الحاجة إلى الجنس هي مثل الحاجة للماء والهواء بالنسبة للبالغين، وبالإضافة لكون الجنس غريزة أساسية للجنس البشري تحقق مجموعة كبيرة من الإشباعات النفسية والجسدية للإنسان، فهو العملية الأساسية المسؤولة عن المحافظة على الجنس البشري، والتي تسمح باستمرار الحياة وتجددها على الأرض، ولكن نجد هناك بعض الأشخاص الذين لا تثار لديهم هذه الغريزة، ولا يرغبون في الحصول على المتعة الجنسية بأي شكل، وتناولت صحيفة "الجارديان" البريطانية بحثا حول هذه القلة التي يطلقون عليها "عديمة الجنس"، لتوضيح أسباب الظاهرة وأبعادها وتأثيرها على الحالة النفسية والجسمانية. وذكرت الصحيفة أن المجتمع يتوقع من الجميع الميل والرغبة الشديدة للحصول على المتعة الجنسية، إذا كنت حصلت عليها فأنت تعيش حلما رائعا, أما إذا لم تحصل عليها حتى الآن فبالتأكيد تتمنى أن تنالها، وبذلك فالجميع يحلمون ويرغبون في الحصول على المتعة الجنسية، ولا يعقل أن يكون كل هؤلاء مخطئين، ولكن ماذا يعنى وجود آخرين لا يرغبون في الجنس على الإطلاق؟ وأشارت "جارديان" أن هذا النوع من البشر ربما يعيش متخفيا في المجتمع مختبئا تحت الظل، ويخشى من التعبير عن رأيه في هذا الموضوع لأنه بذلك يعد منحرفا اجتماعيا، ومع ذلك فإن انعدام هذه الرغبة لا يعد أمرا شاذا، ومن ناحية أخرى، فإن الصمت النسبي حول هذا الموضوع يعزز فكرة وجود شيء ما وراء هؤلاء العازفين عن الرغبة الجنسية. وتابعت "جارديان" قائلة إن تلك القلة القليلة قد تكون عديمة الجنس منذ البداية، أو قررت الابتعاد عن الممارسة لفترة من الوقت بسبب مشكلة أو صدمة نفسية، فهناك العديد من الأسباب لابد من وضعها في الاعتبار، حيث نجد أنه في أغلب الحالات لا يعتبر عدم الرغبة في الجنس دليلا على مشكلة مرضية تحتاج إلى العلاج، وذلك من خلال الوعي بحقيقة أن الجنس لا يمثل بداية أو نهاية للكثير من البشر، وهناك العديد من الأسباب التي تدفع من لديهم الرغبة الجنسية في السعي وراء ذلك، وفي الوقت ذاته لا يوجد أي سبب مهين لمن لا يرغبون في المتعة الجنسية. فقط في حالات نادرة يعد عزوف البعض عن الجنس مؤشراً على وجود مشكلة أو مرض، فقد يعد دليلا على بعض الأعراض الجانبية لعقار معين، أو قد يشير إلى مرض خبيث غير ظاهر بوضوح، هنا فقط يعتبر عدم الإقبال على الجنس مشكلة خطيرة قد تتسبب في انعزال المريض عن المجتمع. ومن ناحية أخرى، ذكرت "جارديان" أن الامتناع عن ممارسة الجنس بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الصدمات النفسية لا يعد مشكلة بل مجرد عرض سيزول بزوال السبب، ولكن يجب التعامل مع ذلك بعناية وبهدوء، ولابد من التريث في الوقت بجانب الدعم والعلاج النفسي لاجتياز هذه المرحلة، وأضافت أن هناك بعض الأشخاص الذين يمتنعون عن الجنس من دون سبب نفسي لأجل الاهتمام بمستقبلهم المهني أو تربية الأطفال أو الانشغال بمشروع معين، وبذلك يتضح أن الرغبة الجنسية تختلف أهميتها من شخص لآخر بحسب اهتماماته الشخصية. وعند النظر إلى تلك الفئة التي توصف بعديمة الجنس قد نجد لهم العديد من التعاريف الغريبة، ولكن التعريف الأكثر انتشارا هو هؤلاء الذين لم يمروا بأي تجربة جنسية من قبل، وقد يدخل عديمو الجنس في علاقات رومانسية ولكن عوامل الجذب بالنسبة لهم يكون لها اعتبارات خاصة، وهم يختارون شركاء حياتهم لأسباب مختلفة، ويكون دائما قرار عزوفهم عن الجنس لأجل عدم إفساد علاقتهم. وأخيرا تؤكد صحيفة "جارديان" أن عدم الرغبة في ممارسة الجنس ليس أمرا يمكن توضيحه بسهولة، ولكنها توضح أيضا أنه ليس عيبا أو مرضا أو شيئا مشينا أو نقصا في الشخص، ويمكن اختصار الأمر في أنهم ببساطة قد ولدوا هكذا. وتشير الإحصائيات إلى أن عدد عديمي الجنس يصل إلى 1% من تعداد سكان العالم، وهذا يعني أنه إذا كنت ممن لديهم عدم الرغبة في الجنس فأنت لست وحيدا، وربما تعرف شخصا ما لديه نفس أفكارك، بصرف النظر عن نظرة المجتمع، فالأمر الأهم هو أن تكون راضيا عن نفسك.