تعددت التساؤلات التي يشوبها بعض الغموض بشأن نظام الحكم في إيران، خصوصًا أثناء الانتخابات الرئاسية أو الأحداث المتعلقة بالدولة الفارسية، بعدما أصبحت من الدول المؤثرة على الأحداث العربية والعالمية، حيث وصفها المحللون بأنها أصبحت "فزاعة" الولاياتالمتحدة وإسرائيل في الشرق الأوسط لدعمها "حزب الله" في لبنان، و"الحوثيين" في اليمن، و"حماس" في قطاع غزة الفلسطيني. فكرة "التباين السلطوي" في نظام الحكم الإيراني ظهرت بعد استغلال نظام "ولاية الفقيه" بعد وصوله للحكم عام 1979 وتتلخص تلك الفكرة بأنها تهدف إلى خلق توازن وظيفي بين السلطات تمنع سيطرة سلطة على أخرى، وعلى الرغم من ذلك فإن فكرة التباين السلطوي كانت تصب لصالح سلطة "الولي الفقيه" غير المحدودة أو المقيدة، وأصبحت مؤسسات الحكم في إيران من أكثر وأعقد المؤسسات وأكثرها تداخلاً، وكل ذلك لخدمة مؤسسة أو سلطة "الولي الفقيه". ويمكن تقسيم مؤسسات الحكم في إيران إلى المؤسسات السياسية والتي تشمل سلطات وهي مؤسسات الولي الفقيه، السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، والسلطة القضائية، والمؤسسات العسكرية والأمنية وتشمل الجيش والعديد من القوى العاملة في حقل الأمن الداخلي وأذرعها الخارجية والمؤسسات الاقتصادية والمؤسسات الاجتماعية والدينية، وفيما يلي شرحًا مفصلاً لكل مؤسسة: 1- الولي الفقيه "المرشد": تنص المادة الخامسة من الدستور الإيراني على أن جميع السلطات تمارس صلاحيتها بإشراف ولي الأمر، ويؤسس لذلك في المادة الثانية من الفصل الأول إذ يجعل الإيمان ب"الإمامة والقيادة المستمرة" إلى جانب الإيمان بالله والوحي والميعاد، باعتبارها أركان نظام الجمهورية الإسلامية. ول"المرشد" الصلاحيات الأكبر في إدارة الدولة وفق الدستور مثل: تحديد السياسات العامة لنظام جمهورية إيران الإسلامية بعد التشاور مع مجمع تشخيص مصلحة النظام، والإشراف على حسن إجراء السياسات العامة للنظام، وإصدار الأمر بالاستفتاء العام، والقيادة العامة للقوات المسلحة، وإعلان الحرب والسلام والنفير العام. 2- مجلس الخبراء: يتولى مجلس الخبراء اختيار "الولي الفقيه"، وينتخب من الشعب على أن تتوافر فيهم شروط المرجعية وفق المذهب الشيعي، فمعظمهم ممن يحملون لقب "آية الله"، ويمثل كل محافظة إيرانية على الأقل عضو في مجلس الخبراء، ويتكون من 86 عضوًا، ويخضع انتخابهم لحصيلة معقدة من العلاقات بين رجال الدين الشيعة وتأثيرهم في أوساطهم ومقلديهم. وينتخب الأعضاء لمدة ثماني سنوات، غير أن انتخابات المجلس لا تحظى بمشاركةٍ واسعة من الإيرانيين، ما يدل على اقتصار هذه الانتخابات على حلقة محددة وفئة بعينها من الشعب الإيراني. 3- مجلس صيانة الدستور: يشرف هذا المجلس على الانتخابات في إيران، ويقرر أهلية المرشحين لخوضها، سواء كانت انتخابات محلية أم تشريعية أو رئاسية، حتى إنه يشرف على أهلية مرشحي مجلس الخبراء، ويحق لمجلس صيانة الدستور تفسير الدستور، وتحديد مدى توافق القوانين التي تصدر عن مجلس الشورى مع الدستور والشريعة. ويقوم "الولي الفقيه" بتعيين الأعضاء الدائمين والمؤقتين لهذا المجلس، ويضم 12 عضوًا؛ ستة من رجال الدين وستة من القضاة، يعينون لمدة 6 سنوات، ويمكن للولي الفقيه تجديد عضوية من يشاء منهم، ويرأس المجلس حالياً آية الله أحمد جنتي، المعروف بتشدده، وأحد مراجع التقليد للشيعة. 