يلهون معهم كأطفالهم الصغار، يحيون حياتهم بالتقاط الصور، ويسجلونها عبر حساباتهم الشخصية، لا تكتمل سعادتهم إلا بوجود حيواناتهم الأليفة التي يكاد يعتبرونها مصدر سعادتهم، التي إذا رحلت عنهم يدخلون في نوبة بكاء مستمرة وقد تصل في بعض الأحيان إلى الاكتئاب، فعلاقة الإنسان بالحيوان لا تقتصر على التربية فقط، بل تخطت شعور الأبوة والأمومة التي لا يشعر بها سوى من تبنى أي حيوان، وفي هذه السطور نرصد حياة بعض الأشخاص الذين يروون شعورهم عند فراق حيواناتهم الأليفة : "باني".. أراد الزواج فمات لا ينتظر أن تعلو صرخاته حتى يضع له الطعام، ولا يحتاج إلى طبيب معالج يقول له أنه في حالة اكتئاب، فهو يشعر به أينما كان. تربطهما علاقة صداقة، فيشعر كل منهما بالآخر، فيسرع "فادي" مهرولا من عمله، لقضاء ساعات طويلة مع كلبه "باني"، الذي ينتظره أمام باب المنزل، رافضا تناول الطعام، والقيام بأي شيء دون وجود صديقه "فادي". يقول "فادي" ويعمل مهندس،: "كلبي كان اسمه باني، عامل زي الأطفال، بيحب اللعب والتنطيط، وبيضايق لو خرجت وسبته، وبيفضل قاعد لوحدة، لما بضايق من شغلي كنت بحب أقعد معاه هو بس، نلعب ونجري". رغب "باني" أن يستقل بحياته ويتجوز، وينجب كلابا كثيرة تلتف حوله، فذهب "فادي" إلى أحد أصدقائه ليختار كلبة مناسبة، وبدلا من أن يدخل الكلب "باني" عش الزوجية، مات دون أن يودع صاحبه، يقول "فادي": "صحبي بلغني أنه مات في التلفون، كنت هكسره لما عرفت أنه مات، مكنتش حابب اطلع برة أوضتي، مقدرتش ألف في الشقة وهو مش موجود، ولحد دلوقتي مخنوق جدا". "سيمبا".. خرج ولم يعد تبحث عنه يمينا ويسارا، وتتوه عينيها بين الطرقات وأرصفة الشوارع، أصابعها تشتاق لمداعبته، تخرج حزنها وضيقها على فراق قطها "سيمبا" في عملها بالساعات، فلا تجف لها عينا وهو بعيدا عنها، فاعتادت أن ينام أسفل قدميها، ولا يدخل طعاما جوفها دونه، فدائما تتسأل "هو بياكل طيب مين بيحط ليه ميه". تقول سارة، "القط بتاعي مكنش مجرد حيوان بربيه، ده كان ابني، فضل يومين تايه ومقالوليش في ساعتها ولما عرفت كان في مناحة في البيت". وتضيف "فضلت اسأل الجيران والناس وكنت قايلة اللي هيلاقيه ويرجعه هديله مكافأة مالية، كان إحساس أن أبني تاه ومش لاقياه، أبني اللي بأكله من أكلي وبنلعب كل يوم سوا واللي بيصحيني من نومي عشان جعان فاقوم الفجر أأكله". تفتقد "سارة" قطها "سيمبا" التي اعتبرته الونيس الذي رحل دون احتضانها وتقبيلها، تقول "اللي بيربي أي حيوان مع الوقت مبيعرفش يستغنى عنه، الموضوع بيتحول لعلاقة أكبر من مجرد التربية، خاصة وأن لما الحيوان ده بيضيع أو يموت بيفقدوا معنى الونس اللي حسوه مع حيواناتهم". بعد 30 يوما، علمت "سارة" أن قطها "سيمبا" مات، الأمر الذي قابلته بالدموع والوجع شهورا طويلة "حسيت مع سيمبا بمعنى الأمومة". "زوزا"..القطة الضريرة حركتها سريعة، لونها مخلوط بين الأسود والبرتقالي، ترى بعين واحدة، وحنانها ودلالها يعوضان عينها الأخرى، لذلك لم ترغب "أية" في أن تفرط بقطتها الكفيفة، وقررت احتوائها. تربي "أية محمد" القطط من 11 عاما، وتلعب مع هذا وتطلق اسم على الآخرين، تعشق الحياة معهم، وكل مجهودها ووقتها مع القطط فقط، وتقول "عندي أب وأم وأجيال بتيجي وبتموت". بعد شهور من حمل القطة الأم، جلست "أية" في انتظار المواليد الجدد وهي في حيرة لاختيار الأسماء، لكن كان هناك شعورا بالخوف يراودها، وهو إعاقة الأم التي دائما تنجب قططا لديهم إعاقات، فتقول "الأم كان عندها مشكلة إنها غالبا خلفتها كلها فيها إعاقات، بس كانت الإعاقات بتيجي في ليونة الرجل أو حاجات خفيفة". وجاءت الصدمة عندما أنجبت القطة الأم قطة عمياء، قائلة "كانت صدمة بالنسبالي علشان مش هعرف أتعامل معاها"، لكن خفة ظل القطة "زوزا" ، وذكائها الخارق، جعلها تحظى باهتمام الجميع، فتقول "أية" عنها: "كنت بحبها جدا لأنها كانت اجتماعية وربنا كان معوضها عن إعاقتها بحاجات تانية". صعوبة إعاقة القطة "زوزا" وضعف جسدها، عجل من أمر رحيلها، فماتت بعد سنة ونصف، وتقول "أية": "كنت متمسكة بيها جدا، وزعلت أوي أنها ماتت كنت بدخل الشقة بحسها وسط القطط التانية، كان نفسي تتعالج وتعيش معايا أكتر من كدا".