وزير الأوقاف يشهد احتفالية تسليم جائزة الدكتور محمد ربيع ناصر للبحث العلمي    عميد تجارة عين شمس يطلق مهرجان الإسماعيلية الأول لطلاب الكلية    محافظ الوادي الجديد يلتقي وفد البورصة السلعية لبحث إطلاق بورصة التمور    مقاتلتا "إف 35" تقلعان لاعتراض طائرة مسيرة مجهولة في هولندا    مسئول في حركة حماس: الحركة مستعدة لمناقشة مسألة تجميد أو تخزين أسلحتها    رغم الخروج من كأس العرب، أرقام مميزة ل بن رمضان مع منتخب تونس    إبراهيم حسن: ودية مصر ونيجيريا 16 ديسمبر باستاد القاهرة    الدورى الإسباني.. مبابي وفينيسيوس يقودان ريال مدريد لمواجهة سيلتا فيجو    رعدية وغزيرة، الأرصاد تعلن أماكن سقوط الأمطار غدا الإثنين    حريق يلتهم لنشًا وفلوكة جنوب الغردقة بدون إصابات    مي فاروق وهاني شاكر يجتمعان في حفل غنائي بدبي    عمرو سلامة: المناخ الكروي في مصر ينهار والجمهور يبتعد عن الفرق المحلية    متحف ذاكرة الريف» |عالم اجتماع يرصد ملامح حياة المصرى القديم    الأوقاف: جوائز المسابقة العالمية للقرآن الكريم هذا العام الأكبر في تاريخها    الصحة: لا توجد متحورات جديدة من فيروس كورونا.. والإنفلونزا الأكثر انتشارا    وزير الصحة يحسم الجدل حول الفيروس الجديد: كل ما يثار عن وجود تحورات شائعات    نصائح لحماية طفلك من أمراض الجهاز التنفسي المنتشرة حاليا    رفقة زوجته.. مصطفى قمر يطرح كليب «مش هاشوفك» | فيديو    ذاكرتى هى النسيان .. ولا أخشى المستقبل    مصدر مقرب من عمر فرج: علاقته انتهت بالزمالك    والد عروس المنوفية باكيا: لقيت بنتي مرمية على السرير مفيهاش نفس    أخبار مصر اليوم.. رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروع إحياء وتطوير حديقتي الحيوان والأورمان    الأزهر ينشر فيديوهات لتعليم أحكام التجويد والتلاوة بأسلوب يناسب الجميع    أول ظهور لمحمد صلاح بعد أزمته مع سلوت وليفربول.. صور    الداخلية تكشف حقيقة خطف فتاة بصفط اللبن: تركت المنزل بإرادتها بسبب خلافات أسرية    «نقف معها جنباً إلى جنب».. روسيا تحذر أمريكا من التصعيد ضد فنزويلا    كشف ملابسات فيديو عن إجبار سائقين على المشاركة في حملة أمنية بكفر الدوار    وليد جاب الله: مصر تحقق أعلى نمو فصلي منذ 3 أعوام | فيديو    حماية النيل من البلاستيك    ثلاثة فى خدمة الاحتلال الإسرائيلى    إخوان أوروبا فى مصيدة الإرهاب    «لا للتنمر ضد ذوي الإعاقة».. ندوة لمواجهة آثار وسلبيات التنمر    الأهلي يقترب من ضم يزن النعيمات لتعزيز الهجوم    تأجيل محاكمة 5 متهمين بخلية النزهة    وزير الصحة يعلن عن مواقع ترصد الأمراض الوبائية والمعدية في 5500 منشأة طبية    محافظ القاهرة: تبرع بقيمة 50 مليون جنيه لدعم إنشاء المجمع الطبي لجامعة العاصمة    مدير إدارة قفط الصحية بقنا تجري مرورا مفاجئا وتحيل متغيبين للتحقيق    مدبولي يتابع مشروعات تطوير قطاع الغزل والنسيج والاستغلال الأمثل لبعض الأصول    دياباتي