السيسي يصدَّق على قانونين بشأن مجلسي النواب والشيوخ    البنك المركزي: ارتفاع ودائع العملاء بالبنوك إلى 14.151 تريليون جنيه بنهاية فبراير 2025    البوري ب220 جنيهًا.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية بسوق العبور اليوم الثلاثاء    إزالة 19 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة خلال عيد الأضحى في الفيوم    على نهج غزة.. إسرائيل تحذر الحوثيين من حصار بحرى وجوى إذا استمرت هجماتهم    استشهاد 10 فلسطينيين بينهم 4 مسعفين في عدة مناطق بغزة    الدفاع الروسية: اعتراض وتدمير 102 طائرة مسيرة أوكرانية خلال فترة الليل    شوبير يصدم جماهير الأهلي بشأن جراديشار قبل مباراة إنتر ميامي    انتهاء تعاقد أيمن أشرف ومحمد أبو جبل مع البنك الأهلي الخميس المقبل    ريبيرو يكشف رؤيته لخط هجوم الأهلى أمام كتيبة ميسى بكأس العالم للأندية    قرارات عاجلة من التعليم قبل انطلاق امتحانات الثانوية العامة 2025 الأحد المقبل    نيابة ملوي تواصل تحقيقاتها في إصابة العشرات بتسمم غذائي عقب تناولهم وجبة غذائية من مطعم شهير بالمنيا    الأرصاد: ارتفاع درجات الحرارة على أغلب مناطق الجمهورية حتى منتصف الأسبوع المقبل    ضبط 12 متهما في قضايا حيازة أسلحة نارية واتجار بالمخدرات بالقاهرة    ضبط 200 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة في القاهرة    عن طريق الخطأ.. ضبط المتهم بإصابة طفلين فى حفل زفاف نجله بقنا    بعد انضمام المشروع X.. ترتيب جديد لقائمة الأفلام الأعلى إيرادا في تاريخ السينما المصرية    «عروسة مميزة جدا».. أسماء جلال ترافق أمينة خليل في حفل زفافها الثاني باليونان    «مش بتتنازل بسهولة».. 4 أبراج عنيدة يصعب إقناعهم    الدفاع المدنى فى قطاع غزة: الاحتلال يستهدف المدنيين بمناطق توزيع المساعدات    أجواء مبهجة وتزاحم جماهيري احتفالاً بعيد الأضحى المبارك ب"ثقافة الشرقية"    المأذونين عبر تليفزيون اليوم السابع: زواج شاب "داون" من فتاة يجوز شرعاً    الحكومة تستعد للإعلان عن القضاء على مرض الجذام.. مصطفى مدبولى يوجه بتكثيف الجهود للوصول إلى هدف صفر.. وتوفير الرعاية الكاملة للمتعافين والدعم النقدى الاجتماعى المطلوب    صحة المنوفية: استقبلنا 13 ألف حالة خلال أيام عيد الأضحى بجميع مستشفيات المحافظة    رابطة الأندية تُخطر سيراميكا والبنك الأهلي باللجوء لوقت إضافي حال التعادل في نهائي كأس العاصمة    ارتفاع الأسهم العالمية والدولار مع تقدم المحادثات التجارية بين أمريكا والصين    وزير المالية يوجه بتسهيل الإجراءات الجمركية لضيوف الرحمن    الداخلية تضبط 8 أطنان دقيق مدعم خلال 24 ساعة    وزير الإسكان يتابع مشروعات المرافق بالعبور الجديدة والأراضي المضافة لها    فتح باب التقديم لوظيفة مدير عام المجازر والصحة العامة بمديرية الطب البيطري بالغربية (الشروط)    إمام عاشور عن خروج الأهلي الأفريقي: «أصعب مواقف حياتي»    مباريات اليوم.. ختام المرحلة الثالثة بتصفيات آسيا للمونديال    وزير الري يشيد بجهود العاملين خلال عطلة عيد الأضحى    في أولي حفلاته بعد الحج.. أحمد سعد يوجه رسالة لجمهوره| صور    10 يوليو.. بتر شو Better Show يعود بعرض "السنجة" على مسرح نهاد صليحة    المجمعات الاستهلاكية تستأنف العمل لطرح السلع واللحوم للمواطنين    حِجر إسماعيل..