سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مفتش الأمن العام المصاب بالعريش ل«الوطن»: الهجوم لن يثنينا عن ملاحقة الخارجين عن القانون العقيد سليم الجمال: قطعت إجازتى بعد استشهاد 3 مجندين وكنت على يقين أننى مستهدف.. وبادلت الجناة إطلاق النار رغم إصابتى
قابلناه راقداً على سرير، فى غرفة الجراحة بالطابق الثانى داخل مستشفى المعادى العسكرى، يرتدى «فانلة» بيضاء من القطن لا تخفى بشرته السمراء وقوة بنيانه، بينما نظرات عينيه وابتسامته المتألقة تدل على أمله فى العودة مرة أخرى لعمله وحياته، ومطاردة الخارجين عن القانون، رغم إصابته بطلقتين فى رقبته وصدره. إنه العقيد سليم سعيد الجمال، مفتش مباحث الأمن العام بشمال سيناء، الذى تعرض لهجوم نفذه مسلحون مجهولون، أثناء سيره بصحبة سائقه على الطريق الدائرى فى العريش. عندما اقترب منه العميد ياسين شعيب، الضابط فى إدارة العلاقات الإنسانية ليطمئن عليه، ابتسم وأشار بيديه إلى السماء يشكر الله على نعمته، وقال بصوت تملأه العزيمة والإصرار: «الحمد لله، كل اللى بييجى يشوف مكان الطلقات يقولى ربنا كتبلك عمر جديد، رغم إن الأعمار بيد الله». ثم بدأ يشرح الإصابة التى تعرض لها ل«الوطن» قائلاً: «أُصبت بطلقتين، الأولى دخلت فى رقبتى، واخترقت الجلد حتى استقرت فى الكتف اليسرى، والطلقة الثانية تركت شظايا كثيرة فى الصدر»، مؤكداً أن ما تعرض له لن يثنى الداخلية عن التصدى للبلطجية وتطبيق القانون بكل حزم على الخارجين عن القانون، متمنياً أن يمن الله عليه بالشفاء العاجل حتى يعود إلى عمله. وأضاف العقيد سليم الجمال أنه قطع إجازته بعد علمه بالحادث الإرهابى الذى استهدف دورية شرطة بالعريش وأسفر عن مقتل 3 جنود، فتوجه إلى عمله لمعاينة جثث الشهداء، وعندما شاهد الجثث وقد تحولت إلى أشلاء ساءت حالته بسبب بشاعة الجريمة، وقرر ملاحقة المتهمين حتى لو كلفه ذلك حياته، وأثناء سيره فى إجراءات البحث وملاحقة المتهمين، تعرضت سيارته لهجوم على الطريق الدائرى بالعريش، وكان بصحبته سائقه، موضحاً أنه كان مستهدفاً من المتهمين الذين نفذوا الحادث، وأن الرصاص الذى أُطلق عليه لم يكن عشوائياً، لأنهم يعرفون أنه يبحث عنهم، لذلك قرروا التخلص منه، وأطلقوا الرصاص عليه بدقة متناهية، ثم فروا، فيما سقط هو على الأرض ودماؤه تنزف، وأمسك مسدسه وأطلق منه الرصاص على إطارات سيارة الشرطة التى كان يستقلها بصحبة سائقه فقط، حتى لا يتمكن المتهمون من خطف المجند والاستيلاء على السيارة. سماح كيلانى عبدالحميد، زوجة العقيد، كانت تقف بجواره فى المستشفى، ولكنها لم تنطق بكلمة واحدة، يعلو وجهها الشجب والحزن على ما تعرض له رفيق دربها، الذى أنقذه الله من موت محقق، ثم تحدثت ل«الوطن»، واصفة زوجها بأنه «زوج وأب مثالى»، وقالت: «أنا حاسة إن الشرطة متباعة»، ورفضت تفسير