاك ميخائيل «27 سنة»، وسعاد جرجس روفائيل «38 سنة». وأضاف «عوض الله»: هذا العام زادت نسبة الوفاة عن المعدل الطبيعى، ففى العام الواحد كنا لا نقيد سوى 28 حالة وفيات، ولكن هذا العام قيدنا 38 حالة وفاة حتى الآن ولم تنته سنة 2015، وقمنا بإبلاغ القسم الوقائى بإدارة الصحة بإدفو وتم تشكيل لجنة «ترصد وبائى» وهى مشكلة من الدكتور محمد زكى عبدالله، مدير القسم الوقائى، والدكتور ممدوح سليمان، والدكتورة أسماء النجار، طبيبة الوحدة الصحية باللديد، وبعض مراقبى الصحة، وكشفوا على بعض الحالات المخالطة للحالات المتوفاة لعمل ترصد للحالات والمخالطين ومعرفة إذا ما كان توجد أى صلة بين المتوفين بعضهم البعض، وننتظر قافلة طبية من مسئولى الصحة بأسوان لمعرفة أسباب الوفاة فى القرية والتى تُعد غير طبيعية، وكذلك لتوعية الأهالى بكيفية مواجهة مثل هذه الأحداث والتغلب على حرارة الجو. وعلى بعد خطوات من قرية اللديد، تقع قرية المحاميد، التى توفى فيها 10 حالات خلال الأيام الثلاثة الماضية، لدرجة أن هناك واجب عزاء ل4 وفيات فى سرادق واحد، ولا يختلف الحال فى القرية عن قرية اللديد، حيث لا يوجد أحد فى الشوارع ولا يخرجون من المنازل إلا للضرورة فقط أو أداء الصلاة فى المساجد. فى الوقت ذاته، نفى قيادات الصحة بأسوان وفاة هذه الحالات بسبب ضربات الشمس، مؤكدين أن عدداً من المتوفين بسبب أمراض مزمنة، وأن القوافل الطبية بسبب طمأنة الأهالى بالقرية، فضلاً عن أن عدد الوفيات الرسمى بالمحافظة بسبب ضربات الشمس هم 3 فقط، وأن المصابين منذ بداية الموجة الحارة على أسوان 37 حالة فقط، حيث تم علاج معظمهم، بينما تم دخول 11 حالة غرف العزل بمستشفيات الحميات بأسوان منهم 7 بإدفو و4 بحميات أسوان.