"أمة جاهلة أسلس من قيادة أمة متعلمة"، عبارة من أشهر ما قال الوالي سعيد، حاكم مصر، وقت أن أغلق المدارس العليا، التي أسسها والده محمد علي، كما أشتهر بإهداره للأموال، ومنح حق امتياز حفر قناة السويس. وُلد محمد سعيد باشا في العام 1822، واختار والده، محمد علي باشا، أن يدرس في السلك البحري؛ لتعلم فنون القتال، وبعد إتمام دراسته اتجه للخدمة في الأسطول قومندانا لإحدى البوارج، وارتقى في سلاح البحرية حتى وصل لرتبة "سر عسكر الدوننمة"، أي القائد العام للأسطول. تولى عرش مصر في 24 يوليو من عام 1854، ليظل واليًا على البلاد لمدة 9 سنوات، شهد خلالها عهده العديد من الأحداث، منها دخول مصر في حربين، الأولى حرب القرم، والثانية حرب المكسيك، وبنى في عهده نظامًا للمعاشات بالنسبة للموظفين المتقاعدين والمحالين إلى المعاش، كما طهّر ترعة المحمودية، وأسس شركة الملاحة النيلية في 1854، وشركة أخرى للملاحة البحرية في 1857، وطور شبكة التلغرافات والسكك الحديدة، كما اهتم بالجيش المصري في عهده. ويُعد من أبرز ما شهده عهده؛ هو بدء حفر قناة السويس، فبعد تولي سعيد زمام الأمور بعث له مسيو "ديليسيبس" برسالة تهنئة على توليه سدة الحكم، وإبلاغ سعيد بقدومه إلى مصر لتهنئته، وهو ما حدث بالفعل، فوصل للإسكندرية في نوفمبر من عام 1854، وفاتح "ديليسبس"، "سعيد" في الموضوع، وعلى إثره وافق الوالي سعيد على فكرة الحفر، بالرغم من رفض والده محمد علي الأمر في عهده؛ لمنع التدخل الأجنبي في شؤون البلاد. وبعدها بأيام منح "سعيد"، "ديليسبس" امتياز بإنشاء شركة لحفر قناة السويس، على أن تستثمر القناة لمدة 99 عامًا من بدء تشغيلها، إلا أن الإجراءات التي ترتبت على هذا الاتفاق كانت مجحفة، ومنها بيع الأراضي المخصصة للحفر مجانًا، واستخراج الشركة للمواد الخام دون ضرائب، وإعفاء الشركة من الجمارك فيما يخص استيراد الآلات من الخارج، وأن يكون 4 أخماس العمال من المصريين. وبدأ حفر القناة في 1859، واستمر لمدة 10 سنوات، إلا أن الوالي سعيد لم ير نتاج الحفر، فتوفي في 18 يناير من عام 1863 لشدة المرض، وتولى مكانه الخديوي إسماعيل، والذي افتتح القناة في عهده.