"مصر .. مايستخباش فيها سر أكتر من سنة واحدة .. بس انت بسم الله ما شاء الله، دخلت مخرجتش !" .. هكذا قالت زهرة فؤاد "يسرا"، طليقة معالي الوزير رأفت رستم، "أحمد زكي" بفيلم "معالي الوزير"، حين قامت بتوبيخه بأنه غير صالح لمنصب وزير، وقامت باستفزازه، بأنها تزوجت من هو أفضل منه بعده، قائلة: "اتجوزت واحد أحسن منك .. ومفيش في حياته غير حاجتين، العدالة وأنا .. بذمتك مش أحسن منك يا وزير تشابه الأسماء". رأفت رستم، ذلك الوزير الذي تم اختياره عن طريق الخطأ، لتشابه اسمه مع اسم شخص آخر، وينجح في البقاء بمنصبه، ويُلاحظ أن مخرج الفيلم العبقري، سمير سيف، الذي تعمد أن يضع الوزير، دائماً في موضع لا يُناسبه، كجلوس الوزير بمكتبه، على كرسي، أفخم من حجم "رستم" الطبيعي، كناية على أن المنصب أكبر من حجمه، وإذا شاهدت الفيلم بعناية ستجد تشبيهات أكثر من ذلك. ويبدو أن صناع العمل، كانوا مُتنبئين بأن "رأفت رستم"، هو المثال الحي لبعض وزراء المستقبل - وزراء اليوم - بحيث قاموا بكتابة هذه العبارة نهاية الفيلم " كل صاحب معال يجد تشابهاً بين أحداث هذا الفيلم الخيالية، وأحداث حقيقية مر بها في حياته، فهذه ليست مسؤولية الفيلم، ولكنها مسؤولية معاليه شخصيا". كما يبدو أن الكاتب الكبير، وحيد حامد، كعادته، يكتب للمستقبل، ويحلل أيضاً نتائجه، فبعض وزراء اليوم، هم وزراء حقيقيين، جاءوا واعتلوا مناصبهم، دون تشابه في الأسماء، ولكن وجه الشبه، في أنهم، غير مؤهلين بشكل كاف لهذه المناصب، ويبدو أن معيار أهل الخبرة، أصبح غير مٌلزم في اختيار مالكي الحقائب الوزارية. فحين نسمع تصريحات وزير العدل، المستشار محفوظ صابر، بخصوص، عدم جواز اعتلاء أبناء عاملي النظافة لمنصب "قاضي"، نجد أنها تصريحات، غير مناسبة، لما تتضمنته من عنصرية مقصودة، معتمدة في الأساس، على غياب مبدأ العدالة، من وزير العدالة، وإن كان صريحاً بعض الشئ، فلا يجوز، أن تكون صراحته كالرصاص على أصحاب المهن البسيطة. ومن وزير العدل إلى وزيرة التضامن الاجتماعي، غادة والي، والتي تسببت تصريحاتها، حول الجنة موجة من الجدل بين المتخصصين في شؤون الشريعة الإسلامية، حيث قالت : "إن الجنة مكان هيكون فيها مزيكا وباليه"، وعلق على ذلك عضو مجمع البحوث الإسلامية، د. محمد الشحات الجندي، قائلا: "إن حديث وزيرة التضامن الاجتماعي عن الجنة، لا صلة له بتفسير القرآن والأحاديث النبوية"، ما يدفع التاريخ بتسجيلها ضمن قائمة "الفتايين". وفي هذا الصدد، يبدوا أن الوزراء يتسابقون، حول إطلاق التصريحات المستفزة التي تجذب إليهم القراء، والكتاب، ويتعاملون مع المجتمع، كصانعي التصريحات الرخيصة، من الفنانيين والراقصات، ليس من حق الوزراء والسياسيين أن يحلو محلهم، فالوزير له مُجتمع، بينما الفنان، له جمهور، والفارق يحتاج منك التأمل. وإلى وزارة الكهرباء، التي يحمل حقيبتها الثقيلة، د. محمد شاكر، ذلك الوزير الذي أكد بالأدلة العلمية، والبراهين الملموسة، براءة الرئيس المعزول محمد مرسي، وجماعة الإخوان، من تهم "القطع العمد للكهرباء"، وأكد بالدليل القاطع، أنه غير قادر على حمل هذه التركة. أما بقية الوزراء، فعلينا أن نبعث إليهم ببرقية استفهام، ونتساءل، "ماذا فعلتم حتى الآن؟!"، فالمستشفيات مازالت غارقة بين ملفات الإهمال، والمدارس، تُشعُ أنوارُ من الجهل، والسلع التموينية، يحكمها جشع التُجار، حتى أن تبريركم "مش كل حاجة، هتخلص في يوم وليلة"، لا يمنعنا التوقف عن الانتقاد، والشكوى، حتى لا نترك لكم مسرح الجريمة، تمارسون به، أدوراكم، الغير مؤثرة، فلابد من لجام يُرفع بين حين وآخر، كي لا تتوهمون أنكم وحدك في هذا البلد. خلاصة القول : "مازالت مناصب القيادات، يسكنها السراب .. عقولهم غير قادرة على التغيير، وغير قابلة للتغير!"