تبرعت بثروتها ومصاغها لصندوق تحيا مصر |وداع مهيب فى تشييع الحاجة سبيلة    انتخابات مجلس النواب 2025، إقبال كثيف على لجان إمبابة قبل إغلاق الصناديق    أسعار الذهب اليوم الخميس 4 ديسمبر بالتعاملات المسائية    زاريتا: الاتحاد الأوروبي يتعاون لتعزيز العدالة الانتقالية في السودان    ترامب ورئيسا كندا والمكسيك يشهدون قرعة كأس العالم 2026 غدا    شوط أول سلبي بين سوريا وقطر في كأس العرب 2025    غلق كلي بشارع 26 يوليو لمدة 3 أيام    رامي إمام يطمئن الجمهور على والده «الزعيم» | خاص    محافظ قنا ل إكسترا نيوز: غرفة عمليات لمتابعة الانتخابات على مدار الساعة    دار الإفتاء: البشعة ممارسة محرمة شرعا ومنافية لمقاصد الشريعة    فوز قطاع الطب الوقائى والصحة العامة بالمركز الأول بجائزة التميز الحكومي العربى    توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين وزارة الخارجية ومحافظة كفرالشيخ لإتاحة خدمات التصديقات داخل المحافظة| صور    محافظ الدقهلية يقدم العزاء في وفاة الحاجة «سبيلة» بميت العامل بمركز أجا| صور    بعد هجمات البحر الأسود.. تركيا تستدعى سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسى لمنع توسع دائرة التصعيد    حفل جوائز التميز الصحفى الإثنين |تكريم «الأخبار» عن تغطية افتتاح المتحف الكبير    هنو يكرم خالد جلال «صانع النجوم»    بانوراما مصغرة ل«المتحف المصري الكبير» بإحدى مدارس كفر الزيات    الأزهر للفتوى يوضح: اللجوء إلى البشعة لإثبات الاتهام أو نفيه ممارسة جاهلية    خالد الجندي يكشف الحكمة من تناثر القصص القرآني داخل السور وعدم جمعها في موضع واحد(فيديو)    منذ الساعات الماضية .. مجلس الزمالك فى اجتماع مفتوح لإنقاذ النادى من أزماته الحالية    كيف تحمين طفلك من برد الشتاء ومشاكل الحساسية؟    عزاء سعيد عبد الواحد مرشح انتخابات النواب عن إمبابة غدا فى منطقته    وزارة الشباب والرياضة تنهى تقاريرها عن وفاة السباح يوسف محمد    دير شبيجل: ماكرون حذر زيلينسكي وميرتس من خيانة أمريكية    تأثير الموسيقى.. كيف تغير المزاج وتزيد التركيز؟    الكرملين: الهند شريك رئيسي لروسيا.. والعلاقات بين البلدين متعددة الأوجه    إجراءات التقديم لامتحان الشهادة الإعدادية 2026    وفاة معلم أثناء طابور الصباح في القاهرة    ياسمين الخيام تكشف التفاصيل الكاملة لوصية والدها بشأن أعمال الخير    بيان من نادي كهرباء الإسماعيلية بسبب الشائعات بين المرشحين على مواقع التواصل    مصر تستهدف جذب الشركات الأمريكية للاستثمار في قطاع التعليم    تحويلات مرورية في القاهرة.. تعرف عليها    نائب رئيس الوزراء: القيادة السياسية تضع الملف الصحي على رأس الأولويات الوطنية    الإمارات تطلق مصنع متطور للمولدات الصديقة للبيئة ينضم إلى القطاع الصناعي في الشارقة    البورصة تسجل مستوى تاريخي جديد مقتربة من 41500 نقطة بختام الأسبوع    «التجاري الدولي» يحصد جائزة بنك العام في مصر من مؤسسة The Banker    السفيرة الأمريكية بالقاهرة: نسعى لدعم وتوسيع الشراكة الاستراتيجية مع مصر    الاحتلال الإسرائيلي يعلن مقتل ياسر أبو شباب على يد مسلحين فى غزة    الداخلية تضبط شخصا يوزع أموالا على الناخبين بطهطا    كرة طائرة - تواجد الصفقات الجديدة وغياب مريم مصطفى في قائمة سيدات الزمالك بمونديال الأندية    في غياب الدوليين.. الأهلي