سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خلاف على "قيراطين أرض" يقتل 5 ب"سعادة الشرقية" أمين شرطة حاول الاستيلاء على «الأرض» بعقود مزورة.. فقتل 3 وأصاب 6 بأعيرة نارية.. واستشهاد ضابط ومقتل المتهم أثناء ضبطه
شيّع المئات من أهالى قرية جزيرة السعادة التابعة لمركز الزقازيق، أمس، جثمانى لاعب كرة قدم بنادى المقاولون العرب، وأمين شرطة يعمل بقطاع الأمن الوطنى، فيما شيّع أهالى منيا القمح جثمان شخص ثالث، كانوا لقوا مصرعهم على يد أمين شرطة آخر وأشقائه بقرية جزيرة السعادة، بسبب الخلاف على «قيراطين أرض»، كما استشهد الرائد محمد عمر الألفى، الضابط بقطاع الأمن الوطنى بالشرقية، إثر إصابته بأعيرة نارية على يد أمين الشرطة المتهم أثناء عملية ضبطه قبل تصفيته. انتقلت «الوطن» إلى قرية جزيرة السعادة، التى تحولت بين عشية وضحاها إلى قرية «الأحزان»، بعد أن عاشت ليلة بائسة بدأت بإطلاق أمين شرطة وأشقائه الأعيرة النارية على عدد من الأهالى، أثناء جلسة صلح بينهم وبين عائلة أخرى، مما أسفر عن وقوع وفيات ومصابين. مدخل القرية الرئيسى أصبح شاهداً على تحولها إلى ثكنة عسكرية، فعلى جانبى مدخل القرية، وبالقرب من منازل المجنى عليهم تتمركز سيارات الشرطة والأمن المركزى، ويتناوب عدد من الضباط قيادة تلك التشكيلات، تحسباً لاندلاع مشاجرات جديدة. تحولت منازل المجنى عليهما بالقرية إلى مكان حزين، وكساها السواد، وتوافد الأهالى لتقديم واجب العزاء لعائلتهما، واصطفوا رجالاً ونساء أمام المنزلين. جلست الحاجة عفاف على عبدالستار والدة المجنى عليه «خالد عبدالسلام بهدر»، لاعب كرة قدم بفريق المقاولون العرب، وسط السيدات المتشحات بالسواد تردد عبارات «حسبى الله ونعم الوكيل، ربنا ينتقم منهم»، «ذنبه إيه ابنى عشان يتقتل، الدنيا مش مستاهلة يا ناس، ياريته ماكانش قتله وكان أخد كل الأرض»، بتلك الكلمات بدأت الأم الثكلى حديثها معنا، وتابعت: «(خالد) كان نور عينى، طول عمره حنين عليا وعلى إخواته الأولاد». وتضيف: «لدى 5 أبناء غير (خالد)، (أحمد) مهندس كهربائى يعمل بالمملكة العربية السعودية، و(محمد) طالب بكلية التجارة، بخلاف 3 فتيات»، وأردفت والدموع تنهمر من عينيها: «(خالد) هو اللى كان بيراعينا وبيشوف مصالحنا، خاصة بعد أن توفى والده منذ شهرين، إحنا كنا مقيمين فى قرية جزيرة السعادة، وبعدين بنينا بيت فى الزقازيق وأقمنا بمدينة الزقازيق، وكل همنا هو تربيه عيالنا، وإحنا ناس فى حالنا وبنبعد عن أى شر». وأردفت: «الخلاف مع المتهم وأهله بدأ منذ عدة أشهر، حيث قاموا بشراء قطعة أرض 4 قراريط من زوجى قبل وفاته والأرض دى من ضمن 22 قيراط أخرى، وفوجئنا بعد وفاة زوجى أن المتهم وأهله بيقولوا إنهم اشتروا 6 قراريط يعنى كانوا عاوزين يستولوا على قيراطين كمان، بدون وجه حق، وبعد عدة مشادات بدأ الأهالى يدخلوا لحل النزاع»، مضيفة أنه «عندما ذهب نجلى ومعه بعض أفراد الأسرة لمعاتبتهم ومطالبتهم بالتراجع عن الاستيلاء على الأرض، أشهر فى وجههم السلاح وأطلق أعيرة نارية، فيما تمكنوا من الإمساك به والحصول على السلاح وتسليمه إلى الشرطة، وتم تحرير محاضر