4- مجمع تشخيص مصلحة النظام: وتم تدشينه استجابة لتوجيهات الخميني عام 1988م، ويحدد الدستور الإيراني مهام المجمع بأن يكون حكمًا بين مجلس الشورى ومجلس صيانة الدستور في حال نشوب أزمة بينهما، وتصبح قراراته بشأن خصومة الهيئتين "نافذة" بعد مصادقة المرشد عليها، ويقدم إلى المرشد الأعلى للثورة النصح عندما يستعصي حل مشكلة ما تتعلق بسياسات الدولة العامة. 5- رئيس الجمهورية: يُنتخب من بين الرجال المتدينين السياسيين من الشعب مباشرة لمدة أربع سنوات ولا يجوز انتخابه لأكثر من ولايتين متتاليتين، ومن صفات المرشح لهذا المنصب أن يكون إيراني الأصل ويحمل الجنسية الإيرانية، وقديرًا في مجالس الإدارة والتدبير، وذا ماضٍ جيد، وتتوافر فيه الأمانة والتقوى، ومؤمنًا ومعتقدًا بمبادئ جمهورية إيران الإسلامية والمذهب الرسمي للبلاد. ويقرر كل هذه الصفات وصلاحية المرشحين لخوض الانتخابات مجلس صيانة الدستور الذي يخضع لتيار المرشد في أقل تقدير، ويلعب مجلس صيانة الدستور بتوجيهٍ من المرشد دور الموازن بين المرشحين وذلك ضمن اعتبارات عديدة، تدخل فيها موازين القوى وعدم إثارة غضب الشعب، إضافة إلى ضمان عدم وصول من لا يتوافق مع نهج المرشد إلى هذا المنصب. 6- مجلس الشورى الإسلامي: تُمارس السلطة التشريعية في الجمهورية الإسلامية في إيران من خلال "مجلس الشورى الإسلامي"، وحدد الدستور، وبتفصيل شديد خلافًا لباقي السلطات، صلاحيات المجلس حتى إن عدد المواد التي أفردها للحديث عنه وتحديد صلاحياته تجاوز 38 مادة ضمن الفصل السادس من الدستور. وصلاحيات مجلس الشورى تتلخص بتفسير القوانين والتدقيق والتحقيق في جميع شؤون البلاد، والمصادقة على المواثيق والعقود والمعاهدات والاتفاقيات الدولية وعلى عمليات الاقتراض والإقراض أو منح المساعدات داخل البلاد وخارجها. 7- المجلس الأعلى للأمن القومي: يتشكَّل من رؤساء السلطات الثلاث "التنفيذية والتشريعية والقضائية"، ورئيس أركان القوات المسلحة، ورئيس منظمة الموازنة والتخطيط، وممثلين اثنين عن المرشد، وقائد الجيش، وقائد الحرس الثوري، ووزراء الخارجية والداخلية والأمن، ويترأس رئيس الجمهورية هذا المجلس ويعين أمينًا عامًا له يتولى إدارته. ويتولى هذا المجلس تحديد السياسات الدفاعية والأمنية للبلاد في حدود السياسات العامة المعينة من القائد، والتنسيق بين النشاطات السياسية والأمنية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية في إطار من الترابط المطلوب مع التدابير الكلية للدفاع والأمن، وتكون قرارات المجلس نافذةً بعد مصادقة المرشد عليها. المصادر: - دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية. - مركز سورية للبحوث والدراسات. - كتاب الإمام الخميني والحكومة الإسلامية.