فى مشروع قناة السويس، وتحت لهيب الشمس، كانت الوجوه السمراء التى يلمع فيها العرق.. تواصل العمل يوم أمس على قدم وساق، دون أن تنال من عزيمتها حرارة الجو.. «الوطن» التقت عدداً من هؤلاء العمال المرابطين فى مشروع قناة السويس الجديدة.. شرقاوى عبدالصمد، من سوهاج، قال: «صحيح الجو حر، لكن بنستحمل لأنه كان حلم حياتى إنى آجى هنا وأشتغل فى المشروع لأنه على الأقل هيبقى حدوتة قبل النوم لأولادى وأحفادى، اللى هحكيلهم عن حفر المشروع بالإيد والفاس والمعدات، وعن رفات الجنود الشهداء اللى طلعت مع الرمل من تحت الأرض، وكأنها تبارك مهمتنا.. وكفاية علينا إن الجيش بتاعنا عظيم فى الحرب والبناء والتعمير». حمام محفوظ، الذى جاء من المنيا ليعمل بالمشروع منذ اليوم الأول، قال: «لما جيت للعمل هنا وضربت أول فاس فى رمال سيناء، كانت حرارة لا تختلف عن هذا الجو الساخن، لأن الصحراء بطبيعتها شديدة الحرارة وفى الليل يكون البرد شديداً دون رحمة، لكن هذه الأمور لم تشغلنى ولا أهتم بسواد بشرتى وجلدى من الشمس، والمرتب كمان ما شغلنيش، أنا كان حلمى إن المشروع يطلع ميّه، وإن ميّه القناة تخرج وآهى خرجت واتحقق الحلم».. يصمت «حمام» وتلمع عيناه قبل أن تتوه دموعه فى عرق وجهه، ثم يمسح ماء وجهه بيده وهو يستطرد: «أول ما أحس إن الحر هياكل جسمى أغسل وشى بميّه القناة الجديدة، بانسى التعب وكل هموم الدنيا كمان.. الأرض دى مش بس طلعت الميّه، والمشروع قرب يخلص، لكن كمان القناة الجديدة دخلها السمك، وربنا يبارك فى السيسى ومصر». متولى فرغلى، من البحيرة، يقول: «أجمل حاجة التعب لما يقضى غرضه، والحمد لله بدأنا نقطف الثمار، ممكن نكون تعبنا وبردنا ومتنا من الحر، لكن بنغنى للشمس يمكن تهدا علينا شوية بنقول لعين الشمس تحمى ما تحماشى الشغل فى القناة ماشى ماشى»، ويوضح: «يعنى سخنتى أو هديتى شغالين شغالين». سلمان سلامة، من أبناء سيناء، قال: «بالنسبة للحر دايماً جو الصيف كده واحنا متعودين عليه، والمشروع عايز الرجالة اللى متعودة على الشقا، عشان كده المشروع نجح، والعد التنازلى بدأ.. صحيح إحنا بذلنا مجهود كبير لكن شعب مصر العظيم يستاهل اللى راح واتبرع عشان خاطر مشروع بلده وعشان خاطر المشروع الجديد، مصر غالية أوى والشقا مش كتير عليها وإن كان على الحر قابلين، وبأكتر منه وبنشتغل فى الشمس عشان نضلل على مصر».