كعادة كل عام ينتظر أدهم الذى لم يتجاوز بعد سنواته العشرة، العيد لتجتمع العائلة مع بعضها، ويلعب مع أبناء عمومته، ويستمتع بصلاة العيد التي يرى فيها بهجة لا مثيل لها، ثم ذهابه إلى منزل جدته، واستماعه إلى حكاويها التي لا يمل منها، وأغاني العيد التي يرددونها ورائها. ركوب العجل، والعيدية، واللبس الجديد، الضحكات التي تتعالى وسط حديث العائلة، ويفصله عن ذلك كله مناداة أقاربه له لكي يلعبوا على الكمبيوتر، أمام شاشة الكمبيوتر جلسوا متراصين، وبعد عدة مشاجرات حول اختيار اللعبة استقروا على الكوتشينة. "سوليتير، إسبايدر سوليتير، هيرتس"، أسماء للكوتشينة على الكمبيوتر لكل منها قواعدها الخاصة بها، "أنا هكسبكوا كلكوا" ظل أدهم يرددها مع كل دور يلعبه ويفوز عليهم، تمر الساعات ولا ينتهي حماسهم، تجدهم يخرجون من لعبه ليدخلوا في غيرها، حتى يطالبهم الكبار أن يخفضوا أصواتهم. نظر والد أدهم إلي الاطفال وهم يلعبون ثم تحول ببصره إلى أقاربه, بعد ان ألهتهم الحياة جميعاً عن أبسط ملذاتها, وجالت بذاكرته أيام ما قبل البلايستيشن والإكس بوكس والكمبيوتر، أيام الأتاري اللعبة الإلكترونية الوحيدة التي تعمل لساعات محددة في اليوم، لأنها تعني استغناء باقي أفراد الأسرة عن متابعة التلفاز، ومن هنا أصبحت الكوتشينة وسيلة الترفيه عنده. كان في مثل عمر ابنه يلعب مع من هم يجلسون حوله الآن صغارًا كل ما يشغلهم هو أن تأتي الإجازة كل عام، لتذهب العائلة سويًا إلى الإسكندرية، والسهرة مخصصة لهم، يجتمعون فيها حول مائدة ثم يبدأ أحدهم بتفنيط ورق الكوتشينة والتوزيع عليهم، ما زال يذكر الأحكام فيلعب الشايب التي اضطرته مره إلى غناء أغنية "جدو علي" أمام الجميع ليضحك الجميع من طريقته الطريفة في غنائها. "أنت بتخم يا حسين" التي ترددت في أذنه عندما يتم الإيقاع به، وهو يخبئ أوراق الكوتشينة أسفل قدميه فارتسمت ضحكة على وجهه، ينادي على ابنه كي ينضموا إليه هو والبقية ليلعبوا الكوتشينة الورق "أنا هعرفكم يعني أيه كوتشينة بدل لعب العيال ده". يذهب أدهم مسرعًا لجلبها ثم يلتفون حوله في دائرة، يبدأون في توزيع الورق، ويتابعه الجميع من بعيد ومن ثم يجذبهم الحنين إلى الماضي ويدفعهم أحساس لا إرادي إلى اللعبة، يقسمون أنفسهم إلى فريقين كل فريق ضد الآخر، على أن يشجع المتفرجون "اللعبة الحلوة".