نصف دائرة في الحرم تسكنها بركة النبوة وذاكرة السماء    بسبب ضغوط الناتو.. كندا تتعهد برفع الإنفاق الدفاعي ل2% من الناتج المحلي    مستوطنون يقتحمون باحات "الأقصى" بحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي    محافظ أسيوط يشهد انطلاق تقنية طبية جديدة بوحدة المناظير بمستشفى المبرة    فنان العرب محمد عبده والمايسترو هاني فرحات يحطمان الأرقام القياسية في حفلات عيد الأضحي 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    إصابة 3 أشخاص إثر استهداف مسيرة إسرائيلية "وادي جنعم" بأطراف بلدة شبعا جنوب لبنان    حبس وغرامة، عقوبة استخدام حساب خاص بهدف ارتكاب جريمة فى القانون    تحذير عاجل من عبوات "باراسيتامول" بالأسواق، وهيئة الأدوية البريطانية: فيها تلوث قاتل    استقرار سعر الذهب اليوم وعيار 21 يسجل 4675 جنيها    وفد من أمانة حزب مستقبل وطن بالدقهلية يقدم العزاء لأسرة البطل خالد شوقي عبدالعال    القبض على صاحب مطعم شهير بالمنيا بعد تسمم أكثر من 40 شخصًا    إسرائيل تبدأ ترحيل نشطاء السفينة مادلين وتصفها ب«يخت السيلفي»    الخارجية الإيرانية: الجولة المقبلة من المحادثات مع واشنطن تُعقد الأحد في سلطنة عُمان    خاص| الدبيكي: نعمل على صياغة اتفاقية دولية لحماية العاملين من المخاطر البيولوجية    يوميات أسبوع نكسة 1967 في حياة طبيب شاب    صحة سوهاج: 560 جلسة علاج طبيعي لمرضى الغسيل الكلوي خلال أيام عيد الأضحى    رافاييل فيكي يدخل دائرة ترشيحات الزمالك لتولي القيادة الفنية    "خسارة للأهلي".. نتائج مباريات الإثنين    ما حكم الشرع في بيع لحوم الأضاحي.. دار الإفتاء توضح    إجراء 2600 جلسة غسيل كلوي خلال إجازة عيد الأضحى بمحافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هدى زكريا تكتب: الشخصية المصرية وترويض الخطر
نشر في الوطن يوم 01 - 01 - 2025

اعتاد سكان الغابات المَطيرة الواقعة على مرتفعات البحر الأحمر بشرق المحروسة أن يمارسوا الحياة السهلة التي تقوم على الجمع لثمار الأشجار وصيد حيوان الغزال والأرانب البرية. ثم بدأت التغيرات المناخية التدريجية الناجمة عن انحسار الأمطار تقلق السكان الذين بدأوا في التحرك بحثا عن الماء والكلأ بعد أن عاشوا الجفاف المخيف الذي يهدد البقاء على الحياة.
وكانت لحظة الوصول إلى ضفاف النيل هي بداية جديدة لنَمَط حياة الزراعة البدائية على ضِفاف النهر الخالد، لكن معاناة جديدة تبدأ «بالصراع» الذي قام بين مَن وصلوا مبكرين إلى ضفاف النهر، والذين وصلوا متأخرين، الذين لم يجدوا مكانا يحتويهم مع من سبقوهم، ولا نستطيع أن نعرف مُدّة هذا الصراع لأنه حدث قبل التاريخ المسجل. وما يهمنا هنا أن نؤكد أنّ حالة الصراع قد انتهت باكتساب المتصارعين لدرجة عالية من النُضج السياسي والاجتماعي، حولت الكل المشتت إلى ذوبان الكل في واحد جمعي مستقر، وذلك من خلال إبداع أول حكومة في التاريخ، التي تكوَّنَت من مجموع المهندسين الزراعيين والأطباء، والتي سمَّاها المؤرخون «حكومة المهرة والفنانين»، والتي لم تكن تضيِّع وقتا كحكومة فلاسفة اليونان القديمة.
