طرق احتفال المصري القديم بشم النسيم.. تلوين البيض والرقص

قال الدكتور علي أبو دشيش، خبير الآثار المصرية وعضو اتحاد الأثريين إن الأعياد في مصر القديمة كانت تسجل بالأسماء، كما كانت تجمع المصريين في دلالة على مدى الترابط بين أفراد المجتمع وكان المصري القديم عاشقا للطبيعة وللألوان.
سبب تسميه شم النسيم بهاذ الاسم
وأضاف خبير الآثار المصرية في تصريحات ل«الوطن»، أن أساس تسميه هذا اليوم بيوم شم النسيم، ترجع إلى الفراعنة فكان المصري القديم يقسم السنة إلى ثلاثة فصول وهي (أخت فصل الفيضان، برت وهو فصل الإنبات، وشمو وهو فصل الحصاد)، ومن هذه التسمية أخذت كلمة «شم» وهي تعنى فصل «شمو» أي الحصاد وتجدد الحياة واستمرار الوجود.
وكان أول ظهور لكلمة «شمو»، في مقبرة «ميروركا» في الأسرة السادسة بسقارة، وأضيفت لها في لغتنا العربية كلمة «النسيم» مثلما تضاف الكثير من المسميات المصرية مثل صان وأضيف لها الحجر فأصبحت مدينة صان الحجر الأثرية، وتونا وأضيف لها الجبل، فأصبحت تونا الجبل الأثرية، وتمت إضافة كلمة النسيم ليصبح اسم العيد شم النسيم، فكان العيد قديما في فصل شمو، يرمز إلى تجدد الطبيعة من حيث الحصاد وتفتح الزهور وعيد الخلق وبداية الزمن، وكان المصري القديم محبا للطبيعة وكان متأملا لكل ما فيها ووثق ذلك على جدران المقابر والمعابد.
أعياد احتفل بها المصري القديم
وتابع «أبو دشيش»، أن لدى المصري القديم العديد من الأعياد، بينها الأعياد الدينية والأعياد الملكية وأعياد الفصول وخلق الحياة والتجدد والاستمرار وأعياد الطبيعة والأعياد الكونية وعيد الزمن وعيد الخلق والتجدد.
ويرتبط هذا العيد المعروف بشم النسيم، بتجدد الحياة، فلاحظ المصري القديم أن الشمس تشرق ثم تغيب ثم تبعث من جديد، والقمر يضئ، ثم يظلم ثم يضئ من جديد، والفيضان يفيض ثم يغيض ثم يفيض من جديد، والنبات ينمو ثم يموت ثم ينمو من جديد، فمن هذا المنطلق آمن بالبعث بعد الموت من جديد، فكانت فكرة البعث والخلود فحافظ على الجسد إلى أبد الآبدين.
وكانت زهرة اللوتس المقدسة تؤكد على مفهوم التجدد والاستمرار وإعادة الأحياء مثل خروج تمثال الملك من زهرة اللوتس، فعندما تستنشق زهرة اللوتس، فإنك تشعر برائحة مصر، فكانت كل مقبرة بها الزهور ومناظر الصيد والرحلات النيلية واللقاءات الأسرية من مظاهر الاحتفالات وتجدد الحياة.
طقوس الاحتفال بشم النسيم
ونوه بأن من مظاهر الاحتفال الانطلاق إلى الأرض الخضراء والأرض الصفراء وعلى ضفاف نهر النيل والاستمتاع بالرقص والموسيقى، والخروج باكرا، والإبحار في النيل، والغناء والطرب، والاستمتاع بالطبيعة واستنشاق الزهور.
ولفت إلى أن البيض عند المصري القديم كان يرمز لبداية الخلق، وظهرت البيضة على التل الأزلي، وخرج منها الإله ليخلق السماء والأرض والهواء والرطوبة، كما هو في المعتقد المصري القديم، الإله الخالق الذي خلق نفسه بنفسه، وكما يشكل العالم على شكل هيئة بيضة، وبداية الكون وقصة خلق الكون، والبيضة أيضا بها بعث واستمرار، لوجود كتكوت صغير يخرج منها دلالة على استمرار الحياة.
وكان الاحتفال عند الفراعنة على نهر النيل على ضفاف «حابي» رب النيل، والذي صور في هيئة بشرية تجمع الذكر والأنثى، ويرمز إلى القوة والخصوبة، وكان يقدم السمك، وارتبط بهذا العيد فكان رمزا للحياة والنماء والخير، ووجود النيل العظيم وأما عن السمك المملح أو الفسيخ رم، فقد كان السمك عند المصري القديم هو أكثر شيء يتعرض للتلف، ولذلك عمد المصري القديم إلى تجفيفه وتمليحه للبقاء أطول مدة كافية بعيدا عن التلف للحفاظ عليه ويعطى وجبة مفيدة ليس بها دهون، وأما عن رمزيته فكان يذكرهم دائما بتجديد الحياة نظرا لتكاثر السمك بشكل كبير جدا فيذكر نفسه بالتجدد والاستمرار.
وكان الخس من الطعام المميز وكان رمزا للمعبود «مين» رب الخصوبة والتناسل الذي كان يعبد في أخميم بسوهاج، وكان يقدم له كقرابين ويحتوي الخص على مادة زيتية تساعد في الإخصاب وأثبت العلم الحديث أن للخس أهمية كبرى في عملية الخصوبة فيوجد به فيتامين H وبعض هرمونات التناسل.
أطعمة المصري القديم المهمة
وكان الخس والترمس والثوم من الأطعمة المهمة جدا لدى المصري القديم لمعرفة ما بها من فائدة كبيرة في قتل الجراثيم وزيادة الأملاح في الجسم وكذلك الحمص الأخضر وهو ما يعرف بالملانة، وجعلوا من نضوج هذه الثمرة مؤشرا على بداية وقدم الربيع.
ومن هذه الدلائل السابقة يتضح لنا أن بداية أعياد الربيع وتجدد الحياة ترجع إلى أكثر من 5000 عام إلى الدولة القديمة، وكان معروفا في مدينة أون «عين شمس»، التي كان بها اللبنة الأولى للخلق ومذهب التاسوع، وهو عيد البعث وخلق الكون وأول أيام الزمان.