كتابان يشكلان ركنًا من البينة الفكرية لتنظيم "داعش" القائمة على الذبح والقتل ونشر الرعب، تفوح من بين جنباتهما روائح الدم، وحروفهما تشبه "الخناجر" في "أيادي الذباحين" لحظة نحر ضحاياهم، ويؤكدان أن تاريخ "داعش" مع الذبح "طويل" بعدد ضحاياهم، وللمصادفة فإن الكتابين لجهاديين مصريين، الأول يُعرف بين "الجهاديين"، بأنه أستاذ أبو مصعب الزرقاوي، المؤسس الأول لتنظيم "داعش"، أما عن الثاني فهو شخصية مجهولة الهوية عمل بالقرب من بن لادن لفترة. ممارسات "داعش" وأساليبه في القتل والذبح، ليست جديدة، إذ أن نهج الذبح بدأ مع أبو مصعب الزرقاوي، بالتزامن مع الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، وأصبحت معه عمليات الذبح والقتل راسخة لمن جاءوا من بعده أو صاحبوه، حتى مقتله في 2006، حتى أُطلق عليه في الأوساط الجهادية "أمير الذباحين"، ونفذ بنفسه العديد من عمليات نحر الرقاب، ونفذت شبكته آنذاك العديد من عمليات القتل والذبح في حق عدد الرهائن من مختلف الجنسيات الأمريكية والأوروبية والآسيوية، وكان تنظيمه يقوم بتصويرها ويبثها على شبكات الإنترنت، واستمرت سياسة "الذبح" ورعب الأعداء، حتى أصبحت شعارًا للتنظيم: "جئناكم بالذبح"، على يد أبوبكر البغدادي. أما عن الكتاب الأول: "مسائل من فقه الجهاد"، لعبدالرحمن العلي، وكنيته "أبو عبدالله المهاجر"، فهو البنية الفكرية، التي استمد منها الزرقاوي "فقه الدماء" - كما يطلق على الكتاب- وكل وسائل نشر الرعب والذبح، إذ أنه أحيا من التراث كل ما هو وحشي، يخيف القلوب وينشر الرعب. وعبدالرحمن العلي أو أبو عبدالله المهاجر، مصري الجنسية، يتمتع باحترام وتقدير من كل الجهاديين في العالم، تلقى علومه الإسلامية في باكستان، وكانت تربطه علاقة وثيقة بالزرقاوي، تخرج في الجامعة الإسلامية في إسلام آباد، واستقر بعض الوقت في أفغانستان حيث أنشأ مركزًا علميًا دعويًا في معسكر خلدن، ودرس في مركز تعليم اللغة العربية في قندهار، ثم في معسكرات المجاهدين في كابل، وتولى التدريس في معسكر الزرقاوي في هيرات، و كان مرشحًا لتولي مسؤولية اللجنة العلمية والشرعية في تنظيم القاعدة، وكان معتقلًا في إيران، وأفرج عنه وعاد إلى مصر بعد أشهر من قيام ثورة 25 يناير. ويعتبر "مسائل من فقه الجهاد"، وعدد صفحاته 600، الأساس الفقهي لمعظم المنطلقات الفقهية والدينية لتنظيم "داعش"، فهذا الكتاب لا نظير له في بحث وإيجاد الآثار والنقول كافة من التراث الفقهي، والتي تفضي إلى أبشع وسائل القتل، وخصص هذا الكتاب مبحثًا كاملًا بعنوان: "مشروعية قطع رؤوس الكفار المحاربين" أكد فيه أن "قطع الرؤوس أمر مقصود، بل محبوب لله ورسوله على رغم أنوف الكارهين، وأن صفة القتل بقطع رؤوس الكفار وحزها سواء أكانوا أحياءً أو أمواتًا صفة مشروعة درج عليها الأنبياء والرسل"، وقام مؤلف الكتاب بإيجاد الشواهد والآثار الدينية في تبرير وتسويغ مختلف وسائل القتل والتعذيب؛ فهو لم يكتفِ بالذبح والإحراق، وإنما تناول القتل بإلقاء الحيات والعقارب، وبالإغراق بالماء، وبهدم الجدر والبيوت، وبالرمي من الشاهق، وصولًا إلى نتيجة دعا إليها الكتاب بأن كل وسيلة تتحقق منها نكاية وإخافة وإرهاب في صفوف الأعداء، وكل وسيلة تخطف أرواحهم وتنتزع أرواحهم، فلا حرج في استعمالها. ويعد الكتاب موسوعة و مدونة فقهية تضم الآراء والآثار لعلماء وأتباع من المذاهب الأربعة. أما عن الكتاب الثاني، فهو "إدارة التوحش"، لأبوبكر ناجي، الذي قيل إنه مصري اعتمادًا على مقالاته الإلكترونية، التي عنونها ب"الخونة"، وأنه كان يعيش في مصر في التسعينيات، وتعود أهمية الكتاب، لأنه اجتهاد ديني يضاف إلى الاجتهادات المتنوعة التي جاءت بها الحركات الجهادية الإسلامية في الفترة الاخيرة، فضلًا عن كونه اجتهاد واضح وصريح، لا يداري ولا يأخذ بالأحكام "الوسطية"، بل يقرر قولًا قاطعًا وحقائق نهائية، وينبذ المواقف المغايرة لوجهة نظره نبذًا كاملًا، وجمع المؤلف بين التصورات الدينية والأفكار "الثورية"، ذلك أنه يقدم في مجال العمل السياسي والاستراتيجية العسكرية تصورات عملية، يمكن أن تأخذ بها القوى الإسلامية الأصولية، وقوى أخرى غير إسلامية. وتزامن صدور هذا الكتاب مع التحولات الاستراتيجية التي شهدتها الحركة السلفية الجهادية، وذلك بالتحول من مقاتلة "العدو القريب" المتمثل بالنظم السياسية العربية والإسلامية التي تصفها "بالمرتدة"، إلى مقاتلة "العدو البعيد" المتمثل بالغرب عمومًا والولايات المتحدةالأمريكية "رأس الأفعى" كما يصفونها، وإسرائيل على وجه الخصوص، ومنع من التداول في كثير من الدول العربية، وأصبح متاحًا لاحقًا في أكثر من 15 ألف رابط في الإنترنت، وترجمته وزارة الدفاع الأمريكية للغة الإنجليزية بعد أن عثرت المخابرات الأمريكية على وثائق ورسائل موجهة من وإلى "بن لادن" تشمل فصولًا من هذا الكتاب.