مع اقتراب الانتخابات التشريعية في تركيا، الأحد المقبل، أعرب رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، عن قناعته بأن حزبه سيحقق فوزًا كبيرًا رغم الانتقادات والصعوبات، مؤكدًا أن "الفشل غير مطروح". وقال داود أوغلو، في مقابلة أجرتها معه وكالة "فرانس برس" في قيصري (وسط) قبل أيام من الانتخابات التشريعية، بين محطتين من حملة انتخابية ماراثونية، "فرضية هزيمة لحزب العدالة والتنمية أمر غير مطروح". وتابع "لا يمكن لأي حزب آخر منافستنا على المرتبة الأولى، الواقع أنه ليس لدينا منافس حقيقي". وبعدما حكم البلاد 13 عاما، يعتبر هذا الحزب الإسلامي المحافظ الأوفر حظا للفوز في انتخابات 7 يونيو، بفارق كبير عن خصومه، غير أنه لاول مرة منذ 2002 يتقدم في موقع أضعف من قبل أمام الناخبين، نتيجة تراجع الاقتصاد والانتقادات المتواصلة، التي تأخذ عليه نزعته إلى التسلط، فضلًا عن تراجع صورته بسبب استمراره في السلطة. غير أن داود أوغلو، ينفي كل هذه الصعوبات، مؤكدا "ليس لدينا أي قلق، حزب العدالة والتنمية مستمر في طريقه إلى النجاح مهما حدث". وتولى وزير الخارجية السابق البالغ من العمر 56 عاما، مقاليد الحكومة والحزب الحاكم قبل أقل من عام، حين عينه الرجل القوي بدون منازع للبلاد رجب طيب أردوغان خلفا له. وأثارت ترقية المسؤول، الذي يعتبر من أقرب الأوفياء للرئيس، استياء داخل الحزب، حيث تساءل البعض كيف يعتزم هذا الأستاذ الجامعي، الحلول في موقع أردوغان الواسع الشعبية على رأس الحكومة. وانطلق داود أوغلو في حملة الانتخابات التشريعية، بتصميم قوي مستخدما كل الوسائل التي لجأ إليها سلفه، وهو يجول البلاد منذ أسابيع، ويعقد تجمعات ومهرجانات متتالية، مستعينا بقدرات الحزب التنظيمية الممتازة ووسائله غير المحدودة. ويخاطب يوميا عشرات آلاف الأنصار، مرددا شعار الحزب بلا توقف "هم يتكلمون، ونحن نفعل"، ويقول رئيس الوزراء: "في الفترة الماضية (حين كان وزيرا) كنت أخاطب 50 أو 100 شخص أمام الأممالمتحدة، لكن هنا أمام مئات آلاف الأشخاص، يجب أن يصل الصوت إلى الجميع"، غير أن هذه الجهود لم تقنع أردوغان على ما يبدو، إذ أنه تولى بحزم منذ بضعة أسابيع، قيادة حملة حزب العدالة والتنمية، مضاعفًا إطلالاته العلنية بالرغم من انتقادات الذين ينددون بانتهاك الدستور، ويذكرون بواجب الحياد المفروض عليه. وفي كل خطاب يلقيه يحض أردوغان البلاد على منح حزبه الانتصار الساحق (330 مقعدا على الأقل من أصل 550 في البرلمان)، الذي يحتاج إليه لإجراء إصلاح للقانون الأساسي، ينقل إلى الرئيس القسم الأكبر من صلاحيات السلطة التنفيذية، ويسمح له بالتالي بالبقاء في السلطة. ورأى البعض من داخل حزب العدالة والتنمية، في خوض الرئيس نفسه حملة الانتخابات، دليلًا على إنكاره لدور داود أوغلو، فيما يؤكد رئيس الوزراء المضطر إلى الدفاع عن إصلاح، سيحرمه من صلاحياته الأساسية، أنه لم يشعر بأي استياء لمبادرة الرئيس. فيما قال داود أوغلو، "رئيسنا يلتقي الشعب كما يشاء ويعبر عن رأيه"، مؤكدًا "ذلك لا يثير بلبلة في حملتنا"، وكذلك لا يرى ناخبو الحزب الحاكم في الأمر، أي مسالة سجالية، بل يبدون ارتياحهم لرؤية بطلهم ينزل إلى ساحة المعركة، وقال أحدهم ويدعى جولساه بيكول (19 عاما) جاء لدعم حزب العدالة والتنمية في قيصرية "إن رئيس وزرائنا أصيل، لديه أفكاره الخاصة، لكن أردوغان زعيم فريد". ورغم جهود أردوغان وداود أوغلو، فان استطلاعات الرأي التي نشرت نتائجها في الشوط الأخير من الحملة، توحي بأن حزب العدالة والتنمية لن يتمكن من الحصول على المقاعد التي يحتاج إليها، من أجل إقرار نظام "رئاسي". ومن المتوقع بحسب استطلاعات عديدة للرأي، أن يتخطى حزب الشعب الديمقراطي، الحزب الكردي الرئيسي، عتبة 10% من الأصوات على المستوى الوطني، ويحصل على عشرات المقاعد، ويحرم بالتالي الحزب الحاكم من الغالبية الضرورية لمشاريعه. ويرفض رئيس الوزراء الخوض في مثل هذه الفرضية، كما يمتنع عن كشف أي هدف بالأرقام لحزبه في الانتخابات، ويقول "هدفي هو الفوز، لطالما قلت إنه إذا لم ننته في المرتبة الأولى سأستقيل، وليس هناك أي رئيس حزب آخر تجرأ على قطع مثل هذه التعهد".