تحديات كبيرة واجهتها المرأة المصرية لأكثر من 90 عاما، عاشت خلالهم مراحل من التمييز، وخضعت لقيود على حقوقها وحرياتها، ورفعت راية النضال، ولم تعوقها التحديات التي وقفت أمامها، وأثرت في مواقع هامة في الحياة السياسية حين احتلت مناصب كالوزيرة والبرلمانية. حكمت أبوزيد "الست الصعيدية".. جاءت من قرية صغيرة في محافظة أسيوط، تحدت التقاليد السائدة حينها، وكانت أول مصرية تتولى مسؤولية الحكومة منذ شجرة الدر، فهي أول وزيرة تولت وزارة الشؤون الاجتماعية. هي "قلب الثورة الرحيم"، كما أسماها جمال عبدالناصر، حين اختارها في 25 سبتمبر 1962 لهذه الوزارة، رغم من اختلافها مع عبدالناصر في بعض وجهات النظر، ووضعت أول خطة لتنمية الأسرة، وأعدت مشروع الرائدات الريفيات تمهيدا للأسر المنتجة. وُلدت أبوزيد، عام 1922، في قرية الشيخ داوود التابعة للوِحدة المحليَّة بصنبو بمركز القوصية، كانت تهوى قراءة الشعر والكتب الأدبية والتنس والألعاب السويدية، تلقت دروسها الابتدائية في مدرستي سوهاج وأسوان الابتدائية، ثم التحقت بمدرسة حلوان الثانوية، وتزعمت ثورة الطالبات وهي في المرحلة الثانوية ضد الإنجليز. دخلت أبوزيد كلية الآداب قسم التاريخ، ونالت دبلوم معهد التربية عام 1941، ثارت ضد الدستور في الأربعينيات من القرن الماضي مع الحركة الطلابية، وتم فصلها عدة مرات، وفي عام 1956 تدربت عسكريًا مع طالبات الجامعة، حتى تمكنت من السفر ضمن أول وفد نسائي إلى بورسعيد مع سيزا نبراوي وإنچي أفلاطون، للمشاركة في الإسعافات الأولية والعمليات القتالية خلال العدوان الثلاثي على مصر. اختلفت مع الرئيس جمال عبدالناصر، حين تم اختيارها عام 1962 عضوًا في اللجنة التحضيريَّة للمؤتمر القومي، وخاضت مناقشات حول بعض فقرات الميثاق الوطني، فاعترضت على المراهقة الفكرية التي تحدث عنها عبدالناصر، وطالبت أن تكون الثورة عقلانية، لأنها لن تثمر إذا كانت عاطفية، واختارها عبدالناصر لتتولى الوزارة، وأثبتت صواب اختياره مع نجاحها في الاهتمام بالرعاية الاجتماعيَّة لأسر الجنود الموجودين على الجبهة المصرية، والإشراف على مشروع تهجير أهالي النوبة، بعد تعرضها للغرق 1969. وضعت قانون 64، وهو أول قانون ينظم عمل الجمعيات الأهليَّة؛ وحوَّلت حكمت أبوزيد الوزارة، إلى وزارة مجتمع وأسرة، ومدَّت نشاطها لجميع القرى والنجوع في الجمهورية بإنشاء فروع للوزارة، وبعد رحيل عبدالناصر، عادت للجامعة للتدريس في العام 1970، وهي حاصلة على الماجستير من جامعة سانت آندروز باسكتلندا في العام 1950، ثم على الدكتوراه في علم النفس من جامعة لندن بإنجلترا في العام 1955، وكان تم تعيينها بعد عودتها من الخارج بكلية البنات بجامعة عين شمس. في السبعينيات اختلفت مع قرار الرئيس السادات لمبادرة السلام في معاهدة كامب ديفيد، وشككت في النوايا الصهيونية تجاه الأمة العربية، ما جعلها تتلقى أبشع الاتهامات، الذي أدى إلى سفرها كلاجئة سياسية، بعد أن مصادرة أموالها وإسقاط الجنسية المصرية عنها لمدة 20 عاما. بعد أن أصدرت المحكمة العليا قرارها بإلغاء الحراسة على ممتلكاتها، وحقها في حمل جواز السفر المصري والتمتع بالجنسية المصرية، عادت إلى مصر، وتوفيت في 30 يوليو 2011 عن عمر ناهز 89 عاما، بعد صراع طويل مع المرض.