سؤال من قارئ: بتقولوا «الزراعة» بتخسر، والفلاح ساب الأرض وراكب توك توك، وابنه عايز يسافر انشالله جيبوتى.. أُمَّال ليه فدان الأرض الزراعية وصل ببعض المناطق على الصحراوى نص مليون جنيه، وب«ميت بدر حلاوة» بالغربية، وصل مليون جنيه؟ والإجابة: من تجربتى عام 87، عندما قررت وأنا فى فرنسا مع صديق مقيم بولاية فلوريداالأمريكية، شراء أرض مساحتها 3500 فدان -غابات- الفدان ب600 دولار، وتكلفة استصلاحه وزراعته بالجريب فروت والبرتقال ستة آلاف دولار= 6600$، بعد 8 سنوات، بعناه ب7 آلاف دولار فقط لاغير!! لماذا؟ 1) لأن المساحة «الممكن زراعتها» بفلوريدا، 6 أضعاف المساحة بمصر + سكان فلوريدا 8 ملايين، والزيادة السكانية هناك ضعيفة جداً.. ولهذا سعر الفدان ثابت، لكن فى مصر: المساحة الزراعية «محدودة» لفقر الفكر وفكر الفقر + الانفجار السكانى + البناء على أراضٍ زراعية + حُب تملك الطين (باعتبار أننا جميعاً من أصول ريفية)، والتجربة أثبتت أن أفضل استثمار فى مصر هو «العقارات»، بغض النظر عن العائد السنوى.. ولهذا تجد التسقيع «ظاهرة»، فكل من لديه مدخرات يستثمرها فى حتة أرض!! 2) لأن فرص وإجراءات الاستثمار فى أمريكا متاحة وسهلة فى أى قطاع: التجارة، السياحة، الخدمات، بلا بيروقراطية أو تعقيدات، فلا يتكالبون على الاستثمار الزراعى المكلف والصعب. 3) لأن أى «مشروع»: تجارى- سياحى- صناعى- زراعى فى مصر، نجاحه على كف عفريت، بسبب البيروقراطية العقيمة، والروتين العفن، والتشريعات الفاسدة، والرشاوى، والجباية، ولن يحقق ما يحققه تسقيع الأراضى (سكنية أو زراعية)! 4) هنا البنوك عائدها 12% بحد أقصى، والتضخم السنوى يصل من 14 إلى 20%، إذن هو فى الحقيقة يخسر الفرق، وبالتالى فأى استثمار فى العقارات بمصر هو استثمار مربح جداً وجاذب للغاية، خاصة أنه لا يخضع لأى ضرائب على الربح، عكس العالم كله! أما حكاية «ميت بدر حلاوة»، «والفدان بمليون جنيه».. ليه؟ لمن لا يعلم: أغلبية المغتربين فى باريس، شباب من قرية ميت بدر حلاوة، يسيطرون على «أسواق القطاعى للخضر والفاكهة» فى شوارع باريس.. أيضاً على «أعمال البياض والدهانات» فى المعمار (القانون يُجبر مُلاك العقارات فى فرنسا على تجديد الواجهات لجميع المبانى، كل عشر سنوات)! هؤلاء الشباب يعملون، من الخامسة صباحاً فى عز الثلج، معظمهم متزوجون من تونسيات وجزائريات ومغاربة، يعرفن كيف يحصلن على «مساعدات» من الدولة، كل طفل يولد له مكافأة شهرية (وأغلبهم لديه 5، 4، 3 أطفال) + إعانات اجتماعية.. الجميل أن كل سنت يتكسبونه، يتم إرساله للأهل بمصر (للأسف بنك مصر بباريس لا يتعامل مع الجالية المصرية، عكس البنك المغربى الذى يتولى تحويلات المغاربة، ولهذا حديث آخر)، فكل مسافر من باريس لمصر -وأنا منهم- فى كل عودة يرجوه مغترب مصرى يعرفه، أن يحمل له فى جيبه، ما يعادل 10 آلاف دولار (المسموح به كاش للمسافر).. هذه التحويلات بملايين اليوروهات جعلت أهل القرية يتعاملون باليورو.. علبة السجاير باثنين ونص يورو، الجاموسة بألفين يورو، مهر العروسة باليورو، والمدهش أن بعض الشباب المغترب (من متوسطى التعليم)، يزايدون على بعضهم عند الزواج.. واحد يجيب للعروسة ثلاجتين + 2 تليفزيون + 2 بوتاجاز + 2 غسالة.. الثانى يجيب 3 غسالات و3 بوتاجازات!! ولهذا تجد «المضاربات» بشراسة على شراء الأراضى الزراعية.. دا اشترى نصف فدان، الثانى يشترى فداناً.. «عزبة الباشا بتاع زمااان» يتنافس على شرائها أغنى عشرة فى باريس.. كله بغرض «الوجاهة» (البيه رايح العزبة - البيه جاى من العزبة)، وليس بحساب العائد السنوى.. فمعروف فى أوروبا أن «قيمة العقار» يجب استردادها على 20 سنة.. تشترى شقة فى باريس إيجارها السنوى 30 ألف يورو.. يبقى ثمنها «30 ألف 20 سنة =600 ألف يورو».. وفى الأرض الزراعية (إيجار الهكتار ب6 آلاف يورو سنوياً، يبقى ثمن هذا الهكتار 120 ألف يورو).. فى مصر إيجار الفدان 6 آلاف جنيه سنوياً، المفروض يبقى ثمنه 120 ألف جنيه، مش نص مليون، ومليون!! صباح الخير سيادة الرئيس.. مطلوب من الحكومة: 1- تحفيز وتسهيل الإجراءات لكل راغب فى استثمار مدخراته بأى قطاع (خدمى- تجارى- صناعى- زراعى... إلخ)، فيقل الضغط على «تسقيع الأراضى». 2- 30% ضريبة على «الأرباح» لكل من اشترى وباع «أرض فضاء».. فهو لم يبذل جهداً، ولم يضف للناتج القومى شيئاً (فى فرنسا 40% ضرايب). 3- وقف «الانفجار السكانى» الذى يأكل الأخضر واليابس، كما فعلت الصين، وسنغافورة: «طفل واحد» لمدة خمس سنوات، وبعد أن نهضوا ببلدهم، احتاجوا أيدى عاملة، فدعموا الإنجاب!! (فرنسا من خمسين سنة 60 مليون نسمة، والآن 66.. الستة مليون الزيادة عرب وأجانب)!!.. ولهذا ترى وتلمس التنمية والرخاء، ولا يوجد «مضاربات»! وبغير ذلك: الفلاح هيحسبها (عنده فدان هيبيعه بمليون، يحطه وديعة، هياخد 60 ألف جنيه أرباح سنوياً).. يزرع إيه يجيب فى السنة 60 أو 30 أو حتى 10 آلاف؟ ويوجع قلبه ليه؟ ونستكمل الثلاثاء المقبل.