فى خلال المؤتمر الذى أقامته الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة فى 23 /2/ 2014 وما تبعه من مقابلات وحوارات على وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية تم الإعلان عن ثلاثة اختراعات أو اكتشافات علمية وطبية قيل إنها ستغير من تاريخ العلم الحديث وتعتبر إنجازات علمية غير مسبوقة. 1 - جهاز الكشف عن الأمراض الفيروسية «C FAST» وهو جهاز تم الادعاء بأنه يقوم بالإشارة عن بعد إلى المرضى المصابين بالفيروس عن طريق البصمة الجينية للتردد الموجى للموجات الكهرومغناطيسية الناجمة عن تحرك الجزيئات داخل الحمض النووى للفيروس، وهى نظرية غير قابلة للتطبيق علمياً حيث إن حجم الفيروس لا يزيد على 100 نانوميتر أى 1/ 1000000000 من المتر، وهو حجم لا يسمح بتوليد أى طاقة تسمح بتحريك مؤشر الجهاز المزعوم. كما تم الادعاء بأن الجهاز يمكنه الإشارة إلى المصاب من بعد يصل إلى 500 متر ويعتمد فى حركته على الطاقة الناجمة من الجسم البشرى، وهما نقطتان غير قابلتين للتصديق على المستويين العقلى والعلمى ناهيك عن الادعاء بأن بإمكانه تحديد نوع وكمية الفيروس المصاب به الشخص وبأن الجهاز لديه حساسية وخصوصية لتحديد الفيروسات بنسبة 100% (وهى نسبة لم يصل إليها أى جهاز أو اكتشاف علمى منذ بدء تدوين تاريخ الطب والعلوم) علماً بأن أحدث أجهزة الكشف عن الفيروسات فى العالم لا تستطيع القيام بذلك إلا من خلال عينات من الدم أو الأعضاء المصابة وبنسبة حساسية وخصوصية لا تزيد على 85% فى أفضل الأحوال. كما تم الادعاء بأن الجهاز قد تم نشر أبحاثه فى مجلات ودوريات علمية، وبالبحث تبين أنه قد تم نشر بحث متعلق بالجهاز فى مجلة علمية واحدة فى 2011 وهذه المجلة مجهولة المصدر والدولة ووجد أنها تختص بنشر الأبحاث بدون مراجعة علمية لمحتواها كما أنها تنشر كثيراً من الأفكار التى لا تعتمد على أى أساس علمى دقيق وليس لها أى سمعة فى الأوساط العلمية المعروفة وذات الصلة وبأن الجهاز حاصل على براءة الاختراع فى 2009 ومرفق صورة من رفض براءة اختراع الجهاز فى سبتمبر 2012 من الهيئة المقدم إليها طلب براءة الاختراع نظراً لعدم تقديم ما يثبت صحة النظرية العلمية المعتمد عليها عمل الجهاز وكذلك عدم تقديم ما يثبت التجارب العلمية والإكلينيكية للجهاز. وتجدر الإشارة إلى أنه تم الحكم على الإنجليزى جيمس ماكورميك بالسجن لمدة 10 سنوات بتهمتى النصب والاحتيال فى مايو 2013 لتسويقه جهازاً مشابهاً إلى حد التطابق سماه ADE-651 للكشف عن المفرقعات، وكذلك تم الحكم على الإنجليزى جارى بولتون لمدة 7 سنوات فى المكسيك قى يوليو 2013 بنفس التهمتين لتسويقه جهازاً مشابهاً سماه GT2000 للكشف عن المخدرات. 2 - جهاز علاج الأمراض الفيروسية (COMPLETE CURE DEVICE (CCD تعتمد فكرة الجهاز كما أعلن عنه الفريق المشرف عليه على تمرير دم المريض داخل الجهاز فيما يشبه جهاز الغسيل الكلوى وتعريض الدم داخل الجهاز إلى موجات كهرومغناطيسية ذات تردد معين بهدف تدمير الجدار الخارجى للفيروسات وإطلاق الأحماض الأمينية بداخل الفيروس ليستفيد منها المريض وهى فكرة قد تبدو ذات حيثية لولا أنها تجاهلت عدة حقائق علمية مثبتة وهى: أولاً: أن الفيروسات لا توجد فى الدم فقط بل توجد فى أعضاء أخرى بالجسم حسب نوع الفيروس وحسب طريقة عمله مما ينزع عن الجهاز إمكانية الشفاء نظراً لعدم القدرة على تمرير الأعضاء المصابة داخل الجهاز. ثانياً: جدار الفيروسات الخارجى مشتق من جدار خلايا الجسم وفى حالة قدرة الأشعة على تدميره فإنها ستقوم بتدمير