للشهر العاشر على التوالى يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلى عدوانه الغاشم على قطاع غزة، ضمن حرب إبادة شاملة بحق أبناء الشعب الفلسطينى، لم تُخلف وراءها سوى الخراب والدمار والمقابر الجماعية المكدسة بجثث الشهداء، مع استمرار الحصار وارتكاب المجازر اليومية، وتدمير البنية التحتية كاملة، ووفق البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية فى قطاع غزة، أسفر العدوان الإسرائيلى الغاشم عن مقتل وإصابة نحو 2% من إجمالى السكان فى قطاع غزة، البالغ عددهم نحو مليونى فلسطينى. وكشفت أحدث بيانات وزارة الصحة عن ارتفاع حصيلة ضحايا حرب الإبادة الجماعية المستمرة فى قطاع غزة منذ 300 يوم، إلى ما يقرب من 40 ألف شهيد، معظمهم من النساء والأطفال، ونحو 91 ألف جريح، فيما لا يزال آلاف من الشهداء لم يمكن انتشالهم من تحت الأنقاض ومن الطرقات، وذلك لعدم استطاعة طواقم الإسعاف والدفاع المدنى الوصول إليهم بسبب القصف المتواصل، وخطورة الأوضاع الميدانية، بالإضافة إلى عشرات الآلاف فى عداد المفقودين، حيث تشير تقديرات غير نهائية إلى أن هناك أكثر من 20 ألف طفل مفقود فى غزة، إلى جانب نحو 17 ألفاً آخرين انضموا إلى قوائم الأيتام، فيما يشدد الاحتلال حصاره على قطاع غزة ويمنع وصول المساعدات، مع استمرار إغلاق الجانب الفلسطينى من معبر رفح، مما يعوق إدخال شاحنات المساعدات الطبية والغذائية، رغم تدهور الأوضاع الإنسانية فى القطاع الفلسطينى. وقالت نبال فرسخ، المتحدثة باسم جمعية الهلال الأحمر الفلسطينى، إن 96% من الفلسطينيين فى غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائى، وأضافت أن أكثر من خُمس السكان فى القطاع يواجهون مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائى، وأن 90% من الأطفال فى قطاع غزة يعانون من فقر غذائى حاد، مؤكدة أن «الوضع الإنسانى فى غزة يزداد تدهوراً»، ونشرت صحيفة «الجارديان» تقريراً حول الأضرار التى تسبب فيها العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، كشف عن وجود ما يقرب من 40 مليون طن من الركام، وأن القصف الإسرائيلى أدى إلى إهدار جهود 44 عاماً من التنمية فى قطاع غزة، وأشار التقرير إلى أن قطاع غزة يحتاج إلى 20 عاماً، يعمل فيها أسطول يضم 100 شاحنة يومياً، لإزالة الركام. وأوضح تقرير الصحيفة البريطانية أن تكلفة إزالة الركام تصل إلى 600 مليون دولار، و40 مليار دولار تكلفة إعادة الإعمار، علماً بأن أعمال الإعمار لن تنتهى قبل 2040، خاصةً أنه لا يوجد مبنى واحد فى خان يونس، جنوب قطاع غزة، لم يتضرر نتيجة القصف الإسرائيلى، وأكثر من نصف المبانى فى مختلف أنحاء القطاع قد تضررت كلياً أو جزئياً نتيجة القصف، وتراجعت جودة خدمات التعليم والصحة إلى ثمانينات القرن الماضى. ومنذ بداية العدوان الإسرائيلى على غزة، حتى شهر يونيو الماضى، دمرت غارات الاحتلال الإسرائيلى نحو 67% من البنية التحتية فى القطاع، حيث تم قصف وهدم المنازل والمساجد والكنائس والمدارس والجامعات والمستشفيات، وتم تدمير جميع آبار المياه ومضخات الصرف الصحى بشكل كامل، نتيجة نفاد الوقود وعمليات القصف المستمرة، ما تسبب فى غرق مناطق واسعة من غزة بمياه الصرف الصحى، بالإضافة إلى أن جميع مناطق القطاع بلا مياه بعد توقف 90% من الآبار، ووفق ما أوردت قناة «القاهرة الإخبارية» فى تقرير لها، فقد عمد جيش الاحتلال الإسرائيلى إلى تدمير ما يزيد على 80% من مقدرات الدفاع المدنى فى قطاع غزة، وأكد المركز الفلسطينى للإعلام أن الجامعات الفلسطينية فى قطاع غزة، البالغ عددها 12 جامعة، تعرضت لأضرار جسيمة، أو تدمير كامل، جراء الغارات الجوية والقصف المدفعى، وتحويل عدد آخر من الجامعات إلى ثكنات عسكرية محتلة، كما حدث فى جامعة «الإسراء»، بالإضافة إلى استشهاد ما لا يقل عن 3 رؤساء جامعات، وأكثر من 95 أستاذاً جامعياً، منذ بداية الحرب على قطاع غزة. وبحسب تقديرات للأمم المتحدة فقد أدت أوامر التهجير الصادرة من سلطات الاحتلال الإسرائيلى والتدمير الواسع للبنية التحتية إلى ارتفاع العدد الإجمالى