يبتعد عن التتش.. خلافات مالية توقف تقدم مفاوضات الأهلي    ميرفت القفاص: عمار الشريعي الغائب الحاضر.. وصندوق ألحانه ما زال يحمل كنوزا    بكين تعلن عن ثالث مناورة مشتركة مع موسكو في مجال الدفاع الصاروخي    صبغ الشعر باللون الأسود: حكم شرعي ورأي الفقهاء حول الاختضاب بالسواد    كمال درويش يهاجم شيكابالا: أنت معندكش خبرة إدارية عشان تتكلم عن مجلس الزمالك    وزير الخارجية: إسرائيل عليها مسئولية بتشغيل كل المعابر الخمس التي تربطها بقطاع غزة    صحة الشيوخ تدعو خالد عبد الغفار لعرض رؤيته في البرامج الصحية    محافظ الإسكندرية يوجه بسرعة الانتهاء من رصف 8 شوارع في حي منتزه ثان    جامعة أسيوط تُكثّف استعداداتها لانطلاق امتحانات الفصل الدراسي الأول    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    هيئة الرقابة المالية تُلزم صناديق التأمين الحكومية بالاستثمار في الأسهم    باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    وزارة التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 519 بلاغا خلال شهر    الأرصاد تكشف خرائط الأمطار اليوم وتحذر من انخفاض درجات الحرارة في عدد من المحافظات    وزير الري: التحديات المائية لا يمكن التعامل معها عبر الإجراءات الأحادية    ضبط 69 مخالفة تموينية متنوعة فى حملة مكبرة بمحافظة الفيوم    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    نور الشربيني تتوج ببطولة هونج كونج للاسكواش بعد الفوز على لاعبة أمريكا    قطاع الملابس والغزل يبحث مع رابطة مصنّعي الآلات الألمانية التعاون المشترك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الوطن» تواصل نشر أحدث كتاب فرنسى عن «فاشية الإخوان» الحلقة الثانية
نشر في الوطن يوم 08 - 08 - 2015

فى الحلقة الثانية من كتابه «الإخوان المسلمون: تحقيق حول الفاشية الأخيرة فى العالم»، الذى صدر مؤخراً فى أسواق أوروبا، يواصل المؤلف الفرنسى «مايكل برازان» تحليله للوجوه البارزة فى الجماعة، خاصة تلك التى تلعب دوراً محورياً فى تنظيمها الدولى. وكان للشيخ «يوسف القرضاوى»، الأمير الحقيقى للإخوان كما يصفه الكتاب الفرنسى، حضوراً لا يمكن إنكاره بين صفحاته التى تتعقب فكر تنظيم الإخوان، بنفس الدأب الذى حاولت به تعقب شبكاتهم. اهتم المؤلف الفرنسى بدور «القرضاوى» فى إطار اهتمامه بالسياق الدولى الذى وصل فيه الإخوان للحكم بعد 2011، واللحظات التى تقاطع فيها دور الشيخ حامل الجنسية القطرية، مع سياسات الدوحة لبسط نفوذها على المنطقة، كما لو كانت تحلم بفرض خلافة إسلامية تتزعمها من خلال دعم تيارات الإسلام السياسى، فقد كانت قطر ضلعاً من مثلث شملها مع تركيا وإيران، وجدت فى وصول الإخوان لحكم مصر مكسباً لا يمكن تكراره، وفى الوقت نفسه، خسارة لا يمكن تعويضها. يتساءل المؤلف عن هدف الإخوان سياسياً من حكم مصر: «ما الذى يريدونه، وما برنامجهم الذى يعدونه لمصر فى المستقبل؟».
