10 سنوات من التأثير ل«مواقع التواصل».. والضربة الأولى ضد التعديلات الدستورية فى 2005لعبت وسائل الاتصال الاجتماعى على شبكة الإنترنت دوراً مهماً وفعالاً فى المجتمع خلال السنوات الماضية، وأصبح لها دور مؤثر فى صناعة القرار فى عدد من القضايا، وبرز دور وسائل الاتصال الاجتماعى «فيس بوك، وتويتر، ويوتيوب» قبل اندلاع ثورة 25 يناير فى فضح الكثير من أخطاء نظام «مبارك» وممارسات الشرطة والعنف ضد المواطنين، وتعاظم هذا الدور مع ثورة 25 يناير والدعوة لها، وتطور مع تزايد أعداد مستخدمى الإنترنت الذين وصلوا إلى 42 مليون مستخدم بنهاية عام 2014، وأصبحت وسائل الاتصال الاجتماعى وسيلة لحشد المواطنين، وتحويل بعض القضايا إلى قضايا رأى عام. كانت بداية النمو الحقيقى لدور وسائل الاتصال الاجتماعى فى مصر عام 2005، حيث شهد يوم 25 مايو من عام 2005، واحدة من أكبر حوادث الاعتداء الجسدى والجنسى على النساء والصحفيات من قبَل رجال الأمن أثناء مظاهرات الاحتجاج على التعديلات الدستورية، ولم تتناولها وسائل الإعلام التقليدية، لكن وسائل التواصل الاجتماعى فضحت النظام آنذاك. وفى أواخر عام 2006 نشر الناشط «وائل عباس» فى مدونته وعبر مواقع التواصل الاجتماعى «فيديو» يوضح عملية تعذيب واعتداء جنسى على مواطن يُدعى «عماد الكبير»، من قبَل ضابط شرطة يُدعى «إسلام نبيه»، ما أثار الرأى العام وتسبّب فى إحراج النظام، خاصة بعدما استطاع الصحفى «كمال مراد» التعرف على هوية المجنى عليه وإجراء حوار معه نُشر فى جريدة الفجر، تحدث فيه «الكبير» عن كل ما تعرض له بعد القبض عليه، وأصبحت القضية محل أنظار الرأى العام، ما دفع النظام للقبض على الضابط المتهم والتحقيق معه، والحكم عليه بالسجن 3 سنوات. واتخذت شبكات التواصل الاجتماعى شكلاً آخر فى التأثير على مجريات المشهد السياسى، خاصة بعد تنامى دور «فيس بوك وتويتر». كانت بداية ذلك مع يوم 6 أبريل عام 2008 الذى لعب فيه موقع «فيس بوك» دوراً كبيراً فى الحشد الذى دعت إليه بعض الحركات الشبابية عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى لتنظيم إضراب عام اعتراضاً على الغلاء والفساد وتضامناً مع إضراب عمال شركة مصر للغزل والنسيج فى المحلة. قابلت الحكومة ذلك بالتحذير من التجمهر والتظاهر فى ذلك اليوم، ومن غياب الموظفين العاملين بالدولة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد من يتغيب دون عذر مسبق، فيما حذرت وزارة الداخلية فى بيان لها أنها لن تتهاون مع مثيرى الشغب. شهد عام 2010 تحولاً مهماً فى تأثير الثورة الإلكترونية ومدى المساحة التى استطاعت أن تحتلها بين المصريين خاصة فئة الشباب، بدأ موقع «فيس بوك» يحتل مكانة كبيرة بعدما دشن الناشط وائل غنيم فى 10 يونيو 2010 صفحة على موقع التواصل الاجتماعى تحت اسم «كلنا خالد سعيد» من أجل التنديد بمقتل الشاب خالد سعيد الذى قُتل على يد قوات الأمن فى الإسكندرية، حتى تحول حادث مقتله إلى قضية رأى عام، وهى تُعتبر من أكبر صفحات الفيس بوك فى مصر، حيث تضم 3٫8 مليون مشترك. أخذت الصفحة بعد ذلك فى نشر قضايا التعذيب وحالات مشابهة لقضية «خالد سعيد»، وتوضيح صور القمع الذى تقوم به الداخلية فى حق المواطنين، ومع تزايد أعداد مشتركى الصفحة بدأت الدعوات إلى وقفات صامتة على كورنيش الإسكندرية وأخرى فى القاهرة، كما قامت الصفحة بعمل حملة جمع توقيعات للمطالب السبعة التى تبنّتها الجمعية الوطنية للتغيير، والتنديد بأحداث التزوير التى حدثت فى انتخابات مجلس الشعب 2010 من قبَل الحزب الوطنى، الحزب الحاكم فترة عصر «مبارك». عقب تفجيرات كنيسة القديسين فى الإسكندرية ليلة رأس السنة من عام 2011 تم القبض على الشاب «سيد بلال» لاتهامه فى الحادث، وقام رجال الشرطة بتعذيب «بلال» حتى الموت، بدأت بعدها صفحة «كلنا خالد سعيد» فى إطلاق فكرة تحويل