للنازحين فى غزة من 1.7 مليون نازح فى شهر مايو، إلى ما يقدر بنحو 1.9 مليون نازح خلال الشهر الماضى، ونقلت «القاهرة الإخبارية» عن الدفاع المدنى الفلسطينى نزوح عشرات الآلاف من الفلسطينيين بقوة السلاح الإسرائيلى، ولجوءهم إلى مناطق مجهولة يصعب العيش فيها، ففى بداية حرب الإبادة على قطاع غزة، فى السابع من أكتوبر 2023، أصدرت وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» تقريراً أكدت فيه أن ما يقرب من 175 ألف شخص لجأوا للاحتماء فى 88 مدرسة تابعة للوكالة فى أنحاء قطاع غزة، وبعد 43 يوماً من العدوان، وبعد أن أصبحت المدارس ملاجئ مكتظة بالمدنيين شن طيران الاحتلال عدة هجمات استهدفت 3 مدارس على الأقل، راح ضحيتها أكثر من 12 ألف شهيد، و30 ألف مصاب. وفى مطلع العام الجارى، أكدت «أونروا» أن 44% من المدارس فى قطاع غزة أصيبت أو تضررت بشكل كامل، وأن الوكالة فى حاجة لإدخال المزيد من المساعدات لتلبية الاحتياجات الإنسانية، وفى شهر يوليو الجارى أكد المفوض العام لوكالة «الأونروا» أن ثلثى المدارس تعرضت للقصف أو تضررت بشكل كامل، وذلك بعد تنفيذ جيش الاحتلال مجزرة جديدة، بعد قصف مجمع مدرسة «السيدة خديجة» ب3 صواريخ على الأقل، وكانت المدرسة الواقعة فى مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، تؤوى آلاف النازحين، وتتضمن نقطة طبية ميدانية ومصلى تابعاً ل«الأونروا». وفيما يخص القطاع الطبى، أكدت منظمة الصحة العالمية، فى تقرير لها خلال شهر يوليو الجارى، أن ما لا يقل عن 430 هجمة متعمدة من جيش الاحتلال استهدفت قطاع الرعاية الصحية فى غزة، ما أدى إلى تضرر 30 مستشفى، و104 سيارات إسعاف، وتعرض المولدات الكهربائية للتدمير المباشر من قبل جيش الاحتلال، وأصدر المستشفى الوحيد الذى لا يزال يعمل فى غزة، وهو مستشفى «ناصر»، نداءً عاجلاً للحصول على الوقود اللازم لمواصلة تشغيل أجهزة العناية المركزة، بعد خروج معظم الأجنحة الطبية عن الخدمة. ووفقاً لوكالة الأنباء الفلسطينية «وفا»، فقد تعرض ما يقرب من 10 آلاف مريض بالسرطان للحرمان من الحصول على الأدوية والعلاج منذ بداية العام الجارى، وأن مستشفى «الصداقة التركى الفلسطينى» هو الوحيد فى غزة المتخصص فى علاج السرطان، توقف عن العمل منذ 1 نوفمبر 2023، بعد نفاد الوقود، وتعرضه لأضرار جسيمة بسبب الغارات الجوية، فى حين أن المستشفيات ال14 التى لا تزال قادرة على العمل بشكل جزئى، تعمل حالياً بأكثر من 200% من طاقتها الاستيعابية، بالإضافة إلى أن الآلاف من المصابين فى حالة خطيرة يتعرضون للموت، بسبب الافتقار إلى الرعاية الصحية الكافية. ويستخدم جيش الاحتلال أيضاً المدافع البحرية عيار 76 مللم، ويتم تركيبها على طرادات من طراز «سار6»، التى أنتجتها ألمانيا لصالح الجيش الإسرائيلى، وتمتاز بقدرات إطلاق كثيفة ودقيقة، بجانب قذيفة «هاون»، المعروفة ب«اللدغة الفولاذية»، ولديها قطر يصل إلى 120 مللم، موجهة بالليزر، ومزودة بنظام تحديد المواقع «جى بى إس»، على عكس قذائق الهاون التقليدية، إضافة إلى رشاشات «النقب7»، وهى رشاشات من عيار 7.62 مللم، تستطيع ذخائرها اختراق الجدران السميكة، وإصابة أى هدف داخل المبانى المحطمة، وكذا القنبلة «إم كيه 84»، وتعرف أيضاً باسم «مارك 84»، وسميت ب«المطرقة» بسبب الضرر الشديد الذى تلحقه إثر انفجارها، وتزن القنبلة حوالى ألفى رطل، أى نحو 900 كيلوجرام، وهى قنبلة موجهة لها رأس حربى متفجر، ويرجح أنها القنبلة التى ألقتها الطائرات الإسرائيلية على المدنيين فى مجزرتى مستشفى المعمدانى ومخيم جباليا. كما يستخدم جيش الاحتلال القنبلة «جى بى يو 39»، وهى قنبلة موجهة ودقيقة أمريكية الصنع من نوع «جو - أرض»، تم تطويرها أواخر تسعينات القرن الماضى، صنعتها شركة «بوينج» وأدخلتها الخدمة الفعلية أوائل القرن ال21، وكذا طائرات «إف 35» أمريكية الصنع، وهى الأكثر تقدماً على الإطلاق فى سلسلة طائرات «إف»، وطلبت إسرائيل منها 75 طائرة، تسلمت بالفعل 30 طائرة، حتى شهر أبريل 2024، ومن المقرر أن يتم تسليم باقى الطائرات القتالية المتطورة خلال الفترة المقبلة.