نقل الكتالوج الإخوانى فى الانتخابات لمسلمى أوروبا وطالبهم بدعم من يتفق مع مصالحهم وعدم ترشيح واحد منهم حتى ينجحوا فى «أسلمة» القارة... والإخوان طائفة لا علاقة لها بالإسلام.. جماعة دولية اخترقت العالم حتى قلب أمريكا وأوروبا
ويتابع: إن الإخوان لا يملكون أى برنامج سياسى على الإطلاق، لأن برنامجهم الوحيد هو «الشريعة» كما يرونها، خاصة أن مصر حالياً تطبق الشريعة الإسلامية بالفعل بنسبة 90٪ على الأقل فى قوانينها وتشريعاتها. إن الإخوان لا يجيدون إلا التلاعب بالألفاظ، كان لديهم طيلة عمرهم خطاب مزدوج، ثم أصبح فى السنوات الأخيرة خطاباً ثلاثياً. لديهم خطاب موجه لأنصارهم من قواعدهم الشعبية والسلفيين، ولديهم خطاب ثانٍ موجه لليبراليين والجيش، وخطاب ثالث للولايات المتحدة والغرب. لقد بالغ الإخوان فى إخفاء نواياهم وكذبهم على «غير المسلمين» للوصول إلى أغراضهم إلى درجة أنهم هم أنفسهم لم يعودوا يميزون بين معتقداتهم الحقيقية وما يتفوهون به من أكاذيب!
داعية «الدم والفوضى» الأمير الفعلى ل«تنظيم الإخوان الإهابى».. وأفتى بتصفية رؤساء الربيع العربى جسدياً
أما أميرهم فى مذهبهم هذا، وخير من يمثلهم كما يقول المؤلف الفرنسى، فهو «يوسف القرضاوى» الذى يصفه أيضاً بأنه «الإخوانى الأكثر تأثيراً حول العالم».
ويتابع الكتاب: إن المفتى الأكبر للجماعة حالياً هو «يوسف القرضاوى»، ربما كان «محمد بديع» هو المرشد، وربما كان «خيرت الشاطر» هو المرشد الفعلى، هذا أمر غير واضح، لكن المؤكد تماماً أن «أمير الإخوان» هو «يوسف القرضاوى». إن الإخوان هم فى حقيقة الأمر «طائفة» لا علاقة لها بالإسلام. طائفة دولية اخترقت كل مكان فى كل دولة فى العالم، حتى فى قلب الولايات المتحدة والغرب. صار من الضرورى إذن أن يكون هناك شخص يعبر عن صوت الجماعة على المستوى الدولى. وهذا الشخص هو «القرضاوى» المستقر فى قطر.
ويواصل الكتاب الفرنسى توضيح دور «القرضاوى» فى جماعة الإخوان، يقول: إن «القرضاوى» هو الذى يصوغ فتاوى الجماعة، هم يهاجمون لفظياً الولايات المتحدة وإسرائيل بشكل دورى، لكن من المستحيل أن تسمع «القرضاوى» يصدر فتوى ضد قطر على الرغم من وجود قواعد عسكرية أمريكية فيها. كل الغارات الأمريكية التى تشنها أمريكا ضد شعب العراق، والتى كان الإخوان يتظاهرون ضدها أحياناً كل يوم، كلها تنطلق من القواعد الأمريكية الموجودة فى قطر. أما القرضاوى نفسه، فقبل عام واحد من أحداث 2011، كان هذا الشيخ يصافح الرئيس الليبى السابق «معمر القذافى»، وقدم الرئيس السابق الذى كان ينظر إلى نفسه على أنه «ملك أفريقيا» مبلغاً كبيراً من المال للقرضاوى. كان القذافى مسروراً، وكان القرضاوى سعيداً أيضاً. كان القرضاوى قد جاء للقذافى لكى يظهر له صداقته ومودته، وصداقة الإخوان له بالتالى، وعلى ما يبدو كان «الشيخ» و«الزعيم» على تفاهم وتوافق تام.
يصوغ فتاوى للهجوم على أمريكا وإسرائيل ولم يصدر فتوى واحدة ضد قطر رغم وجود قواعد عسكرية أمريكية... وقطر كانت تستثمر فى «الإخوان» بمثل الحماس الذى تشترى به أندية كرة القدم الفرنسية والمصانع الألمانية.. لكنها فقدت توازنها بسبب التهور

«القرضاوى» أخذ أموال «القذافى».. وأفتى بقتله
ويتابع: لكن، بعدها بعام واحد، فإن «القرضاوى» نفسه الذى كان يصافح القذافى يداً بيد ويعرض عليه صداقته ويقبض منه المال، أصدر فتوى بقتله. وهو ما حدث بالفعل، وتم قتل القذافى. كان هذا مجرد جزء مما فعله «القرضاوى»، لقد لعب هذا الشيخ دوراً محورياً فى ثورات الربيع العربى. جاء بنفسه إلى ميدان التحرير لبث الحماس فى قلوب المصريين، من قلب مصر التى كبر فيها ثم طُرد منها عام 1981. كان ذلك قبل أن يتخصص فى إطلاق الفتاوى من على شاشة «الجزيرة» القطرية التى قرر فيها إصدار حكم الإعدام على «القذافى» و«بشار الأسد» مشجعاً المسلمين على «إراقة دماء الطغاة» وتصفية حكامهم. تلك الفتاوى هى التى أدت فى 20 أكتوبر 2011 إلى مصرع القذافى فى ظروف وحشية.
