ولي العهد السعودي يبحث هاتفيًا مع الرئيس الأمريكي تطورات العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران    «وول ستريت» تواصل خسائرها مع تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران    إصابة 5 فلسطينيين عقب سقوط صاروخ في سعير شمال الخليل    مندوب روسيا في مجلس الأمن: واشنطن سبب انهيار الاتفاق النووي مع إيران    فضيحة عسكرية.. اللواء سمير فرج: إسرائيل نفذت ضربة استباقية على إيران ب350 قنبلة    كرة سلة.. الاتحاد السكندري ينهي مشواره الإفريقي في المركز الرابع    لماذا فشل انتقال ثيو هيرنانديز إلى أتلتيكو مدريد؟    قبل خوان جارسيا.. برشلونة يلجأ للشرط الجزائي للمرة السادسة    نجم الزمالك السابق: في أصعب الظروف حصلنا على السوبر الإفريقي وكأس مصر    بن رمضان: تأخير الانضمام للأهلى "نصيب" وكنت أتمنى اللعب مع معلول هذا الموسم    آثار اندلاع حريق داخل مركز إرسال بطرة في طلخا بالدقهلية (صور)    النيابة توجه تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار لتاجر ذهب بالبحيرة    رانيا منصور ضيفة شرف بفيلم "ريستارت" وتشارك فى "الست لما" مع يسرا    عادل إمام نصحها بالعمل في الفن.. أبرز معلومات عن منة عدلي القيعي بعد زواجها    أحمد كامل البحيري: مصر لازالت الحائل لرؤية الشرق الأوسط الجديد    «لازم كوباية الشاي».. 5 أبراج مدمنة شاي هل أنت منهم؟    الصحة: نجاح جراحة دقيقة ونادرة لطفلة عمرها 3 أيام تعاني من ناسور مريئي    تسلا تعتزم فتح فرعا لها بالمغرب    السكة الحديد: تشغيل قطار روسي فاخر على خط الصعيد كخدمة جديدة    هل تتأثر مصر بأي تسرب نووي قد يحدث في إيران؟    فات الميعاد الحلقة 1.. أسماء أبو اليزيد تحاول إقناع أحمد مجدى بشراء شقة جديدة    توتنهام يستهدف ضم مهاجم برينتفورد    إسرائيل تعلن بدء الهجوم الإيراني وتحذر مواطنيها    وزارة الصحة: نجاح فريق طبى بمستشفى الخانكة في إجراء جراحة نادرة لطفلة رضيعة    غرفة عمليات مركزية بالدقهلية للتعامل مع حريق بمنطقة خالية داخل مركز إرسال بطره    إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والمدارس في مصر رسميًا (الموعد والتفاصيل)    نائب رئيس جامعة القاهرة يتفقد امتحانات الفرقة الأولى بطب قصر العيني (صور)    الأحد.. قصور الثقافة تطلق برنامج مصر جميلة المجاني لاكتشاف المواهب بأسوان    رسالة ماجستير فى كينيا تناقش مفهوم الخطايا عند المسلمين والمسيحيين.. بعض الخطايا لا نتغاضى عن الاعتراف بها.. ويحب على الجميع مواجهتها    تفاصيل مران الأهلي.. وفاة نجم المصري.. كابوس يقلق فيفا.. الزمالك يفاوض نجم الأردن| نشرة الرياضة ½ اليوم    هل زيارة المريض واجبة أم مستحبة؟.. عالم أزهرى يجيب "فيديو"    علامات إذا ظهرت على طفلك يجب الانتباه لها    "حلال فيك" ل تامر حسني تتخطي ال 7 مليون مشاهدة فى أقل من أسبوع    وداع قاسٍ من الربيع.. إنذار جوي بشأن حالة الطقس الأسبوع المقبل ب القاهرة والمحافظات    حجاج القرعة يشيدون بجهود بعثة وزارة الداخلية للعمل على راحتهم    يوفنتوس يجدد عقد مدربه إيجور تيودور حتى 2027    ميناء الإسكندرية يستقبل أولى رحلات "WAN HAI" وسفينة "MAERSK HONG KONG" في إنجاز مزدوج    دموع على