جدران باقى خلايا الجسم وقد يسبب ضرراً أكبر من الذى يسببه الفيروس نفسه. ثالثاً: نظراً لصغر حجم الفيروسات المتناهى فإن كمية الأحماض الأمينية المستخرجة من جميع الفيروسات داخل الجسم فى أحسن الأحوال لن تزيد على 1 جرام وهى كمية قليلة للغاية مما يحتاجه الجسم البشرى ومما يكتسبه بالغذاء الطبيعى. رابعاً: تم الاعتماد على جهاز C FAST لمتابعة المرضى بعد تعريضهم لجهاز العلاج لتحديد إذا ما تم شفاؤهم من الفيروسات أم لا، بمعنى أنه تم الاعتماد على جهاز مشكوك فى دقته وصحته لقياس نتائج جهاز آخر لم تتبين مدى قدرته على الشفاء. خامساً: فى الحالات التى تم فيها عمل اختبار PCR تم إجراء الاختبار فى الفترة التالية مباشرة للتعرض للجهاز بدون الانتظار لنتائج ال PCR فى المراحل اللاحقة التى عادت لتشير إلى استمرار الإصابة بالفيروسات فى معظم المرضى كما أشار لذلك السادة أعضاء اللجنة المشكلة بواسطة وزير الدفاع آنذاك لتقييم جهازى الكشف والعلاج. كما أن الإعلان عن الجهاز شابه الكثير من المغالطات الطبية والعلمية منها الادعاء بأنه تم نشر أبحاث متعلقة به فى عدد من النشرات والدوريات العلمية وهو ما لم يحدث من واقع بحثنا على جميع محركات البحث على شبكة الإنترنت وكذلك الادعاء بأنه تم مناقشته والترحيب به فى عدد من المؤتمرات العلمية وتبين أنه تم عرضه فى ندوة لشركة تنظيم مؤتمرات مدفوعة الأجر فى الصين وهذه الشركة ليست لها سمعة جيدة فى الأوساط العلمية والطبية ذات الصلة. كذلك لم يتم مناقشة تأثيرات الأشعة الصادرة عن الجهاز على المرضى أو العاملين الطبيين الذين يقتضى عملهم العمل على مسافة قريبة من الجهاز حتى 2/6/2014 مما قد شكل خطورة بالغة بسبب طريقة عمل الجهاز على العاملين والمرضى المتعاملين مع الجهاز فيما يسبق هذا التاريخ. وتم الإعلان كذلك عن تجربة الجهاز على البشر منذ أكثر من عام ونصف العام قبل الإعلان عن الجهاز فى مخالفة صريحة لقواعد البحث العلمى المتعارف عليها والمنصوص عليها فى المادة 60 من الدستور المصرى وكذلك قبل استيفاء الخطوات السابقة والمطلوبة كالنشر فى الدوريات العلمية والبحث داخل المعامل ثم التجارب على الحيوانات وتسجيل النتائج قبل بدء التجارب الإكلينيكية على البشر. 3 - الكبسولات العلاجية المصاحبة للجهاز وكل ما نعرفه عنها أنها كبسولات عشبية مجهولة المصدر والتركيب ولم يتم مناقشة فاعليتها أو آثارها الجانبية فى أى من المؤتمرات أو الدوريات العلمية الخاصة بأمراض الكبد وكذلك تم استعمالها فى التجارب الإكلينيكية مع بداية استخدام الجهاز بدون العودة إلى أساسيات وأخلاقيات البحث العلمى المتعلقة بالجهاز كما أن ما يخص هذه الكبسولات من وثائق هى تقارير تفيد عدم سمية هذه الكبسولات من مركز بحوث السموم فى جامعة الأزهر وذلك بتاريخ 6/2014، أى بعد 4 شهور كاملة من الإعلان عن الجهاز. لكل ما سبق، وبسبب خطورة ما تم الإعلان عنه من اكتشافات علمية مزعومة أثرت بشكل مباشر على سمعة الأطباء والعلماء المصريين فى الداخل والخارج وكذلك على صحة بعض المرضى الذين تطلعوا إلى حلم زائف بالعلاج من تلك الأمراض الفيروسية المميتة مما جعلهم يتركون العلاج التقليدى فى انتظار هذه الاكتشافات، ننتظر من نقابة الأطباء أن تؤدى دورها الذى أوجبه عليها قانونها ولائحتها بأن تكون نصيراً للمظلومين من المرضى قليلى الحيلة والمعرفة الذين وثقوا فى عدد من أعضائها بحكم مكانتهم الطبية والعلمية وأن تحاسب كل من أجرم فى حقوق المرضى أولاً وفى حق سمعة الأطباء والبحث العلمى فى مصر ثانياً وأخيراً.