على أن الأخطر، من وجهة نظر المؤلف، لم يكن دور القرضاوى فى العالم العربى، وإنما دوره على المستوى الدولى كصوت لجماعة الإخوان عالمياً. يقول: لا يكف «القرضاوى» عن الإشارة فى برامجه التى يقدمها على قنوات التليفزيون، أو فى اللقاءات التى تتم استضافته فيها، إلى أن مهمة مسلمى أوروبا هى التخطيط والسعى والعمل على «أسلمة» القارة الأوروبية وصبغها بالصبغة الإسلامية. لكنه يؤكد أن «هذه الأسلمة لا بد أن تأخذ وقتها وأن تتم من خلال الوعظ والإرشاد، وليس من خلال العنف».
ويؤكد المؤلف: إن أحد الأهداف الأساسية الدائمة لتنظيم الإخوان هو توسيع شبكاته فى الدول الغربية من خلال تشكيل مراكز جديدة له طيلة الوقت فى أوروبا وأمريكا. وفى هذا الصدد، يلعب «القرضاوى» دوراً بارزاً. لقد أصبح هذا الشيخ الأزهرى هو المرجعية الدينية الأساسية للإخوان، متولياً العديد من المناصب الشرفية فيها، وزادت أهميته بعد أن أصبح رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين والمجلس الأوروبى للبحوث والإفتاء الذى يحدد فعلياً لمسلمى أوروبا ما ينبغى عليهم أو لا ينبغى عليهم فعله. كما اشتهر «القرضاوى» عالمياً من خلال خبراته الدينية التى يقدمها على امتداد سنوات فى برنامجه «الشريعة والحياة» على قناة «الجزيرة» القطرية.
ويضيف: هناك كثيرون ينظرون إلى القرضاوى على أنه وريث مؤسسى الفكر الإخوانى مثل حسن البنا وسيد قطب. لقد جلس نجم قناة «الجزيرة» فى 30 يناير 2009 معلنا دعمه للعمليات الانتحارية التى تقوم بها حركة «حماس» فى غزة، مضيفاً أنه: «على امتداد التاريخ، سلط الله على اليهود رجالاً قادرين على عقابهم على فسادهم، كان آخر من طبق هذه العقوبات عليهم هو «هتلر»، الزعيم النازى، ربما كانت الأساليب التى استخدمها هتلر ضد اليهود مبالغاً فيها بعض الشىء. لكن المهم أنه فعل ما ينبغى فعله لوقفهم عند حدهم ووضعهم فى حجمهم الطبيعى. كان ذلك عقاباً إلهياً حلّ عليهم وبإذن الله تعالى، سوف تكون المرة المقبلة التى ينزل بهم فيها هذا العقاب على يد المؤمنين».