يوم عيد الشرطة إلى تظاهرة كبيرة فى كل أنحاء الجمهورية تحت اسم «عيد البلطجية»، وذلك ضد قمع الداخلية والتنديد بممارسة التعذيب بحق المواطنين، وهى الدعوة التى اكتملت بثورة 25 يناير، حتى رحيل «مبارك» ونظامه عن الحكم فى مصر. عقب ثورة 25 يناير 2011 تولى المجلس العسكرى حكم البلاد، واتهمه الشباب بالتعمد فى تأخير تسليم السلطة، ما أدى إلى اشتعال بعض الأحداث، وكان أبرزها أحداث «ماسبيرو، ومحمد محمود، ومجلس الوزراء» فى نهاية العام نفسه، ما دفع مجموعة من الشباب إلى تدشين صفحة «عسكر كاذبون»، فى ديسمبر 2011 للتنديد بالأعمال التى ارتكبها المجلس العسكرى أثناء فترة توليه أعقاب الثورة، ونشرت مجموعة من الفيديوهات لانتهاكات القوات المسلحة والشرطة تجاه الموطنين. تم تسليم السلطة إلى الرئيس السابق محمد مرسى الذى ينتمى إلى جماعة الإخوان، بدأ الشباب بتدشين صفحة تحت اسم «مرسى ميتر»، وكان هدفها رصد كل قرارات الرئيس ومدى إنجازه للبرنامج الرئاسى الذى أعلن عنه أثناء فترة الترشح للانتخابات خلال أول 100 يوم من فترة حكمه للبلاد. فيما دشن محمد حسن الشهير ب«محمد كريستى» صفحة «إخوان كاذبون»، قُتل بعد ذلك فى فبراير 2013، وكانت الصفحة تهدف إلى تسليط الضوء على أخطاء الإخوان وتناقضهم، وكان لها دور بارز فى نشر الفيديوهات والصور التى صورت أثناء أحداث الاتحادية نهاية عام 2012، التى قُتل فيها الصحفى «الحسينى أبوضيف»، وكانت الفيديوهات والصور توضح الممارسات القمعية التى نفذتها جماعة الإخوان ضد المتظاهرين المنددين بالإعلان الدستورى الذى أصدره «مرسى» فى نوفمبر 2012. فى الشهور الأخيرة من فترة حكم «مرسى» برز دور وسائل الاتصال الاجتماعى فى تدشين حملة «تمرد» التى دشنها مجموعة من الشباب للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة فى 30 يونيو 2013. فى شهر أغسطس الماضى انتشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعى يوضح تعذيب مدير إحدى دور الأيتام لمجموعة من الأطفال وضربهم بصورة عنيفة مجردة من الإنسانية، انتشر الفيديو بصورة كبيرة، ما دفع أجهزة الأمن إلى التحرك الفورى للبحث عن الجانى حتى تم القبض عليه. أثناء احتفال عدد من المصريين بميدان التحرير بنتيجة الانتخابات الرئاسية وفوز رئيس الجمهورية الحالى عبدالفتاح السيسى بمقعد رئيس الجمهورية، تعرضت سيدة للاغتصاب بصورة وحشية من قبَل بعض الموجودين فى الميدان، وانتشر الفيديو الخاص بالواقعة على مواقع التواصل الاجتماعى، ما أثار غضب الشارع، ونُقلت السيدة إلى مستشفى الحلمية العسكرى، وزار وقتها «السيسى» السيدة فى المستشفى وقدم باقة من الزهور لها، وقال للسيدة: «أنا هكلم كل جندى فى مصر شرطة أو جيش، مش ممكن أبداً هيحصل ده أو يستمر تانى عندنا فى مصر، وبقول للقضاء عرضنا بيُنتهك فى الشوارع وده لا يجوز حتى لو كانت حالة فهو غير مقبول». أثناء الاحتفال بذكرى ثورة 25 يناير الماضى، نظم مجموعة من النشطاء وقفة بالزهور فى ميدان التحرير، لكن الوقفة ووجهت بالقوة من قبَل رجال الشرطة فى ميدان طلعت حرب، ما تسبب فى مقتل الناشطة «شيماء الصباغ» بعد إطلاق النار عليها، أثار مقتل «الصباغ» غضب كثير من الشباب، وانتشرت صور لجثة شيماء ومقطع من فيديو يبين إطلاق النار عليها على مواقع التواصل الاجتماعى. فى شهر فبراير الماضى انتشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعى يوضح قيام مجموعة من الشباب بربط «كلب» فى عمود إنارة فى أحد شوارع شبرا الخيمة، وظلوا يطعنونه بالسكاكين والسواطير على مرأى من المارة الذين فشلوا فى التدخل لإنقاذ الحيوان الذى كان ينبح من الألم والخوف. أثار الفيديو غضباً عاماً فى الشارع المصرى ومنظمات المجتمع المدنى، وتحركت الأجهزة الأمنية للقبض على المتهمين، وقضت محكمة بالقاهرة فى شهر مارس الماضى بالسجن 3 سنوات للمتهمين.