بمركز شرطة الزقازيق، وعقب ذلك فوجئنا بأنه تسلم سلاحه مرة أخرى». وأردفت الأم: «تم الاتفاق على عقد جلسة صلح لتسوية النزاع نهائياً، وعلمت من الأهالى أن المتهم أمين الشرطة أطلق أعيرة نارية وابنى مات هو و2 كمان، فيما أصيب 6 غيرهم من الأهالى»، أجهشت الأم فى البكاء ومضت قائلة: «أنا عاوزة حق ابنى، ولو فيه عدل، الحكومة تطردهم من الأرض اللى استولوا عليها بالقوة، دول مايعرفوش رحمة ولا دين ولا شفقة». فيما جلست «سارة محمد»، زوجة المجنى عليه، طريحة الفراش، يلتف حولها بعض السيدات لمواساتها، وأصيبت بصدمة وانهيار تام، واكتفت باحتضان طفلتهما تفكر فى حملها الثقيل بعد أن أصبحت «الأب والأم» لطفله تبلغ 3 سنوات وجنين آخر تحمله بداخلها، واكتفت بترديد «منهم لله، حرموه يربى بنته ويشوف ابنه اللى لسه هيجى». وأضافت «أنه كان يستعد للانتقال إلى النادى الأهلى بعد شفائه من إصابته، أثناء إحدى مباريات كرة القدم، ولكن لم يمهله القدر». وفى السياق ذاته، خيّم الحزن على منزل المجنى عليه أمين الشرطة «سليمان عيد شجيع»، 33 عاماً، من قوة مباحث كهرباء الشرقية، وبدلاً من استعداد أهله للاحتفال بحصوله على بكالوريوس كلية الحقوق، لترقيته فى عمله، شيعوه إلى مثواه الأخير بمقابر القرية، بعد أن لقى مصرعه على يد المتهم، الذى تربطه به صلة نسب وقرابة. وقال محمد سليمان شجيع، محامٍ، شقيق «المجنى عليه»، منذ عدة أيام تم الاتفاق على عقد جلسة صلح «وتحدّد لها أمس الأول» بين الطرفين المتنازعين على مساحة قيراطى أرض، وهما عائلتا «بهدر، وسليمان نصرالله»، حيث استولى الأخير وعائلته على الأرض، وانتهت جلسة الصلح التى استمرت لمدة ساعة بحضور عدد من الأهالى، على الاتفاق بأن يقوم المتهم وعائلته بحلف يمين الله بأنهم قاموا بشراء الأرض فعلاً ودفعوا ثمنها لوالد الورثة، ويتم تسليمهم الأرض طواعية عقب ذلك. وتابع: فوجئ الحضور بقيام المتهم «سليمان نصرالله عبدالله»، أمين شرطة بقطاع الأمن الوطنى، بإشهار سلاحه، وإطلاق أعيرة نارية على الحضور، وذلك عقب علمه بقيام الورثة ببيع 16 قيراطاً من الأرض لصالح أحد الأهالى، حيث ردد قائلاً: «طب أنا هاخد الأرض كلها، ومحدش هيقدر يمنعنى، وأطلق الأعيرة النارية على الحضور». وأضاف «سدد أول الطلقات إلى المجنى عليه (خالد عبدالسلام بهدر)، نجل صاحب الأرض، فاستقرت بجسده، ثم أصاب المجنى عليهما الآخرين، وهما (سليمان عيد وسمير عبدالدايم، أحد المحكمين)، فيما قام شقيق المتهم الأكبر بذبح المجنى عليه (خالد)، وسادت حالة من الهلع والفزع بين الحاضرين فى الجلسة، وهرولوا بعيداً عن الواقعة». وتابع: «أثناء ذلك حضر أحد أقارب المتهمين بعد أن ترك ساحة تلقى العزاء فى والدته التى توفيت منذ عدة أيام، موجهاً لهم اللوم، قائلاً: (انتم عملتم إيه)، فقام أمين الشرطة (سليمان نصرالله) بإطلاق الأعيرة النارية تجاهه، قائلاً: (ياللا موت انت كمان). وأسفر ذلك عن إصابته بطلق نارى بالبطن، وتم نقله إلى مستشفى الأحرار»، مشيراً إلى أنه تم نقل جميع المصابين والمتوفين أيضاً. فيما أصيبت والدة المجنى عليه «سليمان عيد» بحالة من الانهيار والإغماءات