وتكشف قراءة الكتاب الفرنسى عن أن القرضاوى أحد الذين نقلوا إلى أوروبا «الكتالوج» الإخوانى فى تكوين جماعات ضغط أو ثقل للتأثير فى مجرى الانتخابات، ويسعى المرشحون لكسب ودها، حتى لو لم تقدم مرشحاً منها، وقررت بدلاً من ذلك دعم آخر قريب من مصالحها، مستخدماً اللغة نفسها التى استخدمها إخوانه وأتباعهم فى مصر بعد 2011، من إقحام الدين فى السياسة، والتلويح بسلاح الجنة والنار فى وجه المشاركين فى العملية السياسية. يتابع المؤلف: «قبل هذا الكلام ب12 عاماً، حضر القرضاوى إلى فرنسا لكى يلقى تعاليمه السياسية على المسلمين هناك حول ما ينبغى عليهم فعله على المدى الطويل. قال لهم إن غايتهم الحقيقية هى أن يكون لهم أكبر ثقل يمكن لهم تشكيله لكى يؤثروا فى مجرى التشريعات الفرنسية، ولكى يحولوا أوروبا كلها إلى الإسلام على المدى البعيد. وقال لهم: يوجد هنا ما يقرب من 4 ملايين مسلم. من الممكن أن يكون لدينا تأثير رهيب فى الانتخابات. لو أننا لم نقدم مرشحاً مسلماً، فمن ينبغى علينا أن ندعم إذن؟ علينا أن ندرس الأحزاب المختلفة وبرامجها السياسية، وأهدافها، وهكذا يمكننا أن نعرف أى من أهدافها الأقرب لمصالحنا. أقول لكم الآن وهنا، إن من يصوت لمرشح يحاول تضييق الخناق على المسلمين، هو آثم ويرتكب خطيئة من خلال التصويت».
لم يكن من الممكن أن يتناول الكتاب الفرنسى دور القرضاوى من دون أن يتناول من ورائه دور قناة الجزيرة فى تلميع صورة الإخوان ونشر سياساتهم. قال: «أذكر جيداً ذلك القلق الذى تسببت فيه قناة الجزيرة للحكام العرب خلال 2011، خاصة مع الدور النشط الذى لعبه القرضاوى فى إذكاء جذوة حماس المتظاهرين فى الشوارع. لقد كان من الواضح أن قناة الجزيرة، ومن ورائها قطر، قد قررت أن الوقت قد حان لقطف ثمار دعمها للإخوان على امتداد سنوات. ربما كانت قطر تحلم حتى بأن تكون على رأس خلافة إسلامية على امتداد المنطقة كلها. إلا أن الواقع أن قطر سقطت ضحية شهيتها البالغة. واضطرت إلى أن تعلن استسلامها بعد عدة أشهر. لقد كانت قطر تستثمر فى الإخوان والسلفيين بالحماس نفسه الذى تستثمر به فى شراء أندية كرة القدم الفرنسية والصناعات الألمانية والبنوك الصينية ومحاولة استضافة الألعاب الأولمبية، وفقدت الإمارة توازنها تحت ثقل تحركاتها الدبلوماسية المتهورة وغير الواضحة على الإطلاق. لقد انقطع نفس قطر سريعاً، وتركت الساحة سريعاً جداً ومبكراً جداً، ووجدت نفسها بأسرع مما توقع الكل، تلعب الدور الوحيد المسموح لها به، وهو دور محفظة النقود».
ويتابع الكتاب: «لم تكن قطر هى الدولة الوحيدة التى تسعى لأن تجد لنفسها مكاناً مميزاً على خريطة المنطقة من خلال الإخوان. أو من خلال لعب دور الوساطة بين الإخوان وبين القوة الكبرى: الأمريكان. تركيا أيضاً كانت جاهزة لتقديم خدماتها. كانت تلك الدولة تريد أن تفرض نفسها على الشرق الأوسط باعتبارها قوة كبرى، كانت استراتيجيتها أقل تهوراً ورعونة من قطر، إلا أنها لم تكن تقل عنها التواء وضلالاً. لقد بدا الأمر وكأن تركيا قد اعتبرت أنه ما دام من الصعب عليها الانضمام للاتحاد الأوروبى، كما بدأ يظهر منذ 2007، فمن الأفضل لها إذن أن تصبح قوة كبرى فى العالم العربى. لقد تركت الإمبراطورية العثمانية العديد من الذكريات المختلطة باعتبارها آخر خلافة إسلامية، وهى الورقة التى حاولت بها حكومة «العدالة والتنمية» الإخوانية الإسلامية فى تركيا أن تستميل بها الشارع فى الدول العربية، فى الوقت الذى حافظت فيه على روابطها الاقتصادية والعسكرية مع إسرائيل. أما فى مصر، فركز أردوغان جهوده على دعم إخوانه حديثى العهد بالسلطة فيها، والذين لا يدركون بعد كيف يتصرفون فى أمور الحكم، وأظهروا منذ الأيام الأولى لحكمهم عدم كفاءتهم فى مواجهة التحديات الاقتصادية التى تمر بها مصر. ووضع أردوغان ثقله وراء إخوان مصر بعد أن ساءت علاقته على ما يبدو بإخوان تونس والمغرب، فأرسل كوادر حزب العدالة والتنمية إلى القاهرة لدعم الإخوان فى وضع خطط اقتصادية للحكم، إلا أن كل هذه الجهود كشفت عن أنها كانت مجرد ضربات فى الهواء بلا جدوى، كما كشف سير الأحداث فيما بعد».