الكوشة انتهت بتعهد.. النيابة تُخلي سبيل والدي عروسين الشرقية    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو لهو طفل بمنتصف أحد المحاور بالمقطم    خطيب المسجد النبوي: الرحمة صفة تختص بالله يرحم بها البر والفاجر والمؤمن والكافر    مطار شرم الشيخ يستقبل رحلات محوّلة من الأردن بعد إغلاق مجالات جوية مجاورة    هجوم إسرائيلي يستهدف "مطار مهرآباد" في طهران    100% لثلاثة طلاب.. ننشر أسماء أوائل الإعدادية الأزهرية في أسيوط    إزالة 8 حالات تعدي على الأراضي الزراعية بالشرقية    رحلة تعريفية لوفد من المدونين والمؤثرين الأمريكيين بالمقصد المصري    الطيران المدني: المجال الجوي آمن.. ورفع درجة الاستعداد القصوى    أسعار اللحوم اليوم الجمعة الموافق 13 يونيو 2025    خطباء المساجد بشمال سيناء يدعون للوقوف صفا واحدا خلف القيادة السياسية    إنفوجراف| إسرائيل تدمر «عقول إيران» النووية.. من هم؟    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 137 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    ضبط صاحب مخبز بالمحلة الكبرى استولى على 16 جوال دقيق مدعم وباعها بالسوق السوداء    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    بعثة حج الجمعيات الأهلية تنظم زيارات الروضة الشريفة    قفزة في الاستثمارات العامة بالمنوفية ب2.8 مليار جنيه في موازنة 2024/2025    كأس العالم للأندية - الأهلي يواصل تحضيراته لمواجهة إنتر ميامي    رئيس الوزراء: نتابع الموقف أولا بأول وتنسيق بين البنك المركزي والمالية لزيادة مخزون السلع    الدولار الأمريكي يرتفع متأثرا بالضربة الإسرائيلية على إيران    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذبحة الميدان
نشر في الوطن يوم 13 - 07 - 2015

كل ما له بداية لا بد أن تكون له نهاية، وكلما صعدت ظاهرة معينة كان ذلك نذيراً بانحدارها ولو بعد حين، وقد بدأت تجربة الحشاشين قوية ناهضة فى بدايات تدشينها على يد الحسن الصباح، الرجل الذى استطاع بلورة الفكرة والتنظيم، فصاغ خطاباً سياسياً ودعوياً يتحلق حول فكرة المظلومية التى وقعت على «الإسماعيلية النزارية»، وأسس عليها رؤية لم تزل باقية فى الوجدان المسلم، وتربط بين «المظلومية» و«حمل السلاح» فى وجه الخصوم، وتغطية الأهداف السياسية بشعارات دينية، والاعتماد على «الاغتيال السياسى» كوسيلة للسيطرة، وكأداة للارتزاق فى بعض الأحوال. يقول «برنارد لويس»، فى كتابه «الحشاشون»: «ونجد فى قائمة الشرف التى تحوى اغتيالات الحشاشين التى عُثر عليها بقلعة آلموت حوالى 50 حالة أثناء حكم الحسن الصباح، تبدأ بالوزير نظام الملك، وأكثر من نصف هؤلاء الضحايا ينتمون إلى هذه الفترة». هذا العدد (50 حالة) الذى يتحدث عنه «برنارد» ليس بالعدد الكبير بالطبع، إذا أخذنا فى الاعتبار أن الحسن الصباح عاش (35 عاماً)، ويعنى هذا الرقم أن «الصباح»، خلافاً لدعاة حمل السلاح من بعده، كان يحتاط أشد الاحتياط فى القتل، وأن سلاح الاغتيال فى عصره كان يتوجه بشكل محدد نحو الخصوم السياسيين، أو الشخصيات التى يقبض التنظيم ثمن اغتيالها، سواء كان الثمن مالاً أو تمكيناً لهم داخل أروقة الدولة السلجوقية، ولم تكن الخناجر تتوجه بحال إلى الأهالى العاديين.
