من القواعد الثابتة والمتعارف عليها فى النظم الجنائية إقليمية قانون العقوبات، وهى قاعدة فى أغلب النظم القانونية العقابية ومنها النظام الجنائى المصرى، أى إن الدولة تعاقب كل من يرتكب جرائم على أرضها سواء كان مصرى الجنسية أو أجنبياً ما دام قد ارتكب فعلاً مجرماً فى قانون العقوبات، ويمتد قانون العقوبات لأفعال تمت فى الخارج أيضاً سواء كان مصرياً أو أجنبياً فى جرائم تزييف العملة وجرائم الجاسوسية، وتتم إضافة الجرائم الإرهابية بموجب قانون مكافحة الإرهاب الذى يتم إعداده الآن. العائق الأساسى أمام تطبيق القانون على المتهمين الغائبين أو الهاربين للخارج هو قواعد تسليم المجرمين فأغلب الحالات التى صدرت فيها أحكام عقابية وتمكنوا من الهرب للخارج لم تتمكن الدولة من تسلمهم إلا حالات معدودة وتعلقت فقط بالانتماء إلى تنظيم القاعدة مثل محمد الظواهرى وعدد من الأشخاص الذين حكم عليهم فى قضايا تتعلق بارتكاب جرائم إرهابية مثل قضايا «العائدين من أفغانستان» و«العائدين من ألبانيا» و«طلائع الفتح» وغيرها وأغلب هذه الحالات كانت ضمن النشرة الحمراء للإنتربول وتم التعاون الدولى بين عدد من الدول على التسليم للمجرمين حتى لو لم يكن بين الدول اتفاقيات تسليم مجرمين وكان من ضمن الدول التى قامت بتسليم مجرمين السويد. الآن الوضع أصبح أكثر صعوبة لأن الدول الأوروبية لديها عدد من القواعد التى تمنع التسليم أولها عدم التسليم للدول التى توقع عقوبة إعدام، ثانياً لا يجوز تسليم متهمين فى قضايا سياسية، أى من يتم اعتبارهم معارضين سياسيين، ثالثاً لا يجوز تسليم أشخاص تمت محاكمتهم أمام محاكم استثنائية.. وفى قضية أحمد منصور، عندما تم توقيفه فى ألمانيا ثم إطلاق سراحه وعدم تسليمه فقد صرح وزير خارجية ألمانيا بأنه لا يمكن تسليم أحمد منصور لمصر لأنها تطبق عقوبة الإعدام. الحقيقة التى يجب أن نعلمها جيداً أن استمرار تطبيق عقوبة الإعدام سيظل العائق الأساسى فى تسلّم المتهمين أو المحكوم عليهم غيابياً أمام المحاكم الجنائية المصرية، لا سيما أن الأحكام التى صدرت مؤخراً بأعداد كبيرة تثير القلق لدى الكثير من الدول، وهذا يعنى أنه لن يتم تسليم المحكوم عليهم بأحكام الإعدام لكن أيضاً المحكوم عليهم بأحكام السجن أيضاً لأنه وفقاً للقانون إذا تم تسليمه ستعاد محاكمته من جديد وبالتالى تظل احتمالية تطبيق عقوبة الإعدام عليه قائمة. تطبيق القانون وإنفاذه من أهم دعائم دولة سيادة القانون، لذلك من المهم أن الأحكام القضائية تنفذ لضمان الالتزام باحترام القانون وتحقيق العدالة فالكل أمام القانون سواء. أعتقد أنه من المهم إعادة الأنظار فى عقوبة الإعدام وأن نعمل بشكل متدرج على تقليل الأحكام الصادرة بالإعدام من خلال تعديل الكثير من المواد فى قانون العقوبات والقوانين العقابية الخاصة التى تعاقب بالإعدام، والاكتفاء فقط بأشد الجرائم خطورة والتى تؤدى للقتل وإزهاق الأرواح، فعقوبة السجن مدى الحياة يمكن أن تكون بديلاً وتحقق الزجر والردع لكل من يعتدى على حقوق الآخرين أو حياتهم أو ممتلكاتهم، ويمكن دراسة التجارب الدولية التى عدلت قانون العقوبات لديها لا سيما فرنسا وبلجيكا وإيطاليا وهى تشكل المرجعية الأساسية التى استقى منها قانون العقوبات المصرى. إن الإفلات من العقاب يهدد دولة سيادة القانون وكل من ارتكب جرائم يجب أن يدفع الثمن، سواء كان داخل مصر أو خارجها ويجب أن نعمل على تعزيز التعاون الدولى والتعاون القضائى لضمان تسليم المحكوم عليهم أو المتهمين فلا يجب أن يفلت من العقاب كل من ارتكب أو شارك فى جرائم التخطيط أو التمويل أو التسليح لجرائم إرهابية تهدد حياة الأبرياء.