ويصف المؤلف أسباب افتتان إخوان مصر بالرئيس التركى ورئيس الوزراء السابق رجب طيب أردوغان قائلاً: «منذ 2007 نجحت أنقرة فى كسب ود الشارع العربى الذى بدأ ينظر إلى تركيا على أنها نموذج يتبع، باعتبارها دولة نجحت عملياً فى المزج بين الإسلام والديمقراطية. ووقع الإخوان على وجه التحديد تحت التأثير التركى دون مقاومة. فحزب العدالة والتنمية التركى الموجود فى السلطة مند 2002 سبق الجماعة فى تحقيق نجاح انتخابى وتحمل المسئوليات السياسية، ونجح فى وضع تركيا فى المركز ال16 فى الاقتصاد العالمى بمعدل نمو 7٪. كما أن الإخوان كانوا ينظرون إلى «أردوغان» باعتباره واحداً منهم، ولم يملكوا إلا الإشادة بمهارة رئيس الوزراء التركى الذى نجح وقتها فى التلاعب بكل القوى الموجودة فى بلاده من أجل فرض نموذج إسلامى للحكم. هاجم أردوغان الجيش فى البداية والذى كان يعد، مثل الجيش فى مصر، العدو الأول للإسلاميين على الأرض. فعل أردوغان ذلك من خلال وضع رجاله فى المراكز المؤثرة، واستبعاد معارضيه وإضعاف الموجودين منهم فى السلطة، وهو المنطق نفسه الذى قرر إخوان مصر اتباعه من خلال حكومة حزب «الحرية والعدالة»، وأيضاً من خلال استبعاد المشير «حسين طنطاوى» من على رأس المؤسسة العسكرية وتعيين الفريق أول (وقتها) عبدالفتاح السيسى بدلاً منه، إلا أنهم اكتشفوا، لصدمتهم الكبرى، أن ذلك الرجل هو الذى تسبب فى انهيار سلطتهم بعد أن ضربهم فى مقتل قبل أقل من عام على تعيينه فى منصبه».
ويتابع الكتاب: «بكل ما فعلوه، وعلى الرغم من كل محاولات أردوغان لدعم إخوان مصر، أدرك الأتراك أن محاولاتهم للتحكم فى المنطقة لها حدود. وأن أيديهم ليست حرة فيها. وأنهم لا يمكن أن يلعبوا فى مصر دور القوة العظمى استناداً على العلاقات التى عقدوها مع إخوان القاهرة. ولم يعد أمامهم إلا الانسحاب من مصر على أطراف أصابعهم».
ووصل المؤلف بعدها إلى أكثر القوى الإقليمية التباساً وخطورة، على الرغم من أنها كانت بدورها من المستفيدين من وصول الإخوان إلى الحكم، ألا وهى إيران.