وقد استطاع الحشاشون الاقتراب من بلاط الحكم السلجوقى فى عهد السلطان «بركيارق بن ملكشاه»، ساعدهم على ذلك دعمهم له، فى مواجهة منافسيه على السلطة، وقد زرع هذا التحول لدى بعضهم إحساساً بالتمكين، وشعروا أن الجميع يخشاهم، بعد أن أصبحوا يتجولون فى قصر الحكم كما يشاءون، وقد كان القادة والأمراء يخشون الحشاشين بالفعل أشد الخشية خلال هذه الفترة. يصف «ابن الأثير» حالة التمدد والتمكن التى حظى بها الحشاشون حينذاك قائلاً: «فلما ظفر السلطان بركيارق، وهزم أخاه السلطان محمداً، وقُتل مؤيد الملك وزيره، انبسط جماعة منهم -أى الحشاشين- فى العسكر، واستغووا كثيراً منهم، وأدخلوهم فى مذهبهم، وكادوا يظهرون بالكثرة والقوة، وحصل بالعسكر منهم طائفة من وجوههم، وزاد أمرهم، فصاروا يتهددون من لا يوافقهم بالقتل، فصار يخافهم من يخالفهم، حتى إنهم لم يتجاسر أحد منهم، لا أمير ولا متقدم، على الخروج من منزله حاسراً، بل يلبس تحت ثيابه درعاً، حتى إن الوزير الأعز أبا المحاسن كان يلبس زردية (درعاً) تحت ثيابه، واستأذن السلطان بركيارق خواصُه فى الدخول عليه بسلاحهم، وعرفوه خوفهم ممن يقاتلهم، فأذن لهم فى ذلك». لقد بلغ الخوف من الحشاشين مبلغه لدى الكبار، وهذا ما تستوعب أغلب جماعات السيف خطورته، حين تشعر أن الزمان أعطاها وجهه، فتجدها تفتقر إلى الحكمة فى تهذيب طموحاتها فى السيطرة والاستحواذ، فتكون عاقبتها خسارة كل شىء، والتعرض لمذابح ومجازر على يد سلطة الدولة التى يسهل عليها فى كل زمان ومكان الاستبداد بأى جماعة أياً كانت درجة قوتها.
نشطت حاشية السلطان «بركيارق» فى تحذيره من حالة التمدد التى حظى بها الحشاشون داخل بلاط حكمه، وأقنعوه بحقهم فى حمل السلاح، دفاعاً عن أنفسهم ضد محاولات الاغتيال التى يقومون بها. ويشير «ابن الأثير» إلى أنهم أشاروا عليه أن يفتك بهم، قبل أن يعجز عن تلافى أمرهم، وأعلموه ما يتهمه به الناس من الميل إلى مذهبهم، حتى إن عسكر أخيه السلطان محمد يشنعون بذلك، ويقولون يا باطنية، فاجتمعت هذه البواعث كلها، فأذن السلطان فى قتلهم، والفتك بهم، وركب هو والعسكر معه، وطلبوهم، وأخذوا جماعة من خيامهم، ولم يفلت منهم إلا من لم يعرف، وأُخرج الجماعة المتهمون إلى الميدان فقُتلوا، وقُتل منهم جماعة براء لم يكونوا منهم، سعى بهم أعداؤهم. العبارات التى استخدمها «ابن الأثير» تدلل على أن مذبحة الميدان كانت مروعة، وأنه لم يفلت منها أحد من الحشاشين، بل ويقول المؤرخ العربى الشهير إن جماعة من الأبرياء لقوا حتفهم فى هذه المذبحة، وما أكثر ما يقع ذلك حين تنشب السلطة مخالبها فى وجه جماعة كانت تتسكع فى أروقتها بالأمس، إنها تتعامل فى هذه الحالة بدرجة واضحة من القسوة، وكأنها تعاقب على تاريخ كامل وليس على واقعة بذاتها أو فترة زمنية بعينها، لذلك تجد أن من الوارد جداً أن تسقط دماء بريئة فى خضم العقاب، وذلك ما تعرض له البعض فى مذبحة الميدان التى تمت فى حق جماعة الحشاشين.
تعرضت الجماعة بعد هذه المذبحة لنكسة كبيرة، ولم يعد لديها القدرة على العمل، بما فى ذلك مجموعات «الفداوية»، وظل الحال على ذلك فترة من الوقت، حتى استعادت نشاطها وقدرتها، وبدأت الدولة السلجوقية تخوض معها صراعاً طويل الأمد، وتراوح حال حملة السيف من الحشاشين ما بين الانتصار حيناً، والانكسار فى أحيان، وكانت بداية النهاية بوفاة المؤسس الأول للجماعة «الحسن الصباح» بعد أن مرض مرضاً شديداً، فأخذ منحنى القوة لدى الحشاشين يهبط إلى أسفل، نعم كان يعلو أحياناً، ولكن ليس كثيراً، حتى وضع التتار نهاية هذا التنظيم عندما اجتاحوا قلاعه، وأنهوا وجوده التنظيمى داخل بلاد فارس، وجعلوه مجرد صفحة من صفحات تاريخ الاغتيال السياسى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.