يظل المطرب الفلسطيني محمد عساف، بالنسبة لجمهوره "أراب آيدول"، المشترك صاحب الصوت الأقوى الذي أمتع المشاهدين ليصبح أول فلسطيني يحصل على هذا اللقب، غير أن هناك جانب آخر في حياة المطرب الشاب شأن كل الفلسطينيين، جانب لم يتحدث عنه من قبل لوسائل الإعلام. "الوطن"، التقت عساف بالقاهرة واخترقت هذا الجانب ليتحدث المطرب الفلسطيني في الذكرى 67 للنكبة، التي وافقت الجمعة الماضية، عن ألم الغربة داخل الوطن وفقدانه الكثير من أبناء عائلته وأصدقائه برصاص الاحتلال الإسرائيلي، ويستعيد ذكرياته مع انتفاضة الأقصى التي حمل فيها الحجارة في مواجهة سلاح المحتلين، ويكشف عن حلمه بزيارة بيت أجداده في "الرملة" داخل الأراضي المحتلة. - لكل فلسطيني ذكرى قاسية مع النكبة يتوارثها من جيل لآخر، ماذا عن ذكرياتك؟ أجدادي "سيدي وسيتي" أصولهم من فلسطينالمحتلة وتم تهجيرهم، وأنا لاجئ داخل بلدي، بيت أهلي كان بمنطقة تسمى الرملة قرب مدينة يافا، تشتهر بزراعة الحمضيات، أهلي كان عندهم أراضي وبيوت، تركوا بيوتهم مع حرب 1948، بعد طردهم من قبل العصابات الصهيونية. - هل زرت منزل أجدادك في الرملة؟ حاولت أزور منزل جدي بمدينة الرملة لكني فشلت بسبب التصاريح المطلوبة للدخول إلى الأراضي المحتلة، وبالرغم من إنى أحمل جواز سفر صادر عن الأممالمتحدة، إلا أني لم أستطع العبور به ورغم تلك العقبات من جيش الاحتلال لن أتخلى عن حلم زيارة منزل أجدادي. - هل دخلت إلى الأراضي المحتلة من قبل؟ نعم زرتها أكثر من مرة، ومازالت البيوت الأصلية متواجدة في بعض المناطق، حيث زرت مدينة يافا ووجدت بيوت الفلسطينيين العريقة قابعة في أماكنها، ووجدت العرب ما زالوا يعيشون بنفس الأسلوب والطباع هناك على الرغم من الاحتلال الإسرائيلي. - هل فقدت أحد من أسرتك خلال النكبة؟ كل شخص فلسطيني عاش ظروف عصيبة خلال تلك الأحداث، وعلى مدى ما يقرب من 70 عاما، لا يخلو بيت من شهيد أو أكثر، في عائلتي فقدنا بعض أبناء عمومة جدي في حرب 1948 حيث شاركوا في المعارك ضد العصابات الصهيونية، وهي قصة نتوارثها من جيل لآخر، لينطبع في ذاكرة كل شخص منا أن له ثأرا مع جيش الاحتلال. كما أن والدي قبع في سجون الاحتلال الإسرائيلي لأكثر من عامين ونصف العام عندما كان طالبا في المرحلة الثانوية بتهمة مقاومة الاحتلال. ومعاناة عائلتي بدأت من قبل النكبة بسنوات، حيث نفي جدي لأمي إلى مصر 3 سنوات من قبل الانتداب البريطاني على فلسطين، وأيضا قتل عم والدتي على يد الاحتلال الإنجليزي. - هل شاركت في مواجهات مباشرة مع جنود الاحتلال خلال الانتفاضة؟ على المستوى الشخصي أنا من جيل انتفاضة الأقصي في العام 2000، كنت حينها صبيا ومثل كل الشباب الفلسطيني ألقيت الحجارة وهي السلاح الوحيد الذي نمتلكه في وجه جنود جيش الاحتلال الذين يقصفون بالأسلحة النارية، وفقدت مجموعة من الأصدقاء وقتها، كل المشاهد التي تظهر للناس على التلفزيون كنت أشاهدها على الطبيعة وأشارك فيها. - كيف استفدت من نجوميتك في الوطن العربي لتقديم دعم للمتضررين خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة؟ شاركت في حملة "دلو التراب" التي ظهرت وقتها للفت أنظار العالم لمعاناة غزة تحت القصف الإسرائيلي، وبالفعل استطعت جمع تبرعات بصفتي سفيرا للنوايا الحسنة في منظمة الأنروا التابعة للأمم المتحدة، حيث جمعت تبرعات للمتضررين من الحرب الذين فقدوا منازلهم. ورغم أنني أبذل قصارى جهدي لكن بكل أمانة أشعر بالتقصير تجاه الشعب الفلسطيني، ومهما بذلت من جهد يبقى نقطة في بحر يستحقه هذا الشعب. - ماذا ستفعل لتوصيل القضية الفلسطينية من خلال فنك؟ سأظل أغني الأغنيات التراثية الفلسطينية، حتى أنقله إلى الأجيال القادمة ليبقى ولا يندثر تحت أقدام الاحتلال، فمع غنائي باللهجات الأخرى المصرية والخليجية، ستظل اللهجة الفلسطينية هي المسيطرة على أعمالي. وغنيت أكثر من أغنية فلسطينة تراثية شهيرة وحققت مشاهدات كبيرة على موقع "يوتيوب" منها "عالي الكوفية" و"يا حلالي يا ملالي". - لكننا علمنا أنك تعتزم تقديم فيلم عن القضية الفلسطينية من خلال قصة حياتك؟ ابتسم قبل أن يقول: بداية هذا الفيلم لا أشارك في بطولته لكنه يتناول القضية الفلسطينية انطلاقا من قصة حياتي، ويغلب عليه بنسبة 80% الدراما عن معاناة الشعب الفلسطيني مع الاحتلال أكثر من حياتي، وفكرة الفيلم طرحتها مجموعة MBC بعد حصولي على لقب "أراب آيدول" حيث فكروا في تناول القضية من خلال معاناة مطرب يبحث عن النجاح والشهرة في ظل الاحتلال. ويجسد دوري في الفيلم شاب فلسطيني، ويشارك في الفيلم المخرجة نادين لبكي، وعلي جابر عضو لجنة تحكيم برنامج "أراب جوت تالنت"، في حين اعتذر الفنان أحمد حلمي عن المشاركة لارتباطته بأعمال أخرى. - هل لديك معجبون إسرائيليين؟ لا أستطيع أن أتحكم في الناس يحبوني أو لا، لكن لا يشرفني أن يكون لي معجبون إسرائيليين، أنا ورثت عن أجدادي رسالة وراء الاحتلال، وهذه الرسالة هي الحنين الدائم للوطن، خاصة أننا عيشنا في ظل ظروف صعبة، نحن البلد الوحيد الذي يقبع تحت الاحتلال بالرغم من أننا في القرن 21. - ماذا تقول للفلسطينيين في ذكرى النكبة؟ أولا أبدأ بالحديث على الصعيد الداخلي، أريد توجيه كلمة للسياسيين نريد وحدة وطنية حقيقية لا تلفزيونية بعيدا عن الشعارات، فالشعب غير منقسم لكن السياسيين منقسمين، ولا شك أن الانقسام تسبب في تراجع القضية، كما أننا مطالبون بطي صفحة الانقسام التي ضيعت دور القضية الفلسطينية. وأوجه كلمة أخيرة للشعب الفلسطيني "لو بدى أقولهم شعر مش هكفيهم حقهم"، لو أي شعب آخر غيرهم ما كان اتحمل كل هذه الصعاب "كان ترك البلد وغادر"، أعرف جيدا كم الألم والحسرة التي تعيدها ذكرى النكبة في قلوب الفلسطينيين، لكن "إن غدا لناظره قريب"، وإن شاء الله فلسطين راجعة، فهي الأرض المباركة، لأن ربنا ميزها وبارك فيها، بالأديان السماوية الثلاثة.