جلباب أبيض فضفاض، يدور عكس عقارب الساعة. حركات دائرية حول مركز الكون، تلمس السموات بقلبها. يتسارع الدوران فتفقد الإحساس بما حولها. ترتفع يداها طلباً للرحمة والمدد. تغلق عينيها، فتصل إلى الذروة. تخلع غطاء رأسها فينسدل شعرها على كتفيها، ليفاجأ الحاضرون بأول فتاة ترقص «المولوية» بعد أن كانت حكراً على الرجال. خمس سنوات هى المدة التى قضتها، نورا ميرغنى، فى فرقة «الأقصر» للفنون الشعبية، واجهت خلالها كثيراً من الصعوبات والانتقادات من المجتمع ومن عائلتها حتى أصبحت أول راقصة صوفية. تتذكر «نورا» ما تعرضت له: «قررت النزول، ووضعت كل كلام الناس ورا ضهرى، اتعرضت لردود أفعال كتيرة، التصفيق، الدهشة، وأحياناً الامتعاض، لكن متعة الرقص فى حد ذاتها لا توصف بكلام، هى الصعود إلى الله». لم تكتف «نورا» بالرقص، بل نظمت أول ورشة لتعليم رقص المولوية للفتيات فى بيت «الثقافة الشعبية» بالقاهرة، رغم إدراكها للانتقادات التى قد توجه لها، عُرض عليها تقديم الورشة فى الهند، لكنها رفضت وقررت أن تخوض التجربة فى مصر: «أنا شايفة إن البنت أسرع من الولد فى التعلم لما بتحط حاجة فى دماغها بتحب تكسر القواعد والقيود، كمان مفيش أماكن بتعلم البنات الرقص المولوى هنا فى مصر». تتذكر الراقصة الشابة بداية عملها فى مجال الرقص الصوفى: «فى البداية كنا ست فتيات، قدمنا عروضاً كثيرة فى إيطاليا، فرنسا والمكسيك، لكن الأمر لم يكتمل فكل منا أكملت حياتها وتزوجت ولم يبق سواى»، ما يشجع «نورا» على الاستمرار فى عملها ليس حبها للرقص فى حد ذاته، ولكن لأن الرقص الصوفى تواصل روحانى مع الله، تترك من خلاله الأرض وتحلق فى ملكوت واسع. ترفض «نورا» لقب راقصة «تنورة»، فهناك اختلاف واضح بينهما، «المولوية» مزيج روحانى يمتزج بحركات راقصة، أما التنورة فهى جانب من الفن الشعبى رغم صعوبتها: «منذ بدأت الرقص زادت صداقاتى ورحل أصدقاء آخرون، وفى النهاية سعيدة بتجربتى رغم كونها تحدياً كبيراً، فلا أجمل من التوحد مع الكون حينما تفتح الصوفية روحك على الحب والعشق الإلهى الخالص».