الأتراك أحسوا بعجزهم عن لعب دور «القوة العظمى» فى القاهرة ولم يعد أمامهم سوى الانسحاب على أطراف أصابعهم
يقول الكتاب الفرنسى: «تبدو استراتيجية إيران فى التعامل مع الإخوان والمنطقة أكثر تنسيقاً ووضوحاً عن سياستى قطر وتركيا، ولكنها أكثر حساسية أيضاً. لقد تأثرت الجمهورية الإسلامية الإيرانية بأفكار سيد قطب التى وضعت بصمتها على السياق السياسى والدينى الذى تبنته بعد الثورة الإسلامية، كما نجحت تلك الثورة فى أن يكون لها تأثير على العديد من الحركات الإسلامية فى العالم العربى على الرغم من أنها كانت فى معظمها سنية. لم ينكر أحد على مدى ثلاثين عاماً هذا التأثير، وظلت إيران بالنسبة للإخوان نموذجاً يحتذى وحليفاً يمكن الاعتماد عليه، إلى حد أن محمد مرسى، بعد فترة قصيرة من وصوله للحكم، أعلن عن رغبته فى إعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وهى العلاقات التى انقطعت فى الثمانينات بعد أزمة اختطاف رهائن من السفارة الأمريكية فى طهران على يد طلبة إسلاميين، إلا أن الواقع أن قناة الاتصال ظلت مفتوحة طيلة الوقت بين الإخوان وإيران، تحديداً من خلال «حماس» فى غزة، خاصة بعد أن دعمت «حماس» علاقتها ب«حزب الله» اللبنانى المرتبط مباشرة بإيران.
«طهران» كانت من أكبر المستفيدين بوصول «الإخوان» إلى حكم مصر والعلاقات الوثيقة بينهم ظلت قائمة من خلال «حماس» فى غزة
ويتابع: كانت تلك المبادرة التى قدمها مرسى فرصة لإيران للخروج من عزلتها الدولية والسعى لرفع العقوبات الاقتصادية الدولية التى تخنقها من الداخل بسبب برنامجها النووى، وهو البرنامج الذى تحرص طهران على إتمامه لبسط نفوذها على العالم العربى.
ويواصل: عادت العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وطهران إلى مجراها الطبيعى تحت حكم الإخوان دون حتى أن يتم الإعلان عن ذلك رسمياً. ووصل الأمر مع تبادل الزيارات والوفود الرسمية بين قادة إيران وكوادر الجماعة إلى أن تقدم طهران للإخوان عرضاً بقرض قيمته مليار دولار كبادرة لحسن النوايا. إلا أن هذا التفاهم العائد بين القاهرة وطهران لم يَبدُ مرضياً للجميع. وبدا الإخوان وكأنهم يسيرون فوق صفيح ساخن، أو على حد سيف الصراع السنى الشيعى بما أثار خلافات فى قلب الجماعة نفسها، فلا أحد ينسى أن يوسف القرضاوى، ومن ورائه قطر الداعمة للإخوان، قد وصف الشيعة بأنهم كفرة، متوعداً إياهم بمصير لا يختلف كثيراً عن مصير اليهود. وعلى الرغم من أن الدبلوماسية الإيرانية مع الإخوان قد بدت وكأنها أطول نفساً بقليل من دبلوماسية قطر أو تركيا، فإن الانكسار الفعلى لها قد حدث عندما تحطمت النوايا الإيرانية إزاء الإخوان على صخرة النزاع السورى.
ويتابع: فى سوريا، كان الإخوان يحاربون ضد جيش بشار الأسد المدعوم من إيران، فى الوقت نفسه لم يقطع إخوان حماس علاقتهم مع حزب الله المدعوم أيضاً من إيران، ووصلت الحال إلى أن بدأ الوضع فى سوريا يتحول إلى حالة أشبه بما كان عليه الوضع فى أفغانستان أو الشيشان أو العراق، حيث تصل الأمور إلى نقطة اللارجعة، وتفلت خيوط اللعبة من بين أصابع الجميع وخاصة الولايات المتحدة. وهو ما دفع الإدارة الأمريكية إلى أن تمارس ضغوطها على «محمد مرسى» لكى يضع «إخوانه» فى «حماس» تحت السيطرة. وسارع «مرسى» الذى كان فى أشد الاحتياج للدعم الأمريكى ساعتها، إلى زيارة غزة وتأكيد دعمه لإخوان حماس ليضع الإخوان بالفعل أمام تناقضاتهم: كيف يمكن للإخوان أن يواصلوا فى وقت واحد تعاونهم مع إيران وتلقى الأسلحة منها فى الوقت نفسه الذى يتم فيه توجيه هذه الأسلحة إلى صدور الإخوان الذين يحاربون «الأسد» فى سوريا؟ كان ذلك من التعقيدات التى لم يعرف الإخوان ولا إيران كيف يجدون لها مخرجاً أو حلاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.