وهكذا تكوَّنت الشخصية المصرية على نار التاريخ الهادئة، فصار لديها ذلك الوعي النادر بدورها الحضاري ومسؤوليتها التاريخية، خاصة بعد أن اكتشف المصريون أنهم قد صاروا أُمَّة تعيش في خطر الطامعين من جيرانها، الذين انقسموا إلى فريقين: الراغبون في الهِجرة إلى المحروسة، التي مثَّلت حِلْم الحياة الآمنة والرخاء. والثاني هو فريق الطامعين في السيطرة على خيرات النهر الخالد.
وهنا أدرك المصريون أنهم «أُمّة تعيش فى خطر»، فقام المصريون بعملية «ترويض الخطر» فدافعوا عن المحروسة في مواجهة أربعين أمة غاشمة طمعت في الاستيلاء على النهر والأرض ابتداءً من الهكسوس والحيثيين مرورا بالرومان والعثمانيين وانتهاءً بالإنجليز. وقد رحَّبت المحروسة بالقادم المُحِب وفقا للمَثَل القائل «من حبّنا حبناه وصار متاعنا متاعه.. ومن كرهنا كرهناه ويحرم علينا اجتماعه» وقد أبدَعَت الشخصية المصرية فَنّ الدفاع عن المحروسة. فكان المصريون يقومون بترويض الخطر عندما ينهزمون عسكريا من جيوش العدو القوية، بهزيمة العدو ثقافيا بإغلاق جميع أبواب التفاعل والتواصل الثقافي مع المحتل تمهيدا لإعداد العُدّة لطرده، ليس فقط من أرض المحروسة وإنما من صفحات التاريخ كله.
فإذا راجعنا قائمة الدول الأعضاء بهيئة الأمم المتحدة فلن نجد أى اسم للتتار أو الفُرْس أو العثمانيين.. إلخ، بينما يتصدر اسم مصر المحروسة أعظم القوائم. وقد أبدى (هيرودوت)، المؤرخ الإغريقي، دهشته عندما نزل على شاطئ الإسكندرية قبل الميلاد بألف وخمسمائة سنة، قائلا: «وجدت شعبا لا مثيل له لأن ثلثهم من الأجانب». فلم تضع مصر اللاجئين في مخيمات أو معسكرات. وقد وَصَفَها (ابن بطوطة)، الرحالة المغربي، في مذكراته، قائلا: عندما تذهب إلى مصر المحروسة لا تأخذ متاعا ولا أحمالا ثقيلة، لأنك ستجد عندها كل ما تحتاجه من إقامة وطعام، فالمصري يستضيف القادم المحتاج في التكايا والأسبلة بكرمه المعتاد. وإذا كانت مصر الوحيدة التي انفردَت بقدوم الأديان السماوية الثلاثة، فإن الشخصية المصرية أَرْسَت قواعد الديمقراطية الدينية بالهتاف الشعبى للبُسطاء: «موسى نبي وعيسى نبي ومحمد نبي، وكل من له نبي يصلى عليه».
وهنا ينبغى أن نؤكد فشل محاولات أعدائنا التاريخيين في التآمر على الشخصية المصرية باستخدام آليات التفكيك وسياسات: «فَرِّق تَسُد».
ولعل نجاح المتربصين ببلادنا في رسم صورة مُمَزَّقَة للدول العربية والأفريقية المحيطة بالمحروسة، يصوِّر لهم أنه من الممكن تفكيك ضميرنا الجمعي واصطناع خلافات مذهبية ودينية وعرقية. ولذا كان علينا واجب مهم هو إنعاش الذاكرة التاريخية للمتآمرين على المحروسة، فنقول لهم: «إن كنتم نسيتوا اللي جرى نجيب الدفاتر تِتقرا»، ونذكرهم بالمثل الشعبي المصري وهي تخاطِب أعداءها قائلة «إن كنتم نار، فإنكم تعجزون عن حَرْق مطرحكم».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.