هذه العبارة، ثم أضافت: «الناس بتتكلم عن غياب الأمن، ويلقون باللوم على الضباط، رغم أن الحقيقة هى إن مفيش تأمين للضباط والجنود الذين يحملون أرواحهم على أيديهم كل صباح»، وتابعت: «هناك قصور فى تسليح الضباط والجنود الذين يعملون فى سيناء، وهى منطقة ملتهبة بالأحداث بعد الثورة». وتساءلت: كيف يتعامل الضباط والجنود وهم يحملون أسلحة عادية، مع متهمين يحملون أسلحة حديثة مهربة من خارج البلاد، وسيارات فائقة السرعة؟ موضحة أنها سألت العقيد سليم عن «اللى بيحصل» فى سيناء، بعدما علمت من خلال متابعتها للأخبار بكثرة الحوادث الإرهابية فى سيناء، رد عليها: «كلنا مش عارفين حاجة»، وأخبرها أن جميع الضباط والقيادات فى وزارة الداخلية فى حيرة شديدة من كل هذه الأحداث، وأن المؤلم هو كثرة الانتقادات غير المبررة، رغم التضحيات التى يقدمها الضباط والجنود، والدماء التى تسيل منهم كل يوم. وأكدت الزوجة أنها تلقت اتصالاً من زوجها ليلة الحادث، طلب منها الدعاء له، لأن مهمته ثقيلة، فأخبرته أنها صائمة لمدة 3 أيام حتى يوفقه الله فى مهمته، لكنه طلب منها الإفطار لأن اليوم هو الثلاثاء وليس الاثنين الذى اعتادت الصيام فيه، بالإضافة إلى يوم الخميس، لكنها رفضت، وأخبرته بأنها ستدعو له حتى يوفقه الله فى الوصول للمتهمين الذين قتلوا الجنود الثلاثة فى العريش، وبعد أن أنهى مكالمته معها اتصل بنجلته سارة، الطالبة فى الصف الثالث الإعدادى، وقال لها: «صلى وادعى لبابا يا سارة»، ثم اتصل بنجله سعيد، الطالب فى الصف الثانى، بعد أن أنهى مكالمته مع سارة وطلب منه الدعاء أيضاً. وأشارت الزوجة إلى أن العقيد سليم زوج مثالى، ولم تذكر له سوى السيرة الحسنة والمعاملة الطيبة خلال فترة زواجهما، التى تجاوزت 17 عاماً، وبالرغم من طبيعة عمله الصعبة التى كانت تتطلب منه الوجود فى العمل وقتاً طويلاً، مقارنة بالمدة التى يقضيها فى المنزل مع أبنائه الثلاثة، سعيد وسارة ومصطفى، فإنه يُشعرهم دائماً بوجوده معهم فى كل الأوقات، فهو يعرف جيداً كيف يعامل أبناءه، فضلاً عن حب الناس له، لأنه لم يظلم أحداً، ويسعى لتنفيذ واجبه بكل أمانة. وعن يوم الحادث، قالت الزوجة إنها تلقت اتصالاً من أحد الضباط، أخبرها أنه زميل العقيد سليم، وقال لها إن زوجها تعرض لإصابة بسيطة أثناء سيره على طريق العريش الدائرى، ثم أخبرها أنه فى مستشفى العريش العام وصحته مستقرة، فأسرعت إلى المستشفى للاطمئنان عليه، لكنها لم تشاهده نظراً لوجوده فى غرفة الرعاية المركزة، واستمر قرابة 3 ساعات حتى قرر الأطباء نقله إلى مستشفى المعادى العسكرى، وأجريت له عدة عمليات جراحية، حتى بدأت حالته تستقر. وتابعت الزوجة أنه لو رغب نجلها سعيد فى دخول كلية الشرطة، فستساعده على التمسك بتحقيق طموحه، لأن الأعمار بيد الله، والإنسان الصابر لا بد أن يرضى بقضاء الله وقدره.