المتتالية، وسارعت السيدات إلى إفاقتها، واكتفت بترديد عبارات «حسبى الله ونعم الوكيل، ربنا ينتقم من اللى يتموا عياله»، مشيرة إلى أن لديه 3 أبناء «حاتم»، 6 سنوات، «إيناء»، 4 سنوات، و«روميساء»، عامان. وتابعت «كان سندنا وظهرنا وكنا هنفرح بتخرجه من كلية الحقوق عشان يترقى ويبقى ظابط، بس منهم لله قتلوه وقتلوا حلمه»، وأجهشت فى البكاء. وقال شقيق المصاب «عيد سالم»: «إحنا أقارب المتهمين بس من بعيد، وهما قبل ما يروحوا جلسة الصلح اتصلوا علينا عشان نروح نتخانق معاهم لو حصل خناقة، فرفضنا، لأننا مش هننصر الظالم على المظلوم، وأثناء تلقى العزاء فى والدة المصاب، سمعنا صوت طلقات الرصاص، وبعدها أصوات الصراخ والعويل، فتوجه المصاب، لمعرفة ما حدث، فهاجمه المتهم (سليمان نصرالله) وضربه بالنار، مما أدى إلى إصابته، وتم نقله إلى مستشفى الأحرار». أمين الشرطة القاتل هرب من القرية بعد تنفيذ جريمته إلى إحدى قرى أبوحماد، فتم تشكيل مأمورية لضبط المتهم أثناء اختبائه، وفور مشاهدته القوات أطلق أعيرة نارية بكثافة، مما أدى إلى استشهاد الرائد محمد عمر الألفى، الضابط بقطاع الأمن الوطنى بالشرقية، وبعد تبادل إطلاق النيران مع المتهم، أصيب بطلقات نارية أودت بحياته فى الحال. تم نقل الجثث والمصابين إلى مستشفى الأحرار بالزقازيق، وانتقل فريق من النيابة العامة بإشراف المستشار أحمد دعبس المحامى العام لنيابات جنوبالشرقية، وصرحت بدفن الجثث بعد مناظرتها، وطلبت تحريات المباحث حول الواقعة وسرعة ضبط المتهمين. وفى الساعات الأولى من صباح أمس، شيّع أهالى القرية جثمانى لاعب نادى المقاولين وأمين الشرطة، وشيّع أهالى منيا القمح جثمان القتيل الثالث، فيما أشعل عدد من أطفال القرية النيران فى «توك توك» ملك أحد المتهمين، بعد إلقائهم زجاجات مولوتوف عليه وأضرموا النيران فيه، مما أدى إلى تفحمه، فيما أكد أهالى القرية أن أسرة أمين الشرطة وأفراد عائلته غادرت القرية بعد الأحداث، وتحفظ رجال الأمن على منزلهم. وأكد أهالى القرية، أن المتهمين اتخذوا من وظائفهم وسيلة للبلطجة وفرض سيطرتهم على الأهالى، مشيرين إلى أنهم أشقاء وهم كل من «أمين الشرطة (سليمان نصرالله)، من قوة قطاع الأمن الوطنى، و(السيد) سكرتير جلسة، و(محمد) ويعمل فى البحث الجنائى، و(سعد) خفير بقرية الشوبك بسطا، بالزقازيق، بالإضافة إلى شقيقين آخرين هما (كامل)، و(فادى) سائق توك توك»، مضيفين أنهم يفتعلون العديد من المشاجرات، ثم يستندون إلى وظائفهم، لتعطيل أى محاضر أو أى إجراءات ضدهم. وطالبوا الجهات الأمنية باتخاذ إجراءات رادعة ضد المتهمين، حتى لا يكرروا، هم أو غيرهم، أفعالهم الإجرامية مرة أخرى. من جانبه دعا الشيخ حسن أحمد، إمام وخطيب مسجد الفاروق عمر بالقرية، أهالى القرية إلى تحكيم العقل، واصفاً ما حدث فى القرية ب«عين الحسود». وكان اللواء مليجى فتوح مليجى، مدير أمن الشرقية، تلقى إخطاراً من العميد عاطف الشاعر رئيس مباحث المديرية، يفيد بوقوع مشاجرة بين عائلتين بقرية السعادة مركز الزقازيق، بسبب الخلاف على قطعة أرض، أسفرت عن وقوع وفيات وضحايا، وانتقلت الأجهزة الأمنية للسيطرة على الموقف.