يبدأ استعداداته لمواجهة إنبي بكأس العاصمة    رئيس الوزراء يصدر 10 قرارات جديدة اليوم    الطقس غدا.. تغيرات مفاجئة وتحذير من شبورة كثيفة وأمطار ونشاط رياح وأتربة    لجان لفحص شكوى أهالي قرية بالشرقية من وجود تماسيح    أبو الغيط: جائزة التميز الحكومي رافعة أساسية للتطوير وتحسين جودة حياة المواطن العربي    غدًا.. إطلاق ورشة "السينما والأدب.. نجيب محفوظ نموذجًا"    وفاة الشاعر والإذاعي فوزي خضر وتشييع جثمانه اليوم بعد صلاة العصر    ضبط شخص بحوزته عددا من بطاقات الرقم القومي للناخبين في قنا    «الأوقاف»: تعديل القيمة الايجارية لأملاك الوقف    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى أوسيم دون إصابات    موعد صلاة الظهر..... مواقيت الصلاه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى المنيا    الحقيقة الكاملة حول واقعة وفاة لاعب الزهور| واتحاد السباحة يعلن تحمل المسئولية    محكمة جنح أول الإسماعيلية تؤجل نظر محاكمة والد المتهم بجريمة المنشار    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة الألف يوم الذهبية وتطوير الرعاية الأولية    اليوم الثاني للتصويت بالبحيرة.. إقبال لافت من الناخبين منذ فتح اللجان    استقرار أسعار الذهب اليوم الخميس.. والجنيه يسجل 45440 جنيهًا    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللاعقلانية ولعبة الموت: هل نعيش فى «زمن واحد» منذ مقتل عثمان؟
نشر في الوطن يوم 19 - 07 - 2015

إن التاريخ الثقافى لهذه البقعة من العالم يحوى تناقضات وصراعات مصالح موروثة من عصور صراع المذاهب والفرق الدينية على السلطة والإمامة منذ لحظة مقتل عثمان (رضى الله عنه)، والعالم فى أغلبه دخل عصور الحداثة، بينما نحن لا نزال نعيش أجواء الماضى، لا نزال نعيش فى «زمن واحد» منذ مقتل عثمان (رضى الله عنه) وإلى الآن، ولم ندخل بعد «زمناً جديداً»!
وهذا الزمن الذى نعيشه هو زمن «الحروب الطائفية» التى يسكنها ويحركها العقل المغلق، ومن هنا تجدنا فى دائرة مقيتة من التعصب الذى يولّد تعصباً مضاداً فى دائرة جهنمية لا تتوقف ولا تنقطع.
وهذه الدائرة الجهنمية المغلقة تولد الإرهاب بكل الجوانب اللاعقلانية فيه، وبكل ما ينطوى عليه من «تناقضات باطنية» تحركه على مستوى الأفكار وعلى مستوى الواقع. وحتى الآن وعلى الرغم من تجاوز «عوالم الماضى» فى النظام الاقتصادى وتكوين الطبقات الاجتماعية، فإن المجتمع لم يحل بعد تناقضاته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولذا فإنه لا يزال ينجب حفّار قبره.
وحفار قبره هو الإرهاب بكل ما فيه من لاعقلانية وغباء وحمق. ويظل الإرهاب -على الرغم مما يبديه من قدرة على التدمير- عاجزاً وقاصراً ومنهاراً، لأنه يدفع إلى فعل كل شىء ولا يتوانى عن أى شىء -مهما كان لا أخلاقياً- من أجل انتصار قضية تسيطر على عقله المغلق.
والغريب حقاً أن الإرهاب يتشح بالدين، على الرغم من أنه -أى الإرهاب- لا يحده سقف أخلاقى من أى نوع، ولا يميز بين ما هو «أخلاقى» و«غير أخلاقى» فى الصراع، ومعه صار مبدأ ميكيافيلى «الغاية تبرر الوسيلة» مبدأ مطلقاً لا يقف عند مستوى!
حيث توجد حالة من العمى وعدم القدرة على التمييز، لأنه ينطلق من موقف شديد التشنج والخطورة من شأنه أن يؤدى إلى أعمال بالغة الشراسة ضد الآخرين، وإلى أعمال انتحارية يروح ضحيتها عادة الإرهابيون أنفسهم!
إنها حالة من اللاعقلانية المطلقة يضحى فيها الإرهابى بكل شىء: وطنه وأرضه وناسه وعرضه؛ من أجل انتصار قضيته! لا مانع عنده من تقسيم بلده، ولا مانع عنده من تشريد نسائها وأطفالها وشيوخها، ولا مانع عنده من هدم المعبد على كل من فيه، لا شىء يهم سوى انتصار «رؤيته للعالم» ووصوله إلى الحكم حتى لو فى أرض منهدمة ووطن مقسم تستحى فيها النساء وتضيع فيه الأعراض، وتتحقق فيه أغراض الإمبريالية العالمية. دائرة متكاملة من «اللاعقلانية» و«اللاأخلاقية» تحكم العمل الإرهابى؛ لأنه لا يراعى أى عُرف، ولا توقفه أى حُرمة اجتماعية أو دينية، كما أنه لا يراعى أى قاعدة أخلاقية تشكل عائقاً فى سبيله، إذ إنه يضع بتصرفه جميع الطرق والأساليب والوسائل الممكنة دون أن يتراجع أمام الصعاب مهما بلغت خطورتها لأنه يلعب «لعبة الموت» فقط، الموت من أجل حياة بعينها يريدها دون غيرها، حياة يكون فيها هو «السيد» وحده.
فكل ما هو «ممكن» عند الإرهابى، هو أيضاً «مسموح به» و«مباح»، والغاية تبرر الوسيلة، وكل ما هو «نافع وفعّال» فهو «ضرورى» و«أخلاقى»! ولا يمكن التخلى عنه لأى سبب من الأسباب خارج مستلزمات مصالحه السياسية التى تهدف بالأساس إلى التغلب على عدو غير حقيقى فى معركة مزيفة! فالمهم أن ينجح، لذلك لا يفرق بين «الدينى» و«اللا دينى»، ولا يميز بين «الأخلاقى» و«غير الأخلاقى»، وبين «القانونى» و«غير القانونى»، وبين «الوسائل الإنسانية» و«الوسائل غير الإنسانية»، مهما بلغت حداً قصياً من العنف اللاأخلاقى واللاعقلانى. فهو لا يتوانى عن ضرب أى هدف يقع على مرمى يده، سواء كان من الممتلكات العامة أو الخاصة، أو كان إنساناً عادياً أو أى شخصية تخالفه الرأى أو جندياً يؤدى الخدمة العسكرية، عندما يرى هو أن عقله المغلق يتحقق فى هذا الفعل.
إن الإرهابى إذ يحاول محو الاضطهاد والشرور والظلم -من وجهة نظره- يعمد إلى الإمعان فى إثارة آلام وشرور أخرى أعمق وأشد.
فباسم أىّ حق وباسم أى أخلاق يتم تدمير وسائل وأسباب الحياة ويموت الأبرياء لمجرد أنهم يخالفون الإرهابى فى الرأى؟ وباسم أى أخلاق لا يأمن الإنسان على نفسه وهو يشعر أنه مهدد بتصفيته جسدياً من مخالفيه فى التوجه أو العقيدة أو الأيديولوجية؟
فى الواقع إن الإرهاب كسلاح فى التعامل مع الخصوم هو سلاح بدائى يفقد قيمه وينقض أخلاقياته بسبب بمبدأ عدم التمييز بين الأهداف والوسائل أو مبدأ الضربة العمياء.
إن محاولة التبرير الأخلاقى والعقلانى للإرهاب بالاستناد إلى الهدف -حتى لو كان نبيلاً ومشروعاً- يعنى جعل «الأخلاق» مجرّد مجاملة للأمزجة والأهواء التى تسيطر على مجموعة بشرية أو طبقة أو حزب؛ وبالتالى تفقد الأخلاق مضمونها وتتصدع قوانينها.
فبديهى إذن صعوبة، بل استحالة، فهم ظاهرة التعصب العقلى والإرهاب الدموى بالنسبة للأخلاق المبنية على المبدأين الرئيسيين: الخير والشر؛ إذ ليس بإمكان هذه الأخلاق أن تبرر التعصب والإرهاب، وإلا وقعت فى التناقض والانتفاء والعبثية. فعلى مستوى الأخلاق تظل المسافة بين «العنف» و«الأخلاق» لا يمكن تجاوزها، كما لا يمكن ردم المسافة بين «الإرهاب» و«مقاصد الدين».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.