اجتمعت مجموعة من المنظمات الحقوقية لتعلن تدشين التحالف المصرى لحقوق الإنسان والتنمية، وأعلن المؤسسون أن الهدف من هذا التحالف هو إعادة الاعتبار إلى العمل الحقوقى بعدما -حسب قولهم- فقدت بعض المنظمات المصداقية نتيجة الانطلاق من مواقف حزبية، أو دون توثيق للمعلومات، أو دون اعتماد الوسائل المهنية، بل واعتمادها التمييز بين الضحايا، فمن يُقتل من ضباط أو جنود لا يُعد من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، عكس الضحية من التيارات المعارضة، وضرب مثلاً على ذلك الموقف بأحمد موسى، الإعلامى المحسوب على الحكومة الذى تعرض للحبس بحكم قضائى فى قضايا سب وقذف، بينما تقيم المنظمات الدنيا على إعلامى أو صحفى معارض قُبض عليه أو صدر حكم بحبسه. ولم يكتفِ ممثلو التحالف بإدانة المنظمات التى تعمل برؤية حزبية وأيديولوجية، وإصدارها تقارير تفتقد المهنية، بل تضمنها بيانات كاذبة أحياناً، بل تحدثوا أيضاً عن بعض المنظمات الدولية التى تعتمد على عمل هذه المنظمات المسيسة. ورغم أهمية ما أشار إليه التحالف من حرص على المهنية والمصداقية للمنظمات، وخوف على سمعتها لدى الرأى العام، فإنه ليس هكذا تورد الإبل كما يقال، وكان يجب أن يبدأ هذا من خلال حوار بين المنظمات الحقوقية، وتأكيد أهمية الفصل ما بين المواقف السياسية لبعض النشطاء وبين العمل الحقوقى الذى يقوم على المعايير الحقوقية ووفقاً لقيم ومبادئ متفق عليها ولا تقبل التمييز، كما أنه لا يجب الخلط بين معارضة النظام السياسى، وهى حق لكل مواطن ينتمى إلى هذا الوطن، وبين النضال من أجل حماية حقوق الإنسان. وأذكر أن هذا الحوار كان جزءاً من المناقشات داخل المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وهى من أقدم المنظمات الحقوقية المصرية، التى تعتمد على أعضاء بالآلاف منتشرين فى ربوع مصر، ويتم تداول السلطة فيها عبر انتخابات دورية، فالرئيس الحالى هو رقم 6 والأمين العام رقم 7 وتداول عضوية مجلس الأمناء عشرات من الأعضاء عبر الانتخابات التى تعقدها الجمعية العمومية كل ثلاث سنوات، وكانت المنظمة حريصة على وضع حدود بين العمل السياسى والحزبى وبين حقوق الإنسان، لدرجة أنه وضعت قاعدة عدم تولى منصب الرئيس أو الأمين العام من يتولى منصباً حزبياً، كما تمسكت المنظمة بالمهنية الشديدة حتى فى استخدام المصطلحات والعبارات والبعد عن الأحكام العامة السياسية أو الألفاظ التى تعطى انطباعاً بالمعارضة السياسية، وبوضوح شديد ودون زعل الكثير من المنظمات الحالية تعمل برؤية أيديولوجية وليست حقوقية حتى مصطلحاتها وألفاظها تعبر عن تيار سياسى بعينه وأيديولوجية بعينها. أكثر الأخطار التى تهدد حقوق الإنسان هى المعايير المزدوجة، سواء على المستوى الدولى أو حتى محلياً، لذلك، ورغم اتفاقى مع كثير مما طرحه التحالف اليوم فى مؤتمرهم الصحفى، فإننى أرى أنه كان لازماً أن نجرى حواراً ونقاشاً داخلياً بين منظمات حقوق الإنسان لتوحيد الصف ولتوفيق الرؤى والمواقف وإعادة الاعتبار إلى مبادئ حقوق الإنسان ومهنية ومصداقية المنظمات. المبادرة مهمة لحماية قيم ومبادئ حقوق الإنسان وهى بمثابة المحاولة المهمة للتنبيه إلى الخطورة التى يمكن أن تتعرّض لها حركة حقوق الإنسان إزاء هذا الانقسام، فهذا التحالف معروف أن كل مؤسسيه منظمات محترمة، لديها موقف واضح من قضايا حقوق الإنسان، ودفاع واضح ينحاز إلى الضحايا بصرف النظر عن انتمائهم الدينى أو السياسى أو الفئوى، فحقوق الإنسان شاملة لا تقبل التجزئة، وكذلك حرية الأفراد